في الوقت الذي ينادي فيه الجميع بتقنين نظام "المنتج المنفذ" في المسلسلات التلفزيونية، لما آلت اليه احوال العملية الانتاجية اخيراً من دخول "عناصر لا تمت الى الفن بأية صلة بغية تحقيق أرباح مادية من دون النظر الى مستوى ما يقدم من اعمال على الشاشة"، اتجه عدد غير قليل من الفنانين سواء كانوا مؤلفين او ممثلين الى تكوين شركات للانتاج الفني في محاولة جادة، الامر الذي اضطر لجنة السياسات الاعلامية الى اتخاذ قرار بمراجعة نظام المنتج المنفذ وتعديل الضوابط الخاصة بهذا النظام من خلال زيادة الرقابة الميدانية على الاعمال أثناء تنفيذها والالتزام بمواعيد تسليمها. وكان عدد من الفنانين عمد الى تكوين شركات للانتاج الفني في "محاولة جادة" - على حد قولهم - للاهتمام بالكيف من دون الكم، وتقديم ما هو جاد ومفيد من منطلق الحفاظ على أسمائهم وسمعتهم واعتبارات فنية اخرى. حول اسباب تكوين هؤلاء الفنانين شركات للانتاج الفني، يقول الممثل والمنتج عبدالمحسن سليم صاحب شركة "الخير" للانتاج الفني والتوزيع: "أثناء أدائي العمرة ذات مرة التقيت وصاحب شركة انتاج فني في عمان واتفقنا ان اكون نائباً عنه في التعاقد مع ممثلين من مصر ومصاحبتهم الى الاردن للعمل هناك. وتطورت المسألة عندما طلب مني أن اصور مشاهد أعماله الخارجية في القاهرة، فبدأت الاستعانة بمديري انتاج تعلمت منهم الكثير وكبرت الشركة لتصبح شركة مساهمة كنت احد المساهمين فيها. وانتجنا اعمالاً مشتركة كثيرة منها مسلسل "قلب الليل"، سيناريو وحوار محسن زايد وبطولة ممدوح عبدالعليم وسوسن بدر وحمدي غيث وسحر رامي ومدحت صالح واخراج بسام سعد، ثم استقليت بشركتي ومارست الانتاج في مصر وحيداً كشركة خاصة انتجت اعمالاً عدة منها "السحور على مائدة أشعب" لصلاح السعدني ودلال عبدالعزيز واخراج مراد الخولي و"حبيبي ... حبيبتي" تأليف سميرة محسن وبطولة مصطفى فهمي وتيسير فهمي وجلال الشرقاوي واخراج احمد السبعاوي، و"نار ورماد" عن قصة يوسف القعيد "الحداد" وسيناريو وحوار عاطف ابو روح واحمد هاشم، وبطولة طارق دسوقي ووفاء صادق وحسن حسني، واخراج توفيق حمزة، وغيرها، ويؤكد سليم: "أن من أهم مقومات اختياري للنص الذي اتولى انتاجه ان يدعو الى الفضيلة ويقدم قيمة ويبني انساناً ولا يكون فيه اسفاف او عري". ويقول عن "هوجة" المنتج المنفذ: "هذه ظاهرة صحية جداً لان افلام المقاولات القديمة افرزت لنا ثلاثة او اربعة منتجي سينما على مستوى عالٍ، وأؤكد ان مسلسلات المقاولات ستفرز خمسة منتجين جدد يستطيعون تقديم شيء جيد لأن العملة الجيدة دائماً تطرد الرديئة من السوق". أما الممثل طارق دسوقي والمؤلف مصطفى ابراهيم فكونا في العام 1997 شركة للانتاج الفني والتوزيع تحمل عنوان "يوتوبيا" وكان باكورة انتاجها مسلسل "اوراق من المجهول" عرض في رمضان الماضي على قناة النيل للدراما وتناوب اخراجه في تجربة جديدة ثلاثة مخرجين هم توفيق حمزة وابراهيم الشوادي وباسم محفوظ عبدالرحمن وألفه مصطفى ابراهيم وقام ببطولته سمية الألفي وشيرين ونبيل الحلفاوي وكمال ابو رية وطارق دسوقي وندى بسيوني ويونس شلبي وسعاد نصر. وعن تكوين الشركة يقول المؤلف مصطفى ابراهيم "من خلال تعاملي وطارق دسوقي في الفن سواء في مجال التأليف أو التمثيل واحتكاكنا بالانتاج التنفيذي المعمول به حالياً، اكتشفنا للاسف ان المنتجين ليسوا فنانين وانما هم منتجون من اجل الربح فقط، لأنهم ينظرون الى المسألة المادية فقط من دون الإلتفات الى المستوى الفني، ففكرنا أنه لا بد أن نقوم بدورنا مادام الانتاج التنفيذي مفتوحاً للجميع اذن فالاولى بأبناء المهنة أن يكونوا حريصين على مستوى جودة العمل". وتقول الفنانة شريفة ماهر، التي عادت الى الفن بعد غياب طويل وكونت منذ ثلاثة اعوام شركة "هوليود" للانتاج الفني وكان باكورة انتاجها فيلم "ابناء الشيطان" قصة ابراهيم عفيفي وسيناريو وحوار بشير الديك، وبطولة حسين فهمي وفاروق الفيشاوي وعبير صبري وغسان مطر والوجه الجديد طارق عبدالواحد - واخراج ابراهيم عفيفي: "المفروض، مع احترامي للجميع، أن يكون من يدخل مجال الانتاج الفني فناناً، على الاقل، لأن هذا هو مجال الفنان وهذا سيجعله اكثر فهماً من غيره". ويقول المؤلف السيد حافظ الذي كوَّن اخيراً شركة "الذهبية" للانتاج الفني ويصور من انتاجها حالياً مسلسل "أنا وبناتي في الزحام" تأليفه وبطولة زيزي البدراوي واحمد خليل وسيد عبدالكريم وغادة عبدالرازق وميرنا المهندس ومحمد متولي وممدوح وافي واخراج محمد عبدالسلام: "ما دفعني الى تكوين شركة للانتاج الفني اربعة اسباب هي دخول عناصر من خارج الوسط الفني تقوم بالانتاج لمصالح شخصية ومزاجية وتعمل على اتلاف القيم والمبادئ والجمال، وثانياً تبنى الانتاج بشكل عام مما يؤدي الى خلل في البنية الفكرية في المجتمع خاصة ان الفن في عصر الفضائيات يعتبر قنبلة نووية فكرية، إذ يمكن للعالم كله ان يشاهد حالياً عملاً فنياً من دون رقابة او حواجز، وقد يكون هذا الجانب خيراً ولكن ايضاً له شروره واضراره. إلى جانب انني لم أجد من يحتضن أحلامي البسيطة في القطاع الخاص الا نادراً أو مصادفة، والمنتج الفنان غير موجود الآن بنسبة كبيرة، وكذا الرغبة في الحفاظ على المكاسب الاعلامية بفتح منافذ للمنتجين المصريين للقيام بدور عميق وايجابي في إثراء الحركة الفنية وقيامهم بدور المنتج المنفذ". وكانت الفنانة مديحة حمدي كونت شركة للانتاج الفني وكذلك الفنان حسن يوسف - اما ابرز المنضمين الى نظام المنتج المنفذ فهما الفنان صلاح السعدني وهالة فاخر.