ردت السلطة الفلسطينية بعنف على بيان انتقدها بشدة واتهم الرئيس ياسر عرفات بانه "أشرع الابواب للانتهازيين ليعيثوا في الشارع الفلسطيني فسادا"، فاتهمت الموقعين عليه بأنهم "ضلوا عن الطريق الوطني" واعتقلت اربعة منهم ووضعت اثنين آخرين قيد الاقامة الجبرية، فيما تردد انها تدرس رفع الحصانة عن الأعضاء في المجلس التشريعي النواب الموقعين تمهيدا لمحاكمتهم بتهمة التحريض. وكانت مجموعة من عشرين شخصية وطنية اتهمت في بيان وجهته الى ابناء الشعب الفلسطيني أول من أمس، السلطة الوطنية باتباع سياسة من "الفساد والتضليل والاستغلال للشعب الفلسطيني"، داعية الى مواجهة "الطغيان والفساد". وضمت المجموعة تسعة نواب من بينهم رئىس لجنة الرقابة وحقوق الانسان في المجلس التشريعي الدكتور حسن خريشة، وعضو اللجنة رأفت النجار ورئيسة الكتلة الديموقراطية في المجلس كتلة معارضة للسلطة النائب راوية الشوا، وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وزير الزراعة السابق النائب عبدالجواد صالح، وعضو المكتب السياسي ل"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" احمد قطامش، ورئيس بلدية نابلس السابق بسام الشكعة، ورئيس بلدية عنبتا السابق وحيد الحمدالله. ورداً على ذلك، اعتقلت قوات الامن الفلسطينية في اليومين الماضيين الدكتور عبدالستار قاسم المحاضر في جامعة النجاح في مدينة نابلس، والطبيب عبدالرحيم كتانة المقيم في مدينة طولكرم شمال الضفة ايضا، والطبيب ياسر ابو صفية وهو احد سكان مدينة نابلس شمال الضفة في عيادته وسط المدينة. كما اعتقل في مدينة رام الله الباحث والكاتب عادل سمارة، فيما فرضت الشرطة الفلسطينية الاقامة الجبرية على الشكعة والحمدالله. وقال وزير الشؤون البرلمانية نبيل عمرو ان المجلس التشريعي سيعقد جلسة خاصة للبحث في مصير النواب الموقعين على البيان الذي اعتبره تحريضا ضد السلطة. وقال: "مهما كان القرار فسيكون وفقا للقوانين"، مشيراً الى ان ذلك يتضمن رفع الحصانة البرلمانية عن النواب لمحاكمتهم بتهمة التحريض ضد السلطة، وهي تهمة قد تعني الحبس بين ستة اشهر وثلاث سنوات. واعتبر الامين العام لمجلس الوزراء الفلسطيني احمد عبدالرحمن الموقعين على البيان "مجموعة تقف بعيدا عن الصف الوطني ولا تحركها الا وساوس وهواجس ذاتية، وضلّت عن الطريق الوطني الى حد الانحراف عن رؤية الواقع على حقيقته"، واصفا البيان بأنه "يخلو من اي حقيقة". ورغم اعترافه بوجود سلبيات "لا نخفيها ولا تخفى على احد وتجري معالجتها والتصدي لها على الصعيد الرسمي والوطني"، الا انه اتهم الموقعين على البيان بأنهم يحاولون "تيئيس الشعب الفلسطيني في هذه المرحلة الحرجة من تاريخه". وفي المقابل، قال خريشة ل"الحياة" ان توقيعه على البيان يأتي "بصفته نائبا في المجلس التشريعي ويمثل قطاعا من الشعب"، مشيرا الى ان الموقعين هم من "الشخصيات المستقلة التي لا تنتمي الى اي تنظيم، خصوصا ان اخر استطلاع للرأي اشار الى ان نسبة المستقلين في اوساط الشعب الفلسطيني تصل الى نحو 40 في المئة". واضاف ان "الهدف من اصدار البيان هو مطالبة جماهير شعبنا بأن تأخذ دورها، اذ ان جيب المواطن اصبحت هدفا، والقضايا الوطنية اصبحت في هبوط وتراجع مستمرين، والوجوه نفسها تفاوض في المرحلتين الانتقالية والنهائية، فالمفروض التحرك، اذن من يتحرك؟ الطليعة هي التي يجب ان تتحرك ... ونحن تحركنا". واكد ان البيان "ليس تخويناً لأحد، بل هو صرخة للشعب ليصحو ويطالب بحقوقه الاساسية وتغيير الواقع للافضل حتى يشعر ان السلطة الوطنية سلطته"، مشيراً الى اهمية "اجراء اصلاحات داخلية". واعتبر ان مجموعة الشخصيات الموقعة على البيان تمثل "نواة لتأسيس تجمع وطني للمستقلين في المجتمع الفلسطيني". ورغم ان البيان خلا من اي مطالب، الا ان خريشة قال ان "المطالب واضحة ... المطلوب تنفيذ قرارات المجلس التشريعي، سلطة قضائية مستقلة ضامنة للحريات والحقوق العامة والغاء محاكم امن الدولة واطلاق المعتقلين السياسيين والغاء الاحتكارات". ووصف احد الموقعين على البيان النائب حسام خضر نابلس في تصريح لوكالة "فرانس برس" اعتقال الاربعة بانه "خطأ جديد يضاف الى سلسلة الاخطاء التي تمارسها" السلطة الفلسطينية. لكنه اعرب عن اسفه لأن البيان "لم يحقق هدفه بسبب توزيعه بهذه الطريقة". واوضح: "كان الهدف جمع اكبر قدر من التواقيع للتوجه بهذا البيان الى المجلس التشريعي والسلطة لوضعهما امام مسؤوليتهما". واضاف: "لقد مُسخت الفكرة وخرجت عن هدفها النبيل للاسف في الوقت الذي لا زالت تُمارَس فيه الجرائم في ظل غياب القانون والمؤسسات". واشار الى انه سيشارك في اجتماع طارئ كان مقرراً امس لنواب حركة "فتح" في المجلس التشريعي يعقد في مدينة غزة للبحث في قضية البيان. وقالت مصادر مطلعة ان السلطة الفلسطينية قد تعمد الى تقديم مذكرة للنائب العام بحق الموقعين على البيان. ورد خضر على احتمال اتخاذ مثل هذا الإجراء بقوله "سيكون ذلك اجراء قانونياً ولا يسعني الا احترامه".