الدفاع المدني: هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    مشاعل السعيدان سيدة أعمال تسعى إلى الطموح والتحول الرقمي في القطاع العقاري    حلول ذكية لأزمة المواقف    التدمير الممنهج مازال مستمراً.. وصدور مذكرتي توقيف بحق نتنياهو وغالانت    إجراءات الحدود توتر عمل «شينغن» التنقل الحر    ترمب يستعيد المفهوم الدبلوماسي القديم «السلام من خلال القوة»    وزير الرياضة يوجه بتقديم مكافأة مالية للاعبي فريق الخليج لكرة اليد    أشهرالأشقاء في عام المستديرة    د. عبدالله الشهري: رسالة الأندية لا يجب اختزالها في الرياضة فقط واستضافة المونديال خير دليل    إطلالة على الزمن القديم    أرصدة مشبوهة !    الثقافة البيئية والتنمية المستدامة    عدسة ريم الفيصل تنصت لنا    المخرجة هند الفهاد: رائدة سعودية في عالم السينما    «بازار المنجّمين»؟!    مسجد الفتح.. استحضار دخول البيت العتيق    تصرفات تؤخر مشي الطفل يجب الحذر منها    أخضرنا ضلّ الطريق    أشبال أخضر اليد يواجهون تونس في "عربية اليد"    5 مواجهات في دوري ممتاز الطائرة    البيع على الخارطة.. بين فرص الاستثمار وضمانات الحماية    لتكن لدينا وزارة للكفاءة الحكومية    ترمب المنتصر الكبير    صرخة طفلة    «إِلْهِي الكلب بعظمة»!    فعل لا رد فعل    المياه الوطنية: واحة بريدة صاحبة أول بصمة مائية في العالم    محافظ عنيزة المكلف يزور الوحدة السكنية الجاهزة    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    إنعاش الحياة وإنعاش الموت..!    المؤتمر للتوائم الملتصقة    خبر سار للهلال بشأن سالم الدوسري    دوري روشن: الهلال للمحافظة على صدارة الترتيب والاتحاد يترقب بلقاء الفتح    حالة مطرية على مناطق المملكة اعتباراً من يوم غدٍ الجمعة    العوهلي: ارتفاع نسبة توطين الإنفاق العسكري بالمملكة إلى 19.35% مقابل 4% في 2018    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    عسير: إحباط تهريب (26) كغم من مادة الحشيش المخدر و (29100) قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي    الشاعرة مها العتيبي تشعل دفء الشعر في أدبي جازان    الأمن العام يشارك ضمن معرض وزارة الداخلية احتفاءً باليوم العالمي للطفل    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    أمير القصيم يستقبل عدد من أعضاء مجلس الشورى ومنسوبي المؤسسة الخيرية لرعاية الأيتام    مدير عام فرع وزارة الصحة بجازان يستقبل مدير مستشفى القوات المسلحة بالمنطقة    ضيوف الملك: المملكة لم تبخل يوما على المسلمين    سفارة السعودية في باكستان: المملكة تدين الهجوم على نقطة تفتيش مشتركة في مدينة "بانو"    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    الصقور السعودية    «المسيار» والوجبات السريعة    وزير العدل يبحث مع رئيس" مؤتمر لاهاي" تعزيز التعاون    أفراح آل الطلاقي وآل بخيت    رسالة إنسانية    " لعبة الضوء والظل" ب 121 مليون دولار    استهلاك عدد أقل من السجائر غير كافٍ للحد من الأضرار التي يتسبب بها التدخين    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    وصول الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة للمدينة المنورة    سموه التقى حاكم ولاية إنديانا الأمريكية.. وزير الدفاع ووزير القوات المسلحة الفرنسية يبحثان آفاق التعاون والمستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"شاغل الناس" بين معجب ومنتقد في انتظار "ستوديو الفن 2000" : سيمون أسمر : البرامج الثقافية ثقيلة وانا لست جمعية خيرية !
نشر في الحياة يوم 05 - 11 - 1999

المخرج التلفزيوني سيمون أسمر، لا يملأ الدنيا، لكنه يشغل الناس بين معجب ببرامجه ومتتبع، ومنتقد لها لأنها "تسهم في جعل الفن هابطاً". وقد تكون هاتان النظرتان المتناقضتان أحد أسباب نجاح أسمر الذي دخل عالم التلفزيون، وهو في السابعة عشرة من عمره، "ليتسلى ويؤمن في الصيف مصروف جيبه، فيعجب به القيمون على "تلفزيون لبنان" ويتعاقدون معه..." وما زال الى الآن، منذ اكثر من اربعين سنة، مخرج برامج منوعات ومسلسلات.
"الحياة" حاورته، على خلفية النظرتين المتناقضتين الى اعماله، ولقرب عودة "ستوديو الفن 2000" الى شاشة "المؤسسة اللبنانية للارسال"، في "يوبيله الفضي". صحيح انه لا يملك فكرة عما سيكون عليه البرنامج في مطلع الألفية الثالثة، لكنه يؤكد انه سيركز فيه على التراث الذي لشدة تعلقه به، هجر قريته "التي لم يعد فيها بيت تراثي واحد بعدما طاولتها يد الحرب"، ولجأ الى قرية تبقي الجذوة التراثية مشتعلة في داخله. وهنا وقائع الحوار:
ما السر الذي يجعل برامجك التلفزيونية ناجحة على المستوى الشعبي، علماً أنها ليست كلها مهمة وذات مستوى؟
- ما المعيار للحكم على برنامج أنه مهم أو غير مهم؟
برنامج "ليلة حظ" مثلاً الذي لم يفد المشاهد في شيء سوى التسلية؟
- صحيح، كان برنامج تسلية عامة شاملة يريح المشاهد بعد أسبوع من العمل المضني، ولكن تزامن عرضه مع برنامج "نادي النوادي" الذي أضاء على التراث اللبناني والعربي، بكل جوانبه، ولم يكن هدفنا منه إبراز الجانب الحديث عندنا، بل أصالتنا التاريخية المميزة. وفي العودة الى المعيار، هل نأخذ بما يقوله خمسة في المئة من الناس ولو كانوا مثقفين ومتعلمين في برنامج ما، وعليه يجب أن يباع هذا البرنامج بأعلى الأسعار، وليست هذه حاله بالضرورة؟ أم نأخذ بالبرنامج الذي يستقطب أكبر عدد من المشاهدين وأكبر كمية من الإعلانات؟
برامجي من العام 1972 الى اليوم في المراتب الأولى، حتى أن ثلاثة منها بين العامين 1992 و1994 حلّت أولى وثانية وثالثة. وعلى رغم كل ذلك، لم أعتبر نفسي الأهم. بل أعتبر أني أتسلى وأُسَر، وعندما يبطل لدي هذا الشعور، أتوقف. وعندما ينتفي إعجابي ببرنامج لي، أوقفه، لأن نظرتي النقدية قاسية. وهذا ما حصل مثلاً مع "كأس النجوم".
ألن تعيد عرضه؟
- بلى، منتصف العام 2002.
نحن عالم خامس
في غياب وسائل التوعية الثقافية عموماً، وغياب البرامج الثقافية عبر التلفزيون، يصبح النمط الذي تتبعه كأنه تسخيف للعقول والأمور، ينتج عنه مستقبلاً جمهور سطحي.
- إذا كنا نستعمل التلفزيون للثقافة، فلكوننا عالماً خامساً. إذ ليس هناك تلفزيون في العالم يعتمد الثقافة، ولا حتى في الولايات المتحدة التي تبهر الناس بعظمتها، باستثناء الفترة ما بين الحادية عشرة قبل الظهر والخامسة بعده، لأنها لا تستقطب مشاهدين كثراً، والذين يتتبعون البرامج خلالها لا قيمة تجارية أو معنوية لهم، لأنهم إما عاطلون من العمل وإما مسنون وإما مرضى. إذا تابعت المحطات الأميركية بين السادسة مساء والعاشرة ليلاً، تضرب رأسك بالحائط مئة مرة، لأن كل البرامج "طق حنك" ولهو وتسلية.
لكن هذا ليس مقياساً.
- إذا لم تكن الولايات المتحدة المقياس. من المقياس؟
تتوافر فيها بدائل أخرى.
- ما هو البديل؟ لماذا تريد أن يأخذ التلفزيون أدوار وزارات التربية والثقافة والفنون؟ فلتبدأ الحكومة اللبنانية مثلاً بتخصيص "تلفزيون لبنان" الرسمي بالجوانب الثقافية والتربوية والأخلاقية، بدلاً من لجوئه الى البرامج الترفيهية، غير الناجح فيها. ليركز على ذلك. فكيف تريد من مشاهد ما أن يفهم شكسبير مثلاً، إذا كان بلا أخلاق؟ شكسبير كان ذا أخلاق، لم يهدم العائلة مثلاً، بل نقدها عندما كانت تعاني ثغراً لإيصال رسالة بناءة. اليوم عائلتنا اللبنانية التي كانت ملتحمة وأصيلة، فقدت كثيراً من هاتين الميزتين، لأن ما من أحد أو شيء ساعدها: لا الإقتصاد ولا التنشئة، لا الوطنية ولا الدين، لا الأحزاب ولا الحكومات.
الحرب لم تقع في لبنان للأسباب التي ترد عنها، بل لأن الأخلاق قلّت. لذا على الحكومة اللبنانية أن تعرف من أين تبدأ بتنشئة الأجيال، صحيح أننا نحتاج الى الجسور والطرق والبنى التحتية، لكن التنشئة تحتاج إلى تلفزيون مثالي، حتى إذا لم يعجب المواطن ببرامج على التلفزيونات العاملة، يلجأ الى تلفزيون هادف. ثم لا تنسَ أن البرامج الثقافية ثقيلة.
ولكن مثلما نجحت في برامج المنوعات، نجحت في برامج ذات طابع ثقافي ك"نادي النوادي" و"الأول ع ال.بي.سي." و"دار الفنون". لماذا لا تركز على ذلك، إلا إذا كان الأمر ليس في يدك، بل في يد المحطة مثلاً؟
- المحطة تجارية، وعليها أن تواكب المعيشة اليومية، والسوق. كل شيء اليوم تجارة. لنترك المحطات التجارية تقوم بعملها، ولنخصص المحطات الرسمية للتنشئة والتربية والعلوم والفنون، وإطلاع الناس على سير الكبار في حقول عدة. ضع "تلفزيون لبنان" في عهدتي، أنشئ لك أفضل محطة من هذا النوع، وكن أكيداً أن جيلاً وطنياً سينشأ.
تفوهت بما هو خطير عندما دعوت الى أن تحصر قضايا الأخلاق والقيم بالتلفزيون الرسمي، أتفتقد في برامجك الى هذه؟
- لا أفتقد إليها قط. ولكن إذا ركزت عليها في شكل مباشر في محطتي، لن تعود عليها بالربح.
من سيقرأ حديثك سيقول أنك ومحطتك تبدّيان الجانب التجاري على الأخلاق والثقافة.
- أنا من يتمتع بأخلاق. لا أسمح لأي من مقدمات برامجي أن تجلس على كرسي وتتحرك عليه يساراً ويميناً، لأن في هذه الحركة قلة أخلاق، أو أن يظهر إبطها عندما ترفع يدها، لأنها مقدمة برنامج وليست فنانة ترقص وتغني، أو أن تضع رجلاً على رجل. كل مقدمات برامجي ومقدميها يتمتعون بأخلاق، وإذا لم يكونوا كذلك، لا يظهر هذا الجانب منهم على الشاشة، وعندها تظهر للناس أن الأخلاق عظيمة. فالأخلاق لا تُعلم، بل تُمارس، لأن ثمة ميلاً لدى الناس الى رفض التلقين.
شركة "ستوديو الفن" التي أسستها، فيها الجانب الفني الجيد، والجانب التجاري، ما هي نسبة كل منهما في ذهنك وممارستك؟
- الجانب التجاري أكيد، لأنني لست جمعية خيرية. لا أدعي أنني أسست شركة لأرفع مستوى الناس، بل هي شركة تجارية تتعهد فناناً تعلمه على الأقل، الحد الأدنى لطريقة تصرفه في المجتمع وتعامله مع الناس واللياقات الإجتماعية، وبالتالي كيف يغني، على يد أساتذة اختصاصيين في غير مجال.
طلّة جميلة
كيف نجحوا إذاً ما دامت هذه العناصر غير متوافرة فيهم؟
- هم يتمتعون بالطلة الجميلة والصوت الجميل، وهما معطيان أولان. أما الأداء فليس عطية، بل يتم بالتعلم والإكتساب. وبعد أن يتعلم الفنان في مؤسستنا هذه المبادئ، نوجد له أسلوباً خاصاً يليق بصوته وحضوره ونطلقه فيه. من هنا تجد تنوعاً بين فناني هذه المؤسسة وأساليبهم.
تنوع من أجل ملء ساعات برامجك، أو للعمل في المطاعم؟
- أولاً ليكونوا حاضرين لبرامج التلفزيون، وثانياً ليعيشوا، أما أين يعملون، فلكل مرتبة. ليس كل الذين يعملون مثلاً في صحيفة، رؤساء تحرير، بل فيها محررون وعاملون ومنضدون ومصورون وسائقون... وكلهم ضروريون لإنجاح العمل، وإذا غاب عنصر منهم لا تصدر الصحيفة. نحن نمنح فرصة لمن ينتسب الى مؤسستنا، فإذا لم يفلح في الغناء مثلاً نركز على تلقينه الموسيقى، فقد يصبح ملحناً أو عازفاً. ولا نتدخل أين يعملون. ليعملوا ما يريدون. فالعمل، أياً يكن، ليس عيباً.
ثمة سؤال يتكرر: هل يتحمل لبنان مغنين ومغنيات بهذه الكثرة؟ ولماذا كثرتهم ما داموا يؤدون أغاني متشابهة؟
- ليس بين المتعاقدين مع مؤسستنا من يغني مثل الآخر.
أقصد أن ألحانهم متشابهة.
- لست أنا من يلحن. هذا عمل الملحنين. لو أن منصور الرحباني وزكي ناصيف "يلحِّقان عليّ"، لما كانت هناك ألحان متشابهة، لكن إنتاجهما قليل.
لكنك لا تتعامل إلا مع ملحنين من مؤسستك؟
- لا. أتعامل مع أي ملحن ناجح. هل طلبنا من زياد الرحباني لحناً ولبَّانا؟ الملحنون معروفون، وعطاءاتهم تتشابه أحياناً، إما لكثرتها وإما انسجاماً مع "الموضة". ومن يريدون البقاء خارج "الموضة" لا يمكنهم توفير لقمة عيشهم. الملحن الممتاز اليوم يلحن لمغنٍ ممتاز، وهذا لا يعني أن يقدم فنه في دار الأوبرا في مصر، بل في مكان يؤمن له عيشه، ما دام لا يلقى من الدولة دعماً مادياً يقيه أن يغني في مطعم أو مهرجان في قرية. لماذا لا تخصص الحكومة مثلاً جزءاً من عائدات الضرائب والرسوم لتشجيع الفنون ودعمها؟
ثمة مغنون في الخارج ينتجون أغنية واحدة تؤمن له عيشاً رغيداً.
- يعتاشون منها طبعاً، لأن ثمة وزارة اقتصاد تحميهم.
لكن قانون الملكية الفنية والأدبية أقر في لبنان أخيراً لهذا الهدف.
- أين هو هذا القانون؟ السرقة القرصنة ما زالت قائمة، وعلى الطرق. فهنا بائع متجول على عربة تابع لوزير، وآخر صاحب محل يدعمه نافذ ما أو حزب ما. والى أن يصحح الوضع، كما يجب، كن أكيداً أن شركات الإنتاج لا تعود تنتج إلا الأغنية الجيدة، لأنك تكون مجبراً، لسماعها، على شرائها في شكل شرعي، بما يعود على الملحن والشاعر والمغني والمنتج بالأرباح.
إذا صحح الوضع، ألا يتأثر نمط عملك القائم على "استهلاك كبير" للفنانين في برامجك؟
- لا، لا يتأثر، اليوم نسوّق ما يريده الناس، ولكن إذا صحح الوضع أعود الى الإنتاج الجيد، لا بل أكثر ألجأ الى تجارب جديدة متقدمة. اليوم تكلف الأغنية الجيدة، بين لحن وكلمة وتسجيل، نحو عشرة آلاف دولار، لا يمكنك تحصيل قرش من مردودها، لذا نفضل إنتاج أغنية بألفي دولار، فقط لتقليل حجم الخسارة. لم نربح مرة من أسطوانة، وننتج الأسطوانات للترويج لمجموعة الفنانين المنتمين الى مؤسستنا، ليس إلا. حتى الذي طبع لنا سرقنا...
حيال ذلك، هل تحركت قضائياً لحماية إنتاجك؟
- تحركت، وعلمت أن الجهاز المختص يقصد المحل أو التاجر "المقرصن"، ويهدده بوقف عمله أو إغلاق محله، فيرشوهم... وينصرفون.
فنانون عرب
عملك لم يعد يقتصر على الفنانين اللبنانيين، بل بت تتعامل مع فنانين عرب، ما السبب؟
- لأنهم يعتبرون أن الإنطلاقة من لبنان مهمة. ووقّعت عقوداً مع عدد منهم لشراء أغانيهم أو ألحانهم فقط. ثم إنني أفضل أن أواكب فناناً ناشئاً، من "ستوديو الفن"، من البداية، أربيه وأعطيه أسلوباً، كما أربي أولادي، على أن أعمل لفنان كبير. لا أحب عمل الأمبرزاريو.
ثمة فنانون ناجحون متعاقدون معك، تركوك، فلم ينجحوا خارج إطارك. هل أنت سبب نجاحهم؟ أوَلا يعني هذا أن عناصر النجاح الأساسية غير متوافرة لديهم؟
- ثمة أمر لا يعرفه كثر في هذا المجال، هو المؤسسة التي تقف وراء الفنان الناجح. وأعطيك مثلاً جوني ستارك الذي صنع مجد المغنية الفرنسية ميراي ماتيو، طول 23 عاماً، وفي مقابل 70 في المئة حصة له من مجموع ما تحصله من أرباح. وقد قبلت هذا الشرط، منذ البداية ولم تطالب بتغييره يوماً، لأنها بما حققته مالياً ساعدها على إعالة عائلتها الكبيرة وجعلها تعيش في رغد، فضلاً عما أمنتها لها مؤسسة ستارك، التي راحت تتوسع على مر السنين، من شهرة فنية جعلتها إحدى أبرز المغنيات في العالم. اهتم ستارك بماتيو، من تسريحة شعرها، الى لباسها، ونوعية أغنياتها، رافعاً عنها هذه الهموم، لتبقى هي مرتاحة. وبعد وفاته، أوقفت الغناء عرفاناً له بالجميل. وما زالت تعيش في بحبوحة، وتنصرف الى الإهتمام بجمعيات خيرية أسستها.
أما في لبنان، فعندما تساعد أحداً لمدة معينة، ويصبح مشهوراً، يحس ان كل من أسهموا في نجاحه ليسوا شيئاً، فيتخلى عنهم، ويحاول التحليق وحيداً. لكنه لا يدرك أن التقويم العام هو للناس الذين يعرفون تماماً ان مؤسسة ما وراء نجاحه، لذا عندما يسمعون هذا الفنان ينكر فضل المؤسسة عليه، ينصرفون عنه، من منطلق نفسي يجعلهم يعتبرون أن لا رابط بينهم وبينه. وعليه، ليس مهماً أن تقول لأحد ما أنك تحبه، يكفي أن تظهر له ذلك.
شرحت الجانب التجاري، ولكن فنياً، من اعتبرته يوماً أحد أفضل الأصوات التي ظهرت في آخر عشرين سنة وائل كفوري وأطلقته وحققت له نجاحاً كبيراً، عندما تركك سنة فشل، أي أنه لا يملك مقومات النجاح، وأنت سبب نجاحه، ما السبب؟
- لأنه لم يعرف كيف يسوّق نفسه، عبر المؤسسة التي تعامل معها، فراحت هي تتعلم منه. لا أعتبر أنها فشّلته، بل أبعدته قليلاً عن الأضواء.
الآن عدتما معاً، وكانت الباكورة أغنية عن "الصلحة". وثمة ملاحظة أنك تعكس في أغاني الكفوري قصة حياته بكل مراحلها. من يهتم بذلك في رأيك؟
- هذا جزء من التسويق. وهذا أساس لما سيبنيه لاحقاً. غنى وائل للجيش اللبناني كثيراً، وخصوصاً "أنا بكرا رايح عَ الجيش" فانتشرت كما ولا أي أغنية، وباعت حتى في دول خليجية عدة.
هل تعتبر نفسك محطة قائمة في ذاتها ضمن محطة "ال.بي.سي."؟
- أنا قسم من هذه المحطة. ورئيس مجلس الإدارة بيار الضاهر يتمتع بصفات قد تقرأها ايجاباً وسلباً. نحن أقسام، ولكل منها استقلاله. وأنا من الذين لم يفشِّلوا بيار الضاهر، ولم يجلبوا له مشكلات.
الكبير يساعد الصغير
إذا عملت في مؤسسة أخرى، هل تضمن لنفسك النجاح الذي حققته في "ال.بي.سي."؟
- أولاً أقيم قسماً على غرار ما هي الحال عليه اليوم. ثم لا تنسَ أنني عندما بدأت في "ال.بي.سي." أتيت من نجاح. وما اكتسبته منها ثقة منحني اياها المدير العام، فأجبرني على تحمل مسؤولية كبرى، خصوصاً أن التلفزيون يستهلك الأفكار والوجوه، وعليك أن تحافظ على التنوع وتجدد دائماً. حتى كسبنا ثقة العالم العربي كله، ومن يريد فيه أن يشتهر، يقصدنا.
لماذا تركز في المدة الاخيرة على الوجه الناعم بين من ينجحون في برامجك، حتى الذكور بينهم؟
- من قال ذلك؟ أنا لا أحب الوجه الناعم الذكوري. أما إذا ظهر فنان ما كذلك، فليتماشى مع الأغنية التي يؤديها. "الكاريسما" ضرورية على الشاشة، وهي لا تتطلب جمالاً، بل شخصية مميزة محببة. وأنا من شخصية صوت المغني، أحضر له الشكل المناسب، وإلا ظهر تناقض فيه يرفضه الناس.
ستعود قريباً الى عرض "ستوديو الفن"، بعد أربع سنوات على آخر عرض. ما جديده السنة؟
- سؤال لا أعرف بعد بما أجيب عنه، لأن لا فكرة معينة لدي، إذا كان عندك أفكار، ابدأ بمساعدتي. أنا التزمت الموعد، وهذا كل شيء حتى الآن. أتطلع الى الأمام، ولكن ليس الى البعيد، وإلا لكنت قادراً اليوم على العيش في رخاء وسعادة، كما يعيش معظم الذين تخرجوا في برنامجي.
لهذا السبب أسست "شركة ستوديو الفن" إذاً؟
- كلا، الشركة هدفها تأمين استمرار للفنانين ومدخول من الكبير ليساعد الصغير.
إذا لم تأت بجديد ل"ستوديو الفن"، ألا تخشى الوقوع في التكرار؟
- طبيعة البرنامج معروفة، والتكرار هنا ليس سيئاً، كأن تقول لامرأة حبلى، كيف ستلدين؟ وعلى رغم ذلك، سيكون ثمة جديد، وربما في المجال التراثي، أنا أحب التراث كثيراً، وآسف لأننا نفقده شيئاً فشيئاً.
متى ستتعب وتتقاعد؟
- يقال ان المرأة التي تلد تتجدد خلاياها. وأنا بعد كل دفعة خريجين من "ستوديو الفن"، أحس أنني أتجدد، لأنني أحيا مع أجيال جديدة، أربيها فنياً.
ألا تمل؟
- كلا، لأن الناس لا يتشابهون. عندي ثلاثة أبناء ذكور، لم أربِّ واحداً منهم مثل الآخر، وكذلك هم الخريجون. على كل حال، قد أتوقف عن العمل عندما أعجز صحياً.
سؤال أخير، يلاحظ أنك هادىء خلال عملك في الإخراج، على خلاف ما يشتهر به المخرجون خصوصاً لجهة أنهم يغضبون كثيراً ويصرخون في وجه العاملين معهم؟
- أعتبر أن المخرج الذي يصرخ كثيراً، ذو شخصية ضعيفة. المهم أن يكون الاعداد للبرنامج كاملاً من كل النواحي، ليسير كل شيء في هدوء، وإذا لم يتمالك المخرج أعصابه، يفشل البرنامج.
هذا هو سرك إذاً، التحضير الجيد، والهدوء، والرؤية الشاملة للعمل؟
- ثمة أمر أهم، هو الحب. فإذا لم تحب عملك وضيف برنامجك وتحترم مشاهدك، تظهر على الشاشة أخطاء عدة لا يلاحظها كثر، لكن المشاهد الذكي يقرأها. من هنا الصورة التي أقدم بها عملي، تظهر ما في داخلي، وأنا أحترم كل من يمر في برامجي، فلا أبرز أي أمر عاطل فيه، لأن قيمة برنامجي من قيمته، بل أقدم أفضل ما فيه الى المشاهد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.