حتى هذه اللحظة لم أتخلّ بعد عن رغبتي بممارسة هذه المهنة عن قرب. ولم أيأس بعد من الخفقات المتلاحقة عند ابواب المدينة. لكني وأنا في غمرة البحث عن فرصة على مفارق الطرق وبين الأزقة الضيقة، أعشق وبتجدد دائم صاحبة الجلالة. ويراودني شعور أبدي بالكتابة. فكأني كاتب أكثر مني صحافياً. أو كأن الحنين الى الكتابة أقوى عندي من تأريخ الأحداث. صوت من بعيد يحثّني على ممارسة هوايتي المفضلة. فكلما شاهدت شيئاً لافتاً او منظراً غريباً أتحسّر في داخلي. لو كنت استطيع وقف الزمن للحظات عبر عدستي الصغيرة. لكني بدأت أعرف رويداً رويداً انه ليس المهم ان احصل على فرصة في حقل الإعلام انما الأهم ان أحقق ذاتي وأساعد الآخرين وعلى الأقل من حولي في تحقيق ذواتهم. عندما قيل لي منذ زمن ليس ببعيد أن الصحافة هي علم وموهبة وتجربة، عرفت حينها انه لا بد من القيام بمهمة مثلثة الأبعاد. اما اليوم فأضيف ان كثيرين من الذين حصلوا على شهادات في الصحافة فشلوا فيها لأنه كانت تنقصهم الموهبة والتجربة. وعرفت ايضاً ان النجاح في الحياة الصحافية هو الصمود امام اكبر عدد ممكن من الهزائم. واليوم أنا مدين للذين وضعونا في اسفل برجهم العاجي، ونظروا إلينا من علياء عرشهم، دفعونا لنصيب أهدافاً لم تكن لتخطر على خيالهم يوماً. من بين تلك الأهداف اني بدأت اتفاعل مع "مهنة البحث عن المتاعب" كطريقة عيش مع آخرين مختلفين عني على الأقل. طريقة تواصل عبر حوار بنّاء لأجل إنسانية افضل وأكثر جدارة بالعيش. قد لا أجد عملاً غداً أو ربما بعد أشهر، من يدري؟ لكن الأكيد أني سأفيق كل صباح، أحلق ذقني وأمسح الغبار عن حذائي وأخرج مع كل إطلالة لشمس الدفء لأنجز أعمالاً خيّرة قد سبق وأعدّها الله لي في حقل أبنائه.