تستمر السعودية ودول الخليج العربية الاخرى في التزام اتفاق "اوبك" لخفض الانتاج على رغم ارتفاع الانتاج الفعلي للمنظمة، واسهم الموقف الخليجي في تماسك الاسعار وعزز فكرة تمديد العمل بالاتفاق في السنة 2000. إلا ان خبراء نفطيين اعتبروا موضوع التمديد سابقاً لاوانه وان اي قرار لمنظمة "اوبك" الابقاء على السقف الحالي للانتاج من دون اعتبار عوامل السوق ومستويات العرض والطلب سيؤدي الى تخلخل سعري. وقال مدير "مركز دراسات الطاقة العالمية" فاضل شلبي: "ينبغي على منظمة الدول المصدرة للنفط ان تنتظر حلول فصل الشتاء لتقرر اذا كانت هناك ضرورة لتمديد اتفاق الخفض ام زيادة الانتاج وحجم هذه الزيادة". واشار في محاورة هاتفية مع "الحياة" الى ان "الحديث بان المخزون لا يزال مرتفعاً لا يعني انه سيبقى كذلك، لأننا أوشكنا على الدخول في موسم الشتاء الذي يتوقع ان يؤدي الى انخفاض سريع في المخزون وخصوصا اذا كان الشتاء بارداً جداً". وأضاف "في هذه الحالة، سيكون هناك طلب على نفط أوبك اكثر من الانتاج ما سيؤدي الى وجود شح في الامدادات في الربع الاول من العام المقبل... واعتقد انه في حال عدم رفع الانتاج، فانه سيحدث انفجار سعري ليس في صالح السعودية والمنتجين الخليجيين الكبار الذين يبحثون عن اسواق لنفوطهم". وكان وزير النفط الكويتي الشيخ سعود ناصر الصباح أشار في تصريح ل"الحياة" الى احتمال تمديد العمل باتفاق خفض الانتاج بنحو 1.7 مليون برميل يومياً الذي قررته "اوبك" في آذار مارس الماضي لإزالة الفائض من السوق وانقاذ الاسعار وذلك في حال بقاء المخزون الدولي مرتفعاً. وأفادت تقديرات مستقلة بأن المخزون وصل الى واحد من اعلى مستوياته العام الماضي والسنة الجارية اذ بلغت فترة تغطيته نحو 85 يوما في الربع الثالث من السنة الجارية بسبب ارتفاع الامدادات من داخل وخارج "اوبك". الا انه يتوقع ان يتراجع الى نحو 81 يوماً في الربع الاخير و78 يوماً في الربع الاول من العام المقبل نتيجة الارتفاع الموسمي في الاستهلاك الدولي. وشدد خبراء نفطيون على ان هذا التراجع يعتمد على تحسن درجة التزام "اوبك" خفوضات الانتاج بعدما تراجعت الى نحو 82 في المئة في أيلول سبتمبر الماضي من اكثر من 95 في المئة في آب اغسطس. وقال جون تولستر من دار الوساطة "سوسيته جنرال شتراوس تورنبل" ان "عودة اوبك الى درجة عالية من الالتزام سيؤدي الى زوال معظم الفائض في المخزون بنهاية السنة الجارية وهذا يعني ان عليها رفع الانتاج في السنة 2000". واضاف "هناك توقعات بارتفاع الطلب أكثر من مليون برميل يوميا العام المقبل في الوقت الذي يُحتمل ان يتراجع المخزون في الربع الاول الى مستوياته المنخفضة التي سجلت عام 1996 وربما أدى هذا الى ارتفاع سريع وحاد في الاسعار اذا قررت اوبك الابقاء على مستوى الانتاج الحالي". وحسب دوائر نفطية غربية، لا تزال الاسعار متماسكة اذ بلغ سعر خام بحر الشمال برنت نحو 22.7 دولار للبرميل في بورصة لندن الثلثاء نتيجة التزام منطقة الخليج. وقال السيد شلبي "تراجعت درجة التزام اوبك بسبب ارتفاع الانتاج في بعض الدول الاعضاء خصوصاً ايران ونيجيريا وليبيا والجزائر لكن هناك التزاماً من السعودية والكويت والامارات وفنزويلا". واضاف: "اعتقد على اوبك رفع الانتاج بنحو مليوني برميل يوميا في العام المقبل لكن ذلك يعتمد على عوامل رئيسية عدة ابرزها مستوى المخزون الدولي ومعدل الطلب ووضع الانتاج الفعلي من خارج اوبك في تلك الفترة". وجاء في تقديرات اخيرة لمركز دراسات الطاقة العالمية ان متوسط سعر "برنت" سيبلغ نحو 17.1 دولار للبرميل السنة الجارية و20 دولاراً للبرميل السنة 2000 على افتراض ارتفاع انتاج "اوبك" بنحو مليوني برميل يوميا. وتوقع المركز ان يبلغ متوسط انتاج المنظمة نحو 26.6 مليون برميل يومياً السنة الجارية و 27.8 مليون برميل يومياً العام المقبل في حين سيصل الطلب على نفطها الى 28 مليوناً و 27.8 مليون برميل يومياً على التوالي. وقال خبراء ان السعودية والكويت والامارات العربية المتحدة يمكن أن تتضرر على المدى الطويل من أي ارتفاع حاد في اسعار النفط لأنه توجد لديها طاقة فائضة تقدر بأكثر من اربعة ملايين برميل يومياً بعد الخفوضات الاخيرة. وقال خبير "هذه الدول يهمها ايجاد اسواق لنفطها وأي ارتفاع كبير في الاسعار لن يساعد على تحقيق هذا الهدف لانه سيشجع الاستثمارات في مناطق انتاج جديدة ومرتفعة التكاليف وبالتالي يزيد حجم الامدادات من خارج اوبك".