للتوقيت أسراره وجمالياته... ورغم معرفتنا المسبقة ان العام يضم اثنين وخمسين اسبوعاً وأن الاسبوع يشتمل على سبعة أيام وأن الساعة تتكون من ستين دقيقة، فإن المفاجآت غالباً ما تتزامن مع ما يفرضه التوقيت. ففي انكلترا هيمن الشعور العام منتصف العام ان الايرلندي روي كين لن يجدد عقده مع ناديه مانشستر يونايتد مع انتهاء الموسم. وبدأ كين الحرب الكلامية، وأكد انه لن يبقى مع يونايتد الا في حال تعديل راتبه الاسبوعي، ثم عاد ولمح الى انه لن يبقى حتى لو تحسن عرض النادي الانكليزي له. وفي لمح البصر، تغير اسلوب طرح كين، اثر تسببه المباشر في خسارة فريقه أمام فيورنتينا في دوري أبطال اوروبا. العرض السلبي لكين في تسعين دقيقة كان كافياً لاقناعه بالتواضع والعودة الى طاولة المفاوضات مع ناديه الانكليزي، مؤكداً ايمانه بالمثل المعروف عصفور في اليد خير من عشرة على الشجرة. التوقيت لا يقتصر على الرياضة فحسب، بل يشمل معظم الأصعدة حتى السياسية منها. فقد همست في اذني احدى المولعات بمتابعة شؤون الحكومات البريطانية ان قصة حمل زوجة رئيس الحكومة البريطانية الحالي قد تكون لها توجهات سياسية، فرئيس الوزراء كان يعاني منذ أشهر عدة من انخفاض في شعبيته بشكل لم يسبق له مثيل منذ تسلمه رئاسة حزب العمال. قضية الحمل وما لها من ابعاد انسانية كانت لها تأثيراتها الايجابية على استعادة شعبية رئيس الوزراء البريطاني عافيتها، وربما كان التوقيت مجرد صدفة. وليس خفياً على متابعي كرة القدم ان الاتحاد الدولي للعبة قرر تأجيل الاعلان عن هوية الدولة المنظمة لنهائيات كأس العالم 2006 الى ما بعد منتصف العام المقبل، علماً بأن الموعد الأصلي كان في الربع الأول من العام. الاتحاد الدولي برر قراره هذا بداعي افساح المجال أمام الدول الخمس المتنافسة على شرف الاستضافة للترويج بشكل أفضل لملفات ترشيحها. قرار تغيير موعد الاعلان كانت له دلالاته التوقيتية غير المعلنة. فهناك اشارة واضحة الى المانيا وانكلترا المتنافستين على الاستضافة بضرورة الالتزام بحفظ الأمن ومحاربة الشغب اثناء بطولة الأمم الأوروبية التي ستقام منتصف العام المقبل في بلجيكا وهولندا. وليس من الصعب التوقع ان أي شغب محتمل، انكليزي أو الماني، أثناء بطولة الأمم الأوروبية سيكون قشة تقصم ظهر ملف الترشيح، ليس الألماني أو الانكليزي فحسب، بل الملف الأوروبي ورجحان كفة الملف الافريقي الذي طالما لمح الاتحاد الدولي الى أنه الأكثر حقاً في استضافة النهائيات، وإن لم يكن الأفضل فنياً ولوجيستياً. ورغم أسرار التوقيت وجمالياته في عالمنا الذي يطوي أيامه الأخيرة من القرن العشرين، فإن التوقيت في عالمنا الرياضي العربي لا يزال على حاله منذ اختراع الساعة اليدوية، لا يختلف كثيراً عن عاداتنا في تحديد مواعيدنا مع اصدقائنا بقولنا: "نلقاكم هذا المساء".