خيمت أجواء متفائلة على محادثات الرئيس المصري حسني مبارك ووزيرة الخارجية الاميركية مادلين اولبرايت بعد الاعلان عن استئناف المحادثات السورية - الاسرائيلية الاسبوع المقبل في واشنطن بما يمهد لاستضافة القاهرة المؤتمر الاقتصادي لدول الشرق الاوسط وشمال افريقيا في آذار مارس المقبل. واطلعت اولبرايت مبارك ووزير خارجيته عمرو موسى، خلال المحادثات التي جرت امس في منتجع شرم الشيخ على ساحل البحر الاحمر، على الصيغة التي وافق عليها السوريون والاسرائيليون لاستئناف المحادثات من النقطة التي توقفت عندها في ايار مايو 1996. وخلال المحادثات عبرت الوزيرة الاميركية عن قناعتها بإمكان حل المشاكل بين الفلسطينيين والاسرائيليين عبر المفاوضات الجارية بين الجانبين. وعقد وزيرا الخارجية موسى واولبرايت مؤتمراً صحافياً في ختام زيارة الاخيرة لمصر عبر خلاله موسى عن سعادة الرئيس مبارك ازاء التقدم الذي تم احرازه في عملية السلام في الشرق الاوسط خصوصا التقدم الذي تحقق على صعيد استئناف محادثات السلام بين سورية واسرائيل. ولفت موسى الى ان منتجع شرم الشيخ شهد العديد من التطورات الايجابية على صعيد تحقيق السلام الشامل - في اشارة الى استضافة شرم الشيخ لقمة صانعي السلام في اذار مارس 1996 وتوقيع الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي اخيرا على البروتوكول التنفيذي لاتفاق واي ريفر. واوضح ان زيارة اولبرايت لمصر تأتي في ختام جولة ناجحة اسفرت عن الاستئناف المتوقع لعملية السلام على كل المسارات، مشيرا الى ان اجتماع مبارك بحث في عدد من القضايا منها عملية السلام على المسارين السوري والفلسطيني ومشاكل اخرى في المنطقة اضافة الى العلاقات الثنائية. اما اولبرايت فقالت: "اجريت مشاورات مهمة مع الرئيس مبارك. والرئيس بيل كلينتون وانا شخصياً نكن تقديراً بالغاً للقيادة البارعة للرئيس المصري ونصائحه الحكيمة"، ولفتت الى ان الولاياتالمتحدة ومصر اقامتا على مدى ربع القرن الماضي شراكة استراتيجية قادرة على تعزيز جهودهما من اجل تحقيق الاهداف المشتركة في شرق أوسط يتمتع بالسلام والرفاهية"، مؤكدة ان مصر "كدولة رائدة في عملية السلام ستلعب دوراً مهماً في الشهور المقبلة التي ستشهد نشاطاً مكثفاً". واوضحت ان استئناف المفاوضات على المسار السوري - الاسرائيلي امر مشجع للغاية وهو مؤشر الى ان الرئس السوري حافظ الاسد ورئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك عازمان على الوصول الى اتفاق بسرعة. وزادت: "يوجد تصميم مماثل على المسار الفلسطيني - الاسرائيلي، وعرفات وباراك ملتزمان بالوصول الى اتفاق حول قضايا الوضع النهائي بحلول منتصف شهر شباط فبراير. ونحن نعتقد بأن تحقيق التقدم على المسارين السوري والفلسطيني يجب ان يحفز عملية السلام واستئناف المفاوضات على المسار اللبناني والمفاوضات المتعددة الاطراف والتعاون الاقليمي". وقالت: "اتفقت والرئيس مبارك على ضرورة ان تبدأ المفاوضات متعددة الاطراف في اقرب وقت ممكن". كما تطرقت المحادثات المصرية - الاميركية الى قضية السودان وسقوط الطائرة المصرية قبالة السواحل الاميركية اخيراً ووصفت اولبرايت الحادثة بأنها "خسارة فادحة" ادت الى سقوط ضحايا من المصريين والاميركيين، والتعاون الوثيق بين الجانبين سيمكنهما من الوصول الى الحقيقة. واوضحت ان التحقيقات المشتركة التي تجري بشأن اسباب تحطم الطائرة المصرية تتم بأسلوب علمي، لكن المحققين لم يتوصلوا بعد الى نتيجة ولا يتعين على اي شخص القفز الى نتائج او التسرع في اصدار حكم يقوم على معلومات جزئية او غير صحيحة. واشارت الى ان "حلول مناسبات مقدسة لأصحاب الديانات المختلفة مثل رمضان وعيد الميلاد والالفية الجديدة يعطي مشاعر بأن المنطقة التي كانت مهبط الاديان السماوية الثلاثة تمر بمفترق طرق تاريخي" وانه "بفضل قيادة مصر وعملنا المشترك اعتقد بأن بإمكاننا انتهاز الفرصة للمساعدة في جعل عام 2000 عاماً للسلام في الشرق الاوسط". ورداً على سؤال عن التزام اسرائيل والفلسطينيين بالجدول الزمني للوصول الى الاتفاق الاطار بحلول منتصف شباط فبراير المقبل برغم الخلافات القائمة بين الجانبين، قالت: "هناك تصميم من الجانبين ونحن نعترف من جانبنا جميعاً بان القضية الفلسطينية هي قلب عملية السلام في المنطقة". وانتقلت الى ملف الاستيطان، وقالت: "اعتقد بأن رئيس الوزراء ايهود باراك اتخذ خطوات مهمة للحد من بعض الانشطة الاستيطانية"، مشيرة الى ان هذا الموضوع يشكل اهمية خاصة حساسة بالنسبة الى الفلسطينيين، واضافت: "ان موقفنا بشأن هذا الموضوع معروف جداً والجانبان التزما تسوية المسألة في اطار الاتفاق الاطار وان يعملا من اجل تحقيق ذلك". وبالنسبة الى الخلافات على الخرائط بين الفلسطينيين والاسرائيليين قالت: "لمست خلال اجتماعي مع الرئيس الفلسطيني أنه سيسعى الى تذليل العقبة والتزامه بالمفاوضات". وفي سؤال عن إمكان نقل اليهود من الاراضي العربية المحتلة في حال الوصول الى سلام على غرار ما حدث في سيناء، قالت "المفاوضات التي ستبدأ قريباً ستبحث في الانسحاب والامن ومضمون السلام والجدول الزمني وغيرها من القضايا محل التفاوض. ونحن كوسيط أمين نرى أنه ليس من المناسب التعليق على قضايا بعينها". وكررت أولبرايت أن الجانبين السوري والاسرائيلي مصممان أن تمضي عملية السلام قدماً ويمكن تحقيق مطالبهما من خلال التفاوض. وبخصوص ما دار خلال زيارتها الى دمشق والاسباب التي تدعوها الى التفاؤل قالت "جئت الى المنطقة هذه المرة في محاولة للوصول الى تقويم اتجاه المفاوضات على المسار الفلسطيني. وخلال زيارتي الى السعودية وسورية تولد لدي شعور وزادت قناعتي بأن الرئيس الاسد يعتقد بإمكان بدء المفاوضات مع اسرائيل". وعن اسباب ثقتها في امكان التوصل الى اتفاق بين الاسرائيليين والفلسطينيين في شباط فبراير المقبل، قالت: "انني متفاءلة بعد نجاح الجانبين في تسوية مسائل برزت على السطح خلال المفاوضات والتعامل مع القضايا الصعبة حتى في حال عدم تمكنهما من الالتزام بالوقت المحدد". وعبرت اولبرايت عن سعادتها بالاتفاق على استئناف المفاوضات على المسار السوري، وقالت "ذكرت مراراً وتكراراً ان استئناف المفاوضات على المسار السوري لن يكون له تأثير على المسار الفلسطيني او يؤخر او يقلل اهتمامنا بمسار على حساب الآخر، واكدت ان القضية الفلسطينية هي جوهر قضية السلام". وتدخل موسى قائلاً إن ما قالته اولبرايت "يجدد الاطمئنان لكنني احذر من منهج اما هذا او ذاك"، في اشارة الى سياسة اسرائيل. وقال: "لا توجد منافسة بين المسارات وكل مسار يمكن ان يساند المسار الآخر". ووصف استئناف المفاوضات على المسار السوري بأنه "خطوة مهمة باتجاه السلام الشامل ويضيف قوة الى المسار الفلسطيني ولا يحل محله ويمكن للمسارين ان يسيرا معاً وأن يتطورا اضافة الى المسار اللبناني". وعما يمكن ان تقوم به اشنطن حيال الاستيطان الاسرائيلي، قالت اولبرايت: "نحن جميعاً مهتمون بقضية الانشطة الاستيطانية، وسبق ان اكدنا انها تعقد المحادثات، وهناك تطور ايجابي تمثل في اتخاذ رئيس الوزراء الاسرائيلي خطوات مهمة للحد من الانشطة الاستيطانية. ونحن نشعر بقلق ازاء الاستيطان الاسرائيلي الذي سيتم بحثه في مفاوضات الوضع النهائي على المسار الفلسطيني".