أقال العاهل المغربي الملك محمد السادس أمس وزير الداخلية السيد ادريس البصري. وجاء في بيان رسمي ان الملك شكره على خدماته "لفائدة العرش"، وعين السيد احمد الميداوي - مدير الأمن السابق - وزيراً للداخلية، كما عين السيد محمد علي الهمة الذي كان يعمل سكرتيراً خاصاً للملك كاتباً للدولة في الداخلية. واعتبر أكثر من مراقب الحدث تحولاً في سياق تعاطي العاهل المغربي مع ملفات المرحلة. إذ سبق له أن اتخذ اجراءات للتقليص من نفوذ الرجل القوي سابقاً، ما اعتبر خطوة نحو تحويل وزارة الداخلية الى مؤسسة مثل بقية الوزارات. لكن تشكيله لجنة ملكية لشؤون الصحراء واسناده منصب التنسيق مع المينورسو الى الديبلوماسي احمد اللوليشكي عوض المحافظ احمد عزمي، وكذلك تعيين العقيد احمد العنقري على رأس جهاز الاستخبارات المدنية، اشارت كلها الى أن الاتجاه يسير الى تقليص نفوذ الداخلية التي أشرف عليها ادريس البصري فترة تزيد على العشرين عاماً. وعمل البصري مسؤولاً في الأمن وفي جهاز الولاة، قبل أن يرتبط اسمه بوزارة الداخلية التي اتهمت مراراً بأنها تتدخل في سير عمليات الانتخاب في البلاد. واستطاع البصري، في غضون ذلك، ان يقلل من مضاعفات المواجهات التي قادتها المركزيات النقابية ضد الحكومات السابقة. إذ أبرم اتفاقاً للحوار الاجتماعي مع زعمائها، وعمل كذلك عضواً في المجلس الاستشاري لحقوق الانسان الذي قاد اجراءات لتحسين ملف المغرب في هذا المجال. وكان محاوراً للزعامات السياسية في الداخل والخارج، ونقل عنه الفقيه محمد البصري، أقدم المعارضين، انه حين التقى به في باريس لاقتراح عودته من المنفى، قال انه "ينفد أوامر" الملك الراحل الحسن الثاني الذي كان يحظى بثقته وعهد اليه بمسؤوليات عدة، في مقدمها ادارة ملف الصحراء والاشراف على الاستحقاقات الانتخابية، والحوار مع بلدان الاتحاد الأوروبي في قضايا الأمن والارهاب والهجرة غير المشروعة. وشوهد البصري آخر مرة في التلفزيون المغربي مساء أمس الى جانب الملك محمد السادس في جولة على بعض المراكز الخيرية ضمن حملات لمحاربة الفقر. ويُطرح أكثر من سؤال حول دور الرجل القوي سابقاً في المرحلة المقبلة، وهل سيكتفي بالعودة الى التدريس في الجامعة أم انه سيتولى مسؤوليات جديدة. لكن تاريخ الرجل يظل يرتبط بمرحلة الانتقال السياسي التداول على السلطة الذي أسهم فيه بشهادة خصومه ومؤيديه. ويبلغ البصري 61 عاماً، وكان في مثل هذا الوقت من عام 1975 يشرف الى جانب مسؤولين مدنيين وعسكريين على تنظيم "المسيرة الخضراء" في الصحراء. واللافت ان السيد أحمد الميداوي الذي أصبح وزيراً للداخلية كان من بين الشخصيات التي اقترحها ادريس البصري للالتحاق بجهاز الداخلية، بعدما كان مفتشاً في وزارة المال. لكن الملك الراحل الحسن الثاني اعفاه من مسؤولية ادارة الأمن عام 1997.