في العام 1988 تصدّر اسم طارق دسوقي افيشات السينما مسبوقاً بلقب "نجم 88" وتوقع له الجميع الصعود نحو القمة والتربع عليها. ولكن فجأة اختفى اسم طارق دسوقي من على الشاشة الكبيرة مكتفياً بالوجود فقط على شاشة التلفزيون. وأخيراً اقتحم دسوقي مجالاً جديداً هو الانتاج التلفزيوني لكي يعمل على تقديم اعمال "جيدة تساهم في ازدهار الحركة الفنية". "الحياة" التقته وطرحت عليه عدداً من الاسئلة: لماذا لم تحقق نجومية تتناسب مع كثرة الاعمال التي قدمتها والتوقعات الكبيرة التي صاحبت بداياتك؟ - لا تعنيني مسألة الشهرة أو النجومية بقدر ما يعنيني حب الناس والجمهور لي ولأعمالي. فأنا يسعدني ان اكون معروفاً من قبل ألف شخص يكنّون لي حباً وتقديراً في قلوبهم أكثر من ان اكون معروفاً من قبل مليون شخص لا يكنون لي نفس القدر من الحب والاحترام. ولهذا ادقق جيداً في أعمالي ولا اقبل أي عمل دون المستوى. فالكيف اهم عندي من الكم. هل ندمت على أعمال قدمتها خلال مشوارك الفني؟ - طوال مسيرتي الفنية لم اقدم عملاً فنياً واحداً يمكن أن أندم عليه او اخجل منه، لانني مؤمن بأن الفن يجب ان يكون موجهاً ويحمل رسالة ومضموناً وفكراً يحاول من خلاله الفنان ان يغوص في مشاكل الناس ويحاول أن يجد حلولاً لها وإن لم يستطع ان يحقق ذلك فعلى الاقل يحاول أن يرتقي بهؤلاء الناس فكرياً وثقافياً وحضارياً. وهذا ما يحكم اختياراتي فيما اقدمه من اعمال منذ ان بدأت مشوار التمثيل وحتى الآن. طموحات ما سر الخصام بينك وبين السينما رغم انها كانت نقطة انطلاقك؟ - رغم ان بداياتي الفنية كانت من خلال السينما ومن خلال مجموعة كبيرة من الافلام الناجحة التي شاركت فيها مثل العار والسادة المرتشون ولا تسألني من أنا والاوباش والتي اخرجها مجموعة من كبار المخرجين، إلا انها كانت ادواراً صغيرة لم تتح لي الفرصة من خلالها لأبرز طاقاتي الفنية، ومن هنا جذبني التلفزيون بشكل أكبر لانه اتاح لي الفرصة لتحقيق طموحاتي الفنية من خلال سلسلة من البطولات والادوار الرئيسية، وعندما جذبني الحنين مرة اخرى للسينما كان كل ما يعرض عليّ يندرج تحت لافتة افلام المقاولات والتي لا تتناسب معي، ففضلت ان أعيش في جلباب التلفزيون لتقديم اعمال راقية ومحترمة عن أن اصنع نجومية سينمائية زائفة من خلال افلام لا طائل منها في الوقت الحالي الذي تعيش فيه السينما المصرية ازمة حقيقية. فبعد ان كنا ننتج سنوياً أكثر من 120 فيلماً تقلص هذا العدد فوصل الى 10 أو 12 فيلماً فقط في العام. ولكن كلي أمل انه عندما تنفرج هذه الازمة وتعود السينما الى سابق عهدها كماً وكيفاً، سيجد جيلي والاجيال المقبلة فرصتهم الحقيقية والتي يمكن أن تنمو مع الادوار والاعمال الجيدة اينما وجدت، سواء في السينما او المسرح او التلفزيون او الاذاعة. وما رأيك في الاتجاه نحو خصخصة السينما؟ - لا يمكن فصل خصخصة السينما عن السياسة العليا للدولة التي تتجه حالياً نحو الرأسمالية ومشاركة القطاع الخاص في معظم المجالات والنشاطات المختلفة. والسينما جزء من هذه المجالات. ولكن اذا كنا نبحث عن دور للدولة تقدمه للسينما فيجب ان يكون هذا الدور في اطار التوجيه والاشراف والأخذ بيد السينما والارتقاء بها وستصبح المسؤولية على الفنانين والمبدعين الحقيقيين الذين يعشقون السينما ويؤمنون برسالتها والعمل على الارتقاء والنهوض بها. أخيراً.. اتجهتَ الى الانتاج الفني، ما الذي دفعك لهذا الاتجاه؟ - بعد ما لاحظت ان معظم شركات الانتاج الفني في مصر يديرها منتجون منفذون كانوا في ما مضى يعملون لحساب المحطات والقنوات الفضائية العربية والآن صاروا منتجين منفذين لاتحاد الاذاعة والتلفزيون المصري تسآءلت لماذا لا يتحمل اصحاب المهنة الحقيقيون مسؤولية انتاج وتوزيع وتسويق اعمالهم باعتبارهم أحرص من غيرهم على اعمالهم وبالتالي يكونون أكثر حرصاً على تقديم أعمال ذات مستوى فني عالٍ خوفاً على اسمائهم ومكانتهم ومهنتهم وهذا ما دعاني إلى السعي نحو هذا المشروع. اخترت كلمة يوتوبيا اسماً لشركة الانتاج الخاصة. فماذا تعني بذلك؟ - فكرة انشاء الشركة نبعت من اسمها الذي يعني "المدينة الفاضلة" "يوتوبيا" التي حلم بها الفيلسوف اليوناني افلاطون. واحاول من خلال هذا الاسم ان أؤكد ان الفن الجيد يصنع مدينة فاضلة ونحن في مجالنا نبذل اقصى ما لدينا من جهد لتحقيق هذه المقولة. ما هي ابرز الاعمال التي نفذتها شركتكم؟ - انتجت الشركة مجموعة كبيرة من السهرات والمسلسلات منها مجموعة سهرات بعنوان "اوراق من المجهول" هي عبارة عن سبع سهرات درامية مدة كل منها ساعة ونصف الساعة ويحمل كل منها عنواناً خاصاً وأبطالاً ومخرجين متعددين وغيرها من الاعمال. هل تعتقد أن "هوجة" الافلام الشبابية التي ظهرت اخيرا على الساحة الفنية كانت مغامرة من ابطالها؟ - لا استطيع ان ازعم انها مغامرة لأن السينما تتمثل في سيناريو او موضوع جيد ومخرج جيد وممثل جيد يحقق في النهاية عملاً جيداً سيفرض نفسه على الجمهور والنقاد. لذلك فإنني أرى ان موجة الافلام الشبابية التي ظهرت اخيراً، ظاهرة طيبة، وأي محاولة من جانب الفنانين الشبان تحمل قدراً من الصدق وتتوافر فيها عناصر نجاح العمل الفني، سيكتب لها النجاح بغض النظر عن الاسماء المشاركة في هذه الاعمال. وكيف ترى ظاهرة مغالاة بعض الفنانين في اجورهم؟ - المسألة عرض وطلب فإن لم يكن الفنان يساوي الاجر الذي سيتقاضاه لن يسعى إليه المنتج. وأعتقد انه للتغلب على تلك الظاهرة يجب على المنتجين والمخرجين ان يبحثوا ويكتشفوا وجوهاً جديدة تثري الشاشة وتخلق نوعاً من التنافس الشريف. وهذا من شأنه ان يقضي على ظاهرة مبالغة النجوم في الحصول على اجور فلكية نظير قيامهم ببطولة اعمال فنية.