الكتاب: المجتمع في مصر الإسلامية. الكاتبة: هويدا عبدالعظيم رمضان. الناشر: الهيئة المصرية العامة للكتاب - مكتبة الأسرة - 1999. هذا الكتاب أطروحة ماجستير عن أهم مراحل التحول في تاريخ مصر من الحكم البيزنطي الى الحكم العربي، وهذا يعني مجموعة تحولات دينية ولغوية وثقافية وقانونية. ومثل هذا التحول الشامل الذي غطى كل تفاصيل الحياة الاجتماعية، لم يحدث قبل ذلك في تاريخ مصر الطويل بتحولاته العديدة. فالتحول من الحضارة القبطية - الإغريقية الى الحضارة الإسلامية العربية كان تحولاً حاسماً ونهائياً. ويبدأ الكتاب/الاطروحة بفصل تمهيدي، تتناول فيه الباحثة هويدا عبدالعظيم رمضان نظام الحكم في مصر قبل الفتح الإسلامي العربي، وذلك لتحديد الطبقات الاجتماعية التي كانت تحكم والطبقات التي لم تكن تحكم، ما ييسر متابعة التغير الذي طرأ على المجتمع بعد الفتح العربي. وينقسم الكتاب الى خمسة أبواب ترتبط ببعضها بعضاً، ارتباط الظاهرة بالسبب: فالباب الأول عن النظام الاقتصادي، والثاني عن نظام الحكم، والثالث عن التكوين الاجتماعي للمجتمع، والرابع عن الحياة العقلية، والباب الخامس عن حركة البناء والتشييد. وفي الباب الأول تتناول الكاتبة الملكية العقارية في مصر، ومهدت لذلك ببحث عن أنواع الأراضي في الدولة الإسلامية، ثم طبيعة الفتح العربي لمصر، وكذلك تتناول أشكال الحيازة العقارية مثل: الاقطاع والأحباس "الأوقاف" ونظام القبالات. وتنتقل بعد ذلك الى نظام جباية الخراج والجزية في مصر وتناقش فيه مسألة الخلط بين الخراج والجزية في المصادر العربية موضحة أوجه التشابه والاختلاف بينهما كالآتي: الخراج والجزية يجتمعان من ثلاثة أوجه، ويفترقان من ثلاثة أوجه - حسب تعبير الماورديپ- الذي يقول: أما الأوجه التي يجتمعان فيها: فأحدها، أن كل واحد منهما مأخوذ من مشرك، صَغاراً له وذمة. والثاني: أنها مال فيء، يصرفان في أهل الفيء. والثالث: أنهما يجبيان بحلول الحلول ولا يستحقان قبله. أما الأوجه التي يفترقان فيها: فأحدها، أن الجزية نص، وأن الخراج اجتهاد، والثاني، أن أقل الجزية مُقدر بالشرع، وأكثرها مُقدر بالاجتهاد، والخراج أقله وأكثره مُقدر بالاجتهاد. والثالث: أن الجزية تؤخذ مع بقاء الكُفر وتسقط بحدوث الإسلام، والخراج يؤخذ مع الكفر والإسلام. وتخصص الكاتبة الباب الثاني لنظام الحُكم في المجتمع المصري، وقسمته الى ثلاثة فصول: "النظام الإداري" وتتناول فيه طبيعة النظام الإداري الذي وضعه العرب للمجتمع المصري، والمناصب الرئيسية التي تولاها العرب وهي الوالي - صاحب الخراج - صاحب البريد - المُحتسب - وصاحب الشرطة. وتتناول المؤلفة النظام الحربي، متعرضة للجيش من حيث قوته وعدده، وحامية الاسكندرية، وديوان الجند ونظام التجديد، وبعد ذلك تعرضت للأسطول من حيث نشأته على يد العرب وتصنيعه ونظام تشغيل الأقباط على السفن. وتدرس الباحثة النظام القضائي وأنواع المحاكم العادية - محاكم النظر في المظالم - محاكم أهل الذمة - قضاء الجند. وتعرض كذلك للشهود وأماكن انعقاد المحاكم وإنشاء سجل القضايا ورواتب القضاة. وفي نهاية هذا الفصل خصصت جُزءاً لنظام السجون في الدولة الإسلامية وخصوصاً في الدولتين الطولونية والأخشيدية. وتتناول الباحثة في الباب الثالث، التكوين الاجتماعي للمجتمع المصري. وهذا الباب مقسم الى فصول ثلاثة. وتناقش في الأول تعريب المجتمع المصري، وعوامل اصطباغه بالصبغة العربية. وتحدثت أولاً عن هجرة القبائل العربية وبداية نزوحها الى مصر ومناطق سكناها والعوامل التي أدت إلى هجرتها وأسباب اختلاطها بالمصريين والأعمال التي اشتغل بها العرب في مصر. وفي الثاني تناولت دور المرأة في المجتمع، وأشارت الى قلة ما تحتويه المصادر العربية عن دور المرأة وخصوصاً في هذه الفترة. وفي الفصل الثالث تناولت الباحثة العادات والتقاليد في المجتمع وما طرأ عليها من تحول وفقاً لانتقال المجتمع الى الإسلام والعروبة. وتحدثت كذلك عن الأعياد الدينية للقبط والمسلمين واليهود، والأعياد القومية، واحتفالات الزواج والألعاب والملابس والأطعمة والأشربة والقرافة والجنائز. وخصصت الباب الرابع لدرس الحياة العقلية في المجتمع المصري. وقسمته الى فصلين، الأول عن الحركة العلمية والأدبية وتعرضت فيه لتأثير الفتح العربي على الحركة الفكرية، والقوى الاجتماعية التي أسهمت في الحركة العلمية. وحاولت توضيح مدى تأثر المركز الفكري للاسكندرية بالفتح العربي. وتحدثت عن المراكز الجديدة للحركة الثقافية والعلمية التي أشعلت مصباح الحضارة الإسلامية وحلت محل الحضارة اليونانية المسيحية. وأشارت الى ثلاثة مراكز: الجوامع والمساجد والزوايا، مجالس الوزراء والعلماء، المراكز الثقافية العامة مثل سوق الورّاقين. أما الثاني فخصصته للكلام عن الفنون. فلقد كان تغير الفن في مصر بمثابة ضرورة تحتمها طبيعة النظام العربي الجديد الذي يدين بالاسلام، فظهر فيها ما يُعرف ب"الفن الإسلامي". وقسمت الباحثة تاريخ الفن الى مرحلتين: الأولى: من الفتح العربي الى العصر الطولوني، والثانية: من العصر الطولوني الى الفاطمي. وتناولت التغيرات التي طرأت على زخارف النسيج والخشب، وعلى التصوير والعمارة والمساجد. وقسمت الباحثة الباب الخامس، وهو عن البناء والتشييد في المجتمع المصري، الى ثلاثة فصول، الفصل الأول، عن العمائر المدنية وتناولت فيه العواصم والمدن والجواسق والمارستانات والحمامات والعيون والقناطر. وتناولت في الثاني العمائر الدينية الجوامع والمساجد والكنائس والمصليات. وفي الفصل الثالث تناولت العمائر التجارية القيساريات والفنادق. وبهذا الكتاب/الأطروحة تقدم هويدا عبدالعظيم رمضان نفسها بوصفها مؤرخة جديدة واعية بمتطلبات البحث العلمي الجاد.