أسعار النفط تتحرك بالقرب من أدنى مستوياتها وسط مخاوف الركود    نحو اقتصاد مستدام    اقتصاد المملكة.. من "الانكماش" إلى "النمو"    سورية: جامع خردة يتسبب في انفجار صاروخ ومقتل 16 شخصاً    غزة: 80 % فقدوا مصادر الغذاء    التصعيد في اليمن.. الولايات المتحدة تواصل ضرباتها والحوثيون يهددون بالتصعيد    عمومية الأولمبية الأفريقية تعترف باتحاد الهجن    الغيرة تشعل هجوم العالمي    «بسطة خير».. دعم الباعة الجائلين    مشروع الأمير محمد بن سلمان يطور مسجد السعيدان بالجوف    ولي العهد يُطلق خريطة العمارة السعودية    نائب أمير نجران يثمَّن جهود الأفواج الأمنية.. ويكرم الطلاب المميزين    نائب أمير منطقة تبوك يشارك الأيتام إفطارهم    الكوادر النسائية بأمانة المدينة.. تعزيز جودة العمل البلدي    نيوكاسل يسقط ليفربول بثنائية ويتوج بكأس الرابطة للمرة الأولى    محمد بن ناصر: المملكة تضم نخبة من المميزين والمبدعين    مبادرات دينية على منصة المعرض الرمضاني الأول    مكة في عهد الوليد بن يزيد.. اضطرابات سياسية وتأثيرها على إدارة الحرم    وزير البيئة يُطلق برنامجا تمويليا بقيمة مليار ريال    استقرار التضخم في السعودية عند 2.0% خلال فبراير    السعودية تحبط تهريب 7 ملايين قرص إمفيتامين في العراق    حكاية كلمة: ثلاثون حكاية يومية طوال شهر رمضان المبارك . كلمة : سراج السمن    من الصحابة.. سهل بن حنيف رضي الله عنه    الهلال يخسر لاعبه في الديربي أمام النصر    قرار من جيسوس في فترة التوقف    مستشفيات المانع تقيم غبقتها الرمضانية السنوية في الخُبَر    جامعة الأمير سلطان تحصل على براءة اختراع لحماية حقوق المحتوى الرقمي    دول مجلس التعاون تخطو خطوات كبيرة وقيّمة لمكافحة الإسلاموفوبيا    ترحيل 10 آلاف مخالف وإحالة 32 ألفًا لبعثاتهم الدبلوماسية    تعزيز البيئة الاستثمارية في مكة    ولي العهد يبحث مستجدات الأحداث مع رئيسة وزراء إيطاليا    ضمن تصفيات مونديال 2026.. الأخضر يبدأ تحضيراته لمواجهتي الصين واليابان    التزام راسخ بتعزيز الأمن والاستقرار في العالم.. ولي العهد.. دبلوماسية فاعلة في حل الأزمات الدولية    لبنان.. رسالة أمريكية لتسريع حصر السلاح والانتشار بالجنوب    «المداح.. أسطورة العهد» مسلسل جديد في الطريق    تحذيرات من العواقب الكارثية لانهيار «الأونروا»    "أبشر" تتيح تجديد رخصة القيادة إلكترونياً    "سعودية" تبتكر تقنية متطورة لتوثيق نبضات الأجنة    جمعية «صواب» تطلق مشروع «العزيمة» للتعافي من الإدمان بجازان    هل تتعرض أمريكا للهجرة العكسية    اختصاصي شؤون طلابية: احموا المدارس من العدوى    جبل أم القصص وبئر الصداقة!    فتاوى الحوثيين تصدم اليمنيين    موعد مباراة الأهلي القادمة بعد الخسارة أمام الأخدود    وغابت الابتسامة    جمعية "شفيعاً" تنظّم رحلة عمرة مجانية لذوي الإعاقة والمرضى وكبار السن والفئات الاجتماعية برفقة أهاليهم    سفيرة المملكة في فنلندا تدشن برنامج خادم الحرمين لتوزيع التمور    الأذان.. تنوعت الأصوات فيه وتوحدت المعاني    مراكيز الأحياء.. أيقونة رمضانية تجذب أهالي جازان    كعب أخيل الأصالة والاستقلال الحضاري 1-2    الصحة تجدد التزامها بحماية حقوق المرضى    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالتخصصي يستأصل ورماً كبيراً بمحجر العين بعملية منظار متقدمة    القسوة ملامح ضعف متخف    طويق جازان في مبادرة إفطار مرابط بالحد الجنوبي    وفاة الأميرة نورة بنت بندر آل سعود    إطلاق 16 كائنًا فطريًا في محميات العلا    نائب أمير منطقة مكة يستقبل رئيس المحكمة الجزائية بجدة    فرع هيئة الصحفيين بجازان يحتفي بيوم العلم السعودي بالتعاون مع فندق جازان ان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحج الى عاصمة نوبل للآداب
نشر في الحياة يوم 24 - 11 - 1999

من المفروض ان تكون الحرارة في مدينة ستوكهولم التي زارها حديثاً الكاتب المغربي الطاهر بن جلون للمشاركة في ندوة حول العنصرية، خمسة تحت الصفر في هذه الايام، ولكن الطبيعة على غير عادتها تكرمت على سكان المدينة بخمسة فوق الصفر.
والحرارة المرتفعة هذه لم تقتصر على الطقس بل امتدت لتشمل حرارة زحف عدد من الكتاب نحو جائزة نوبل للآداب. يحج الى المدينة كتاب من كل انحاء العالم للمشاركة في نشاطات ثقافية مختلفة، وأحد النشاطات التي شارك فيها بن جلون ندوة ثقافية برعاية وزارة الثقافة السويدية تحت عنوان "جذور وتحرر وتجمع"، تحدث فيها عن مشكلة أصبحت جزءاً من عملية تسويق يتبعها كثيرون من أجل إبراز انفسهم، وهي أهمية محاربة العنصرية في أوروبا.
تزامنت زيارة الكاتب المغربي الى السويد مع صدور ترجمة روايته الأخيرة "بيت الفقراء" من الفرنسية الى السويدية. تحكي الرواية قصة كاتب مل العيش مع زوجته فطومة التي يلقبها تومة، ورحل من مراكش الى مدينة نابولي الايطالية ليكتشف ذاته من جديد وليخلق صورة وهمية لزوجته على أمل ان تساعده في الرجوع اليها. يسكن الكاتب في نزل، وهناك يجتمع مع الشاب ممو ووالدته اليهودية. وينطلق في روايته من ذلك النزل حيث كل فرد يروي قصته.
يضع بن جلون في بادئ الأمر شخصية الكاتب الهارب من زوجته في قلب الحدث. ويحكي عن محاولته تغيير صورة الزوجة من خلال اعطائها اسماً جديداً وردة، ومن النزل يبدأ بمراسلة وردة من أجل التقرب منها أو اكتشافها. على رغم ان بن جلون يعود دائماً الى شخصية الكاتب ورسائله، إلا أنه شيئاً فشيئاً يلقي الضوء على شخصية والدة الشاب الافريقي ممو التي كانت متزوجة من رجل مجرم يحمل أفكاراً نازية. ويشرح بن جلون حياة تلك المرأة اليهودية التي تعذبت في حياتها كثيراً خصوصاً في فشلها في الحب، والزواج والغربة. وطبعاً يتطرق الى العنصرية التي كانت تتعرض لها تلك المرأة من زوجها النازي الذي تهرب منه في ما بعد، ومن المجتمع الفرنسي ومن ثم الايطالي حيث وصل المد النازي اليهما إبان الحرب العالمية الثانية.
ينجح بن جلون في وصف الأشياء والأحداث بطريقة مشوقة. ويجذب ذلك الوصف الدقيق لمعاناة تلك المرأة الى درجة ان كثرة الصدف "الانسانية" في الرواية تبعث رائحة شوق جارف الى جائزة نوبل للآداب بعد جائزة "غونكور" 1987.
من الواضح ان دور النشر والكتاب بدأوا يفهمون الطرق التي تتبعها لجنة نوبل للاداب، وأول كشف كان منذ أسابيع قليلة عندما أعلن مكتب الاعلانات السويدي جري برغستروم انه بفضل حملة تسويق كبيرة نجح في خلق لوبي منح الكاتب البرتغالي خوسيه ساراماغو جائزة نوبل للآداب سنة 1998. قد يكون صحيحاً ان الحملة الاعلانية ساهمت في منح ساراماغو جائزة نوبل ولكن الأكيد ان الحملة رافقها عمل ساراماغو الأدبي الراقي وتطرقه الى مواضيع تخص المجتمع الذي ينتمي اليه، تماماً مثل الكاتب الألماني غونتر غراس الذي حصل على جائزة نوبل لهذا العام. فأدب غراس، وساراماغو، وداريو فو يتطابق وشروط لجنة نوبل التي تنظر الى كتاب يرفعون صوت الحضارات التي تتعرض للاضطهاد، ويركز اعضاء تلك اللجنة على أهمية ان يكتب الكاتب وقائع من بيئته ومجتمعه تحارب الخرافات التي تتعرض لها الحضارات التي تحارب في زمن العولمة.
على رغم تطابق الكثير من شروط لجنة نوبل "الانسانية" مع اعمال بن جلون، فهذا الأخير اخفق في شرط مهم وقد يكون الأهم عند لجنة نوبل الا وهو تطرق الكاتب الى رفع صوت حضارته التي ينتمي اليها. ولكن من الملاحظ ان بن جلون البعيد عن أجواء لجنة نوبل واقع في عقدة يطلق عليها في مصر عقدة "الخواجة". قد يكون الكاتب يعتقد ان التطرق الى مسألة اليهود ترفع اسهمه عند اعضاء نوبل. ولكن على رغم قوة اللوبي اليهودي في السويد فهو ليس قوياً الى درجة يؤثر بفعالية على قرار لجنة نوبل للاداب. فتاريخ نوبل اثبت مراراً ان الخيار يقع على كتابات تنطلق من عمق مجتمعها ولو كان هذا المجتمع نازياً مثل المجتمع الذي قدم منه الالماني هنريتش بول حامل جائزة نوبل لعام 1973، او الكاتب النروجي هامسون الذي تعامل مع النظام العنصري في المانيا، ولكنه حصل على جائزة نوبل للآداب لأسباب أهمها الانطلاق من بيئته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.