لقي الرئيس المقدوني بوريس ترايكوفسكي (47 سنة) مصرعه صباح أمس الخميس في حادث تحطم طائرة قديمة كان يستقلها في جنوب البوسنة، مما أثار صدمة في البلاد التي سيتولى رئيس البرلمان زمام الامور فيها بصورة مؤقتة. وفي سكوبيي وشوارع مقدونيا والوزارات ومقار المؤسسات الوطنية سادت اجواء من الحزن والصدمة والتوتر بعد اعلان النبأ.ووقع الحادث في منطقة جبلية وعرة كان يلفها الضباب ومزروعة بالالغام منذ الحرب التي شهدتها البلاد بين عامي 1992 و1995. وسقطت الطائرة بالقرب من ستولاتش التي تقع وسط جبال شرقي ميناء دوبروفنيك المطل على البحر الادرياتي في كرواتيا.وكان ترايكوفسكي في طريقه لحضور مؤتمر اقتصادي في بلدة موستار بالبوسنة عندما لقي حتفه. ووقفت الوفود دقيقة حداد. ووصف المسؤولون المقدونيون طائرة الرئيس بأنها طائرة من طراز بيتشركرافت 200 سوبر كينج اير قديمة وهي ذات محركين وكان على متنها طاقم من فردين وستة مساعدين اضافة للرئيس المقدوني. وقال مركز المعلومات المقدوني الرسمي ان طائرة ترايكوفسكي اوشكت ان تقضي على المسؤولين عدة مرات. وفقدت المراقبة الجوية الارضية في موستار وسراييفو فضلا عن قوة سفور التابعة لحلف شمال الأطلسي، الاتصال بالطائرة قبل أن تسقط وسط عاصفة مطيرة وضباب قبل الساعة الثامنة بوقت قصير. وأعاق عمليات الانقاذ سقوط الطائرة في منطقة نائية لا تزال فيها الالغام الارضية التي تخلفت عن الحرب البوسنية بين عامي 1992 و1995. وقال مسؤول بوسني آخر ان حطام الطائرة عثر عليه ولم يكن هناك ناجون بين الركاب التسعة. وقالت الشرطة البوسنية انه عثر على حطام الطائرة وجثث ترايكوفسكي ومستشاريه الستة والطيارين الاثنين في منطقة واقعة على الحدود الادارية بين الكيانين اللذين يشكلان البوسنة ما بعد الحرب وهما الجمهورية الصربية (كيان صربي) والاتحاد الكرواتي المسلم. لكن قوة سفور الأطلسية لتثبيت الاستقرار في البوسنة نفت ما أعلنته الشرطة البوسنية. وقال ناطقها ديف سوليفان لم نعثر بعد على الحطام انها منطقة حجرية صعبة المسالك. كما تراجعت الشرطة البوسنية ايضا عن المعلومات التي سبق وبثتها. وفي وقت الحادث كان رئيس الوزراء المقدوني برانكو كرفينكوفسكي ووفد حكومي كبير في دبلن لحضور حفل بشأن طلب انضمام مقدونيا الى الاتحاد الاوروبي. وبموجب الدستور المقدوني يفترض ان يخلف ترايكوفسكي رئيس البرلمان ليوبوتشو يوردانوفسكي لفترة انتقالية الى ان يتم انتخاب رئيس جديد في خلال 40 يوما كحد اقصى. وقالت غانكا سامويلوفا تشيتانوفسكا نائبة رئيس الحزب المقدوني المعارض الذي كان ينتمي اليه ترايكوفسكي انه يوم من اسوأ الايام التي تعيشها مقدونيا اننا جميعا تحت وقع الصدمة انها مأساة كبيرة. ووصف خفديت نصوفي النائب عن الحزب الديموقراطي الالباني الحادث بأنه مأساة حقيقية حلت بالبلاد. وقالت كارولينا ريستوفا من حزب التحالف الاجتماعي الديموقراطي الحاكم كان يفترض ان يكون هذا اليوم يوما ممتازا لمقدونيا لكنه تحول الى يوم حزين في اشارة الى الحفل الذي كان سيقام في دبلن. وذكرت ان كل ذلك يحمل رموزا كثيرة. كان آخر عمل قام به ترايكوفسكي الذي كان رئيسا منذ العام 1999، هو تحديدا توقيع هذا الطلب الرسمي للانضمام الى الاتحاد الاوروبي. واشاد قادة اوروبا بالرئيس الراحل ووصفوه بأنه رجل نشر الاستقرار في منطقة فقيرة ومتوترة. وقال المحللون انه بسبب نجاحه في تهدئة التوتر في الداخل فان موته لن يثير اي عواصف في البلاد. وانتخب ترايكوفسكي رئيسا ثانيا لمقدونيا في عام 1999 كمرشح لحزب "في ام ار او دي" القومي ولكنه خلال رئاسته تمكن ترايكوفسكي من الابتعاد عن ظل زعيم الحزب ليوبتشكو جورجيفسكي وأرسى لنفسه مكانة باعتباره صانعا عظيما للسلام في بلاده التي تقع في منطقة البلقان المضطربة. وبمساندة المجتمع الدولي رأس ترايكوفسكي مفاوضات السلام في منتجع أوهريد بمقدونيا التي أنهت فعليا الصراع الذي دام مدة ستة أشهر ومهدت السبيل لبداية عملية السلام التي أرسيت لتنهي عقودا من الخلافات على مدى عقود بين أكبر جماعتين عرقيتين في مقدونيا.