تظاهر فلسطينيون في مخيم عين الحلوة للاجئين قرب مدينة صيدا في جنوبلبنان ورشقوا حاجزاً للجيش بالحجارة. وجاءت التظاهرة لتعكس ارتفاع حدة التوتر في العلاقة بين السلطة الفلسطينية والحكومة اللبنانية، فيما تزايدت الشكوك لدى كل من الفريقين حيال نيات الآخر. فبعد اتهام السلطة الفلسطينية أول من أمس، السلطات اللبنانية بالتضييق على مخيمي عين الحلوة والرشيدية في صور، رد رئيس الحكومة اللبنانية الدكتور سليم الحص نافياً حصول أي تضييق، فيما صدر عن مصدر في قيادة الجيش اللبناني نفي لمنع ادخال المواد التموينية، مذكراً بأن ادخال مواد البناء يسمح به بعد ابراز المستندات القانونية اللازمة، معتبراً أن محاولات التجييش والإثارة ليست في مصلحة قضية اللاجئين الفلسطينيين راجع ص 4. وطلب وزير التخطيط والتعاون الدولي الدكتور نبيل شعث الذي يزور القاهرة حالياً من مصر التدخل لاحتواء هذا التوتر. وقال بعد لقاء وزير الخارجية المصري السيد عمرو موسى "ان القاهرة تقوم بدور مهم لاحتواء التوتر المقلق بين الفلسطينيين واشقائهم اللبنانيين". وشهد مخيم عين الحلوة اعتصاماً، وتظاهرة قام بها عشرات من الفلسطينيين المقيمين عند مدخليه الشماليين قبل ظهر أمس، احتجاجاً على منع حواجز الجيش اللبناني المتمركزة على مداخل المخيم، ادخال مواد تموين وبناء اليه. ورفع المتظاهرون شعارات وهتفوا تأييداً للرئيس ياسر عرفات. وأشعل بعضهم اطارات المطاط وقالوا ان هناك تضييقاً على حركة الدخول الى المخيم والخروج منه. ووضعوا عوائق حديدية عند أحد المدخلين، ومنعوا حركة الخروج والدخول بعض الوقت، وشارك في ذلك بعض سائقي سيارات الأجرة. وشمل المنع سيارات تابعة لوكالة غوث اللاجئين وتشغيلهم أونروا. وقالت مصادر فلسطينية ان أصحاب محال تجارية شاركوا المتظاهرين الذين اقترب بعضهم من حاجز الجيش قرب مستشفى صيدا الحكومي، ورشقوا الحاجز بالحجارة، ما تسبب بإصابة مجند في الجيش، فيما تولت فعاليات ولجان أهلية من المخيم تهدئة المتظاهرين. وأفادت مصادر رسمية لبنانية ان قيادة حركة "فتح" في الخارج طلبت من بعض قادتها الذين يقطنون خارج المخيم، البقاء فيه وتنظيم تحركات من النوع الذي حصل أمس. وبين هؤلاء معين شبايطة وخالد العارف أمين سر قيادة "فتح" في عين الحلوة. وذكرت المصادر أن المتظاهرين المدعومين من قيادة "فتح" رشقوا الجيش بالحجارة الذي اضطر الى اطلاق بضع طلقات في الهواء لتفريقهم، بعد اصابة أحد المجندين بجروح. وأوضحت أن ثمة تحركات لا تدعو الى الارتياح تقوم بها قيادة "فتح" إذ أن أمين سر قيادتها في لبنان العميد سلطان أبو العينين اختفى من مخيم الرشيدية حوالى 36 ساعة ثم عاد. وأكدت أن الحواجز الأمنية لا تمنع دخول المواد التموينية، وأنها تمنع دخول مواد بناء، إلا إذا كانت هناك رخصة ترميم أو اعمار من "اونروا" ومحافظ الجنوب بحسب الأصول القانونية، فعندها يتم السماح بإدخال هذه المواد من دون أي عائق، وأعربت المصادر عن شكها في نية ادخال مواد بناء بكثرة، إذ لا مشكلة سكنية في المخيم، إلا إذا كان الهدف استخدامها من أجل تحصينات وتدشيم لأسباب عسكرية، ما يدعو الى التساؤل عن مغزى ذلك وضد من. وقالت المصادر الرسمية ل"الحياة" ان السلطات المختصة على اتصال بفاعليات مدينة صيدا التي يقوم بعضها بممارسة دور التهدئة. ثم ان بعض الفاعليات الأهلية في المخيم تسعى الى التهدئة على قدر استطاعتها. من جهته نفى أمين سر "فتح" في عين الحلوة خالد عارف في اتصال مع "الحياة" أن تكون التظاهرة انطلقت بدعوة من منظمة التحرير، مؤكداً "أنها عفوية رداً على منع ادخال مواد البناء وعلى الازدحام اليومي الذي تحدثه عمليات التفتيش على مدخله". وأكد عارف "ان اتصالات تحصل مع قيادات سياسية وأمنية لبنانية لتفادي أي ذيول للحادث"، وقال "لن نقبل إلا بعلاقة خاصة ومميزة مع الأخوة اللبنانيين"، مشيراً الى جهود بذلتها عناصر من "فتح" لمنع المتظاهرين من تأزيم الموقف. ونفى أن تكون هناك عمليات بناء دشم ومتاريس في المخيم، لافتاً الى أن اتصالات تجرى يمكن أن تثمر عن تشكيل وفدٍ من فعاليات المخيم لزيارة محافظ الجنوب فيصل الصايغ. أما أبو العينين فنفى بشدة المعلومات التي أشارت الى مغادرته مخيم الرشيدية، مؤكداً أنه لن يغادره إلا بعد أن يغادره آخر لاجىء فلسطيني، الى الأراضي الفلسطينية. وقال "إذا أردت التحدث مع أبو عمار فالأمر لا يتطلب زيارة. فهاتفي معي وأستطيع محادثته ومحادثة كل القيادات في الداخل إذا أردت". وطالب مسؤول مكتب العمل الشعبي التابع ل"الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين" فؤاد عثمان، المسؤولين اللبنانيين "بالتدخل الفوري لمعالجة اجراءات منع دخول مواد البناء التي تزيد معاناة الفلسطينيين في مخيمات صيدا"، داعياً الى "تنظيم هذه الإجراءات ونحن لسنا ضدها".