جرت امس الأحد انتخابات رئاسية في جمهورية مقدونيا تنافس فيها ستة مرشحين ينتمون الى اتجاهات سياسية وعرقية مختلفة. ويتوقع ان تظهر النتائج الأولية للانتخابات اليوم الاثنين، وسط مؤشرات الى فشل أي من المرشحين في الحصول على أكثر من نصف أصوات المقترعين، ما يتطلب جولة أخرى حاسمة بعد اسبوعين، يتنافس فيها المرشحان اللذان يحتلان الموقعين الأول والثاني. أفادت اللجنة القانونية المشرفة على الانتخابات في مؤتمر صحافي أمس في سكوبيا حضرته "الحياة" ان الانتخابات الرئاسية "تمت في أجواء هادئة وديموقراطية وبإقبال يزيد عن 65 في المئة من الذين يحق لهم التصويت. ووقعت مشاجرات في عدد من المناطق من دون ان تؤثر على عملية الاقتراع". وعلى رغم قلة سكان مقدونيا الذين لا يتجاوز عددهم المليوني نسمة، إلا ان هذه الانتخابات تحظى باهتمام كبير في داخل الجمهورية وعموم منطقة البلقان وذلك بسبب التنوع العرقي المقدوني والألباني والصربي والتركي والغجري، وأصحاب الجذور المصرية... وغيرهم. كذلك تباينت الاتجاهات السياسية للمرشحين حسب تأثير الاحداث التي شهدتها المنطقة هذا العام، ما جعل قضايا الألبان في كوسوفو ومقدونيا اضافة الى الحرب بين يوغوسلافيا والحلف الاطلسي، من بين الأمور الرئيسية في الحملة الانتخابية. واللافت ان جميع الاحزاب الممثلة في البرلمان خاضت هذه الانتخابات، اذ ان كلاً من الاحزاب المشاركة في الائتلاف الحكومي: القومي والبديل الديموقراطي مقدونيان والديموقراطي الألباني، قدم مرشحاً خاصاً به. ودخلت الاحزاب المعارضة: الديموقراطي الاشتراكي والليبرالي الديموقراطي مقدونيان والرفاه الالباني، بمرشح لكل منها. وتفيد المعلومات الأولية ان من الصعب حصول أي من المرشحين الستة على تأييد أكثر من نصف الناخبين، ما يتطلب اجراء جولة حاسمة بعد اسبوعين، يرجح ان تكون بين اثنين من المقدونيين، ذلك ان وجود اثنين من الألبان بين المرشحين، أدى الى انقسام أصوات الأقلية الالبانية التي تشكل حوالى 400 ألف صوت من بين زهاء مليون و610 آلاف ناخب مقدوني. الا ان مشاركة الألبان في انتخابات الرئاسة، عكست حضوراً يمثل اهميتهم في مقدونيا خصوصاً وانه على رغم الاختلال الحزبي الذي يحيطهم، عرض المرشحان مطلب المساواة بين المقدونيين والألبان كطرفين رئيسيين في أمور البلاد. المرشحون بوريس ترايكوفسكي الحزب القومي المقدوني - الحاكم، ركز حملته على التعاون الذي حققته الحكومة مع الدول الغربية و"إبقاء جمهورية مقدونيا بعيدة عن امتداد مشاكل يوغوسلافيا الى أراضيها" واعتمد بالدرجة الأولى على أصوات حزبه ومؤيدي التعاون مع بلغاريا. فاسيل توبوركوفسكي رئيس حزب البديل الديموقراطي - مقدوني مشارك في الائتلاف الحكومي والموصوف ب"عراب اعتراف مقدونيا بتايوان". وجه دعايته في اتجاه جهوده في "خصخصة الاقتصاد المقدوني وجذب الاستثمارات الاجنبية". وراهن على أصوات الطبقة الاقتصادية الجديدة والاقليات العرقية وخصوصاً الاتراك والغجر وبعض الألبان. محرم نجيبي قيادي في الحزب الديموقراطي لألبان مقدونيا - المشارك في الاتئلاف الحكومي، نائب وزير الصحة ويوصف ب"الألباني المتطرف" نتيجة دعوته الى تحويل مقدونيا الى "اتحاد فيديرالي بين المقدونيين والألبان والاعتراف الفوري باستقلال كوسوفو" ووقف الى جانبه المتشددون الألبان. تيتو بيتكوفسكي قيادي في الحزب الديموقراطي الاشتراكي المقدوني - الحاكم سابقاً، الرئيس السابق للبرلمان ركز حملته الانتخابية على انتقاد الحكومة الحالية "بسبب زيادة عدد العاطلين عن العمل والتفريط بسيادة مقدونيا نتيجة التساهل مع الألبان والخضوع للدول الغربية اقتصادياً ومنح تسهيلات كبيرة للحلف الاطلسي". واعتمد بالدرجة الأولى على أصوات مؤيدي حزبه والشيوعيين القدامى وكبار السن والاقليتين الصربية والمصرية القديمة. ستويان اندوف رئيس الحزب الليبرالي الديموقراطي المقدوني - رئيس اسبق للبرلمان، سفير سابق ليوغوسلافيا في بغداد قاد حملته باتجاه "مقاومة الأطماع الألبانية في مقدونيا وصربيا، ووضع نهاية لهدف تكوين البانيا الكبرى والحد من نفوذ الدول الغربية والحلف الاطلسي في الأراضي المقدونية". وسعى الى كسب أصوات المقدونيين والأقليات الاخرى المتشددة مع مطالب الألبان في مقدونيا وكوسوفو. محمد خليلي قيادي في حزب الرفاه الألباني - سفير مقدونيا في الدنمارك، طالب بصورة رئيسية ب"المساواة بين المقدونيين والألبان والتعامل حسب التوجه الدولي مع قضية كوسوفو"، واعتمد على أصوات المعتدلين من الألبان اضافة الى قسم كبير من مسلمي الأعراق المقدونية الأخرى. موقف المنطقة وقفت صحيفة "كوسوفا صوت" الصادرة في بريشتينا والمعبرة عن موقف الزعيم الألباني المتشدد هاشم ثاتشي الى جانب نجيبي. واعتبرته "الأفضل، لأنه لا يساوم في الاعتراف باستقلال كوسوفو". ووقفت صحيفة "كوخاديتورا" لصاحبها فيتون - وروي والصادرة في بريشتينا الى جانب خليلي لأنه "معتدل ويسعى الى حلول متعقلة في المنطقة". كما يحظى خليلي بتأييد الزعيم الالباني في كوسوفو ابراهيم روغوفا. وفي بلغراد، أثنت صحيفة "بوليتيكا" شبه الرسمية على كل من بيتكوفسكي واندوف "لموقفهما المعارض للحلف الاطلسي والمتشدد مع التحركات الألبانية بفصل اجزاء من صربيا ومقدونيا". أما في بلغاريا فدعت صحيفة "ديموقراطيا" الصادرة في صوفيا، وهي لسان حال التحالف الديموقراطي الحاكم، الى انتخاب المرشح الحكومي القومي ترايكوفسكي كي "يواصل الخط الذي انتهجته الحكومة المقدونية الحالية بتعزيز علاقات التعاون والاخوة في مختلف المجالات بين مقدونياوبلغاريا".