عندما بدأ المخرج ديفيد او راسل عملية استقصاء حقائق حرب الخليج قبل بضعة اعوام لم يكن يملك سوى سيناريو وضعه الكاتب الافرو-اميركي جون ريدلي في سبعة ايام وباعه في 18 يوماً. او راسل اعادة صياغة السيناريو بعد عام ونصف من البحث وغيّر الكثير من ملامح المادة الاولى وخلع اسم صاحبها واستبدله باسمه كتابة واخراجاً. ويوم الجمعة الماضي افتتح الفيلم تحت عنوان "ثلاثة ملوك" في 2942 صالة اميركية وكندية بنجاح ملحوظ على الصعيدين النقدي والتجاري. المفاجأة بالنسبة لمن وجد نفسه بلا سابق انذار امام هذا الفيلم، هي ان الفيلم فيلم جاد حول حرب الخليج وفي ذات الوقت يستخدم الكوميديا السوداء وسيلة لايصال رسالته الجادة. وثمة مفاجأة اخرى: على الرغم من اهمية حرب الخليج اميركياً الا ان "ثلاثة ملوك" هو ثاني فيلم جاد حول تلك الحرب من بعد "شجاعة تحت النار" قبل خمس سنوات تنتجه هوليوود. والمخرج يقول انه لم يصدق انها فعلت عندما ابلغته شركة وورنر موافقتها: "بعدما تم اعطائي الضوء الاخضر بقيت لفترة اتساءل بيني وبين نفسي اذا ما كانت الموافقة ستسحب مني على حين غفلة وان احداً سيصرخ: من سمح لهذا الشخص بدخول هذا المكان". لكن هذا لم يحدث وورنر وافقت على ميزانية قدرها 50 مليون دولار بشرط ان يتمكن المخرج الذي سبق له ان حقق فيلمين صغيرين من قبل فقط من المجيء بممثل من الوزن الاول. انكبّ التفكير على الممثل ميل غيبسون الذي انتجت وورنر العديد من افلامه، لكن المخرج كان يحبذ نيكولاس كايج، على ان القرار استقر في نهاية الامر على جورج كلوني مع آيس كيبو ومارك وولبورغ وسبايك جونز في الادوار الرئيسية الاخرى. يحكي الفيلم قصة اربعة جنود اميركيين خلال حرب الخليج يكتشفون خريطة عراقية تبين موقعاً أخفت فيه القوات العراقية المنسحبة كميات كبيرة من الذهب الذي غنمته من الكويت. ويقرر هؤلاء الاستيلاء على هذا الذهب لأنه تذكرتهم الى الثراء. خلال مغامرة الحصول عليه، يلتقون بأهالي عراقيين خائفين ومتمردين ضد الجيش العراقي وعدهم الرئيس بوش بالمساعدة اذا ما ثاروا ضد صدام حسين، لكنه تركهم مكشوفين ولم ينفذ وعده. هؤلاء يجدون في الجنود الاربعة ملاذاً كما يجد الفيلم في هذا اللقاء بين الجانبن وسيلته لنقد السياسة الاميركية التي خذلت المعارضة العراقية وأدت الى بقاء الرئيس العراقي على قمة السلطة. ومع ان ارقام الايام الثلاثة الاولى من العرض لن تعرف قبل يوم الاثنين، الا ان معظم ابناء الوسط السينمائي في هوليوود يعتقد ان الفيلم سيسجل المركز الاول متقدماً على سبعة افلام جديدة اخرى تعد نفسها ببوارق النجاح الكبير، من بين هذه الافلام "ميستري، الاسكا" و"هابي، تكساس" و"تقودني الى الجنون".