تسارعت وتيرة الاتصالات المصرية - الاميركية لاحتواء خلافات تصاعدت أخيراً بعد تصريحات وزيرة الخارجية الاميركية مادلين أولبرايت ووزير الدفاع الاميركي وليام كوهين، ورفض القاهرة التعاطي معها باعتبارها تدخلاً في الشأن الداخلي. وأمام التراشقات الإعلامية التي حدثت على مدى اليومين الماضيين تم الاتفاق على الإعداد لجولة جديدة من الحوار الاستراتيجي بين الجانبين، إذ يصل الى القاهرة اليوم مساعد وزير الخارجية الاميركي لشؤون الشرق الأدنى مارتن أنديك، لإجراء محادثات مع وزير الخارجية المصري عمرو موسى والمستشار السياسي الدكتور اسامة الباز للبحث في عدد من القضايا الخلافية منها العراق والسودان وعملية السلام في الشرق الأوسط. وبين هذه التراشقات سعي كوهين خلال زيارته الى المنطقة الترويج لتأييد مصر لسياسة واشنطن حيال العراق، بما في ذلك العمليات العسكرية، وأن مناورات "النجم الساطع" هي تدريب على احتواء العراق. ورد موسى بحسم على ذلك، بقوله ان "هذه المناورة لا علاقة لها بموضوع العراق واحتوائه، والأمن القومي أمر تقرره مصر". ورفض عرض كوهين اجراء تدريبات عسكرية مع إسرائيل، وقال: "هذه مسألة غير مطروحة حالياً، وفي المستقبل ستتوقف على موقف إسرائيل من ملف تسلحها النووي". وجاءت ثاني المحطات الخلافية بعد موقف أولبرايت من المبادرة المصرية - الليبية في شأن السودان وتكرار المسؤولة الأميركية اعتراضها على هذه المبادرة. وقال موسى إن "رسم السياسة الخارجية أمر يخص مصر، أما إبداء الرأي فيها فمسألة أخرى"، وأصر على الاستمرار في جهود إيجاد حل سلمي في السودان "لأن الأمر متعلق بمسألة الأمن القومي". وتزامن تصاعد الخلافات الى السطح مع اعتذار الرئيس المصري حسني مبارك عن عدم المشاركة في قمة أوسلو المقررة مطلع الشهر المقبل في حضور الرئيس الاميركي بيل كلينتون والرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي أيهود باراك. وتمنى وزير الخارجية المصري لهذه القمة النجاح مع تأكيده أهمية الدور الاميركي في المسيرة السلمية. ووفقاً لما تم الاتفاق عليه في الحوار الاستراتيجي فإن الجانبين المصري والاميركي يجتمعان مرتين في العام أحدهما على مستوى وزيري الخارجية في واشنطن في حزيران يونيو، والثاني في القاهرة في كانون الأول ديسمبر على مستوى كبار المسؤولين. لكن يبدو أن تصاعد الخلافات الى السطح سيعجل بعقد جلسة حوار قبل موعدها المحدد في سعي لاحتواء هذه الخلافات قبل تفاقمها. وتأتي زيارة انديك لمصر قبل تسلمه مهمته الجديدة، سفيراً لبلاده في إسرائيل وقبل يوم واحد من زيارة المبعوث الاميركي الخاص بالسودان هاري جونستون، ما يعني أن واشنطن تسير في اتجاهين، هما محاولة احتواء الخلاف، والاستماع الى التوجهات المصرية والمعارضة الشمالية في شأن المبادرة المشتركة مع ليبيا.