بقدر ما كان طموح رياضيي تونس في ان يطبعوا نهاية القرن بطابعهم عن طريق نادي تونس الاول، الترجي، بقدر ما كانت خيبة أملهم. ذلك ان الترجي لم يكن في قمة مستواه في وقت كان مطلوباً منه أن يرتقيها حتى ينتزع كأس ابطال اندية افريقيا لكرة القدم من الرجاء البيضاوي المغربي، وحتى ينال 3 ملايين دولار وحتى يشارك في كأس اندية العالم الاولى الشهر المقبل في البرازيل في عرس لا اضخم ولا أحلى. لقد دغدغ الحلم مخيلة الجميع منذ ان تعادل الفريقان من دون أهداف ذهاباً في الدار البيضاء، ورئيس النادي سليم شيبوب، زوج ابنة الرئيس زين العابدين بن علي، أرخى لحيته منذ المباراة الاولى وكأنه أقسم ألا يتخلص منها إلا بعدما يحتضن الكأس الغالية. ثم فاز الرجاء بركلات الترجيح 4-3 ولم يعد أحد يسمع عن شيبوب أي حس أو خبر. منذ اسبوعين والشارع التونسي يغلي. فالكأس في الجيب، والقرنفل الاصفر والاحمر لونا الترجي يوزع مجاناً في الشوارع، الى أن كانت المباراة وقد غصت المدرجات بنحو 50 الف متفرج تقدمهم رئيس الاتحاد الافريقي عيسى حياتو الذي قلده الرئيس بن علي وساماً رفيعاً قبل 24 ساعة. وراوح سعر بطاقة الدخول بين 10 و150 ديناراً، أي بين نحو 10 و150 دولاراً. وفرض شباب الرجاء انفسهم بفضل حسن استعدادهم الذهني ودهاء مدربهم الارجنتيني اوسكار لويس فولون، أما الترجي فكان شبحاً لنادي تونس الاول حيث غلب التسرع على ادائه وانعدمت نجومية لاعبيه خصوصاً النيجيريين اديث اغوييه وجوليوس اغاهوا والشاب علي الزيتوني. وتوقفت المباراة زهاء 25 دقيقة بعد الهرج والمرج الذي فرض نفسه إثر القرار الذي اتخذه الحكم بطرد قائد الرجاء جريندو في الدقيقة 13 واحتسابه ركلة جزاء. واذ اثرت الدقائق ال25 سلباً على التوانسة فإنها أثرت ايجاباً على المغاربة الذين عوضوا بحماستهم وتركيزهم النقص العددي. والكأس كانت مكتوبة للمغاربة. فقد رد حارسهم الشاذلي ركلة الجزاء التي سددها وليد عزيز ببراعة الى ان وصل الفريقان الى ركلات الترجيح لحسم الموقف. وتعلقت انظار التوانسة وآمالهم بقدم حارسهم المعروف شكري الواعر عندما كان يهم بتنفيذ ركلة ترجيح حاسمة. وبرغم كل خبرته، فإن اعصابه خانته وأهدى الكرة الى الحارس الآخر الشاذلي، فضاع حلم التسعينات ودب السكون في شوارع العاصمة وخلت الشوارع من المارة بعد الافطار على غير عادة، ومر الخبر في وسائل الاعلام بلمح البصر. فنهاية القرن، بلغة الكرة الافريقية، كانت مغربية.