ورث خالد عمر تدمري عن والده المؤرخ اللبناني الدكتور عمر تدمري حب مدينتي طرابلسوالقاهرة، إذ ولد الدكتور عمر تدمري في طرابلس، ومنها انتقل الى القاهرة ليكمل تعليمه في الأزهر الشريف، حيث حصل على درجتي الماجستير والدكتوراه في التاريخ الإسلامي. وحين عاد الى طرابلس عمل في فرع الجامعة اللبنانية، ومن خلال دراساته وأبحاثه عرف العالم تراث طرابلس العلمي والمعماري. وحين شب ابنه خالد أحب تراث المدينة، وحمل معه وهو يغادرها الى تركيا هموم المحافظة عليه وترميمه، فتخصص في الترميم المعماري، ويعد حالياً رسالة ماجستير عن "الحفاظ على النسيج المعماري التراثي لمدينة طرابلس"، وذلك في جامعة معمارسنان التركية. وضع تدمري الابن وهو يدرس في تركيا، بلده لبنان ومصر موطن والدته نصب عينيه، لذا سعى الى التعرف الى معلومات الاتراك عن لبنان ومصر، فوجد صوراً مشوهة، تفتقد العلاقة الدافئة رغم تشابه العادات والتقاليد بين العرب والأتراك، للصلات التاريخية بينهم. استغل خالد تدمري هوايته للتصوير ودراسته لعلوم الكومبيوتر، فأقام في اسطنبول العام 1994 معرضاً تحت عنوان "آفاق فن العمارة الإسلامية في لبنان"، وذلك في جامعة معمار ستان، حضر افتتاحه السفراء والطلاب العرب في اسطنبول، وعرض فيه 200 صورة فوتوغرافية عن آثار طرابلس و15 صورة نادرة من ارشيف السلطان عبدالحميد الذي اخترع الكاميرا. وكان صدى المعرض طيباً، فللمرة الأولى شاهدت تركيا تراثاً عربياً من بلد عربي ظلت معزولة عنه لسنوات. وقررت الحكومة التركية آنذاك ارسال وفد من خبراء ترميم الاثار الاتراك الى مدينة طرابلس لبحث ترميم آثارها، غير أن الازمة الاقتصادية التركية آنذاك حالت دون ذلك. وبعد النجاح الذي حققه خالد تدمري في العرض الأول ساعده والده من خلال عمله في الجامعة اللبنانية على اقامة معرض آخر أكبر بالاشتراك مع جامعة معمارسنان في اسطنبول، تحت عنوان "بلد صغير لكنه ملئ بالمفاجآت"، وشارك في دعم المعرض كلية الهندسة في جامعة بيروت العربية. واحتوى المعرض على 130 صورة تمثل النواحي الجمالية والفنية والطبيعية والمعمارية في لبنان، وهو ما لفت انتباه الاتراك، لا سيما أنه صاحب المعرض عرض فيلم وثائقي يعتمد على الكمبيوتر بطريقة "مولتوفزيون"، اعتمد على 700 صورة منتقاة من كل أنحاء لبنان. حفز المعرض بلدية اسطنبول الى أن تطلب من خالد تدمري إقامة معرض في قاعة المعارض الكبرى في مكتبة البلدية عن "الصناعات والحرف التراثية في قلب الحياة التاريخية في لبنان". بهدف ابراز سمات التعايش اليومي بين الصناعة المحلية والحرفة التقليدية لمدينة طرابلس التي تحوي مجموعة من الخانات والأسواق التقليدية، أشهرها خان الخياطين. هذا المعرض دفع أيضاً مركز الثقافة والحضارة الإسلامية "أرسيكا" التابع لمنظمة المؤتمر الاسلامي في اسطنبول الى تنظيم معرض لصور المهندس خالد تدمري عنوانه "العمارة الاسلامية في لبنان"، هو الاكبر من نوعه الذي يستضيفه المركز. ويؤكد تدمري أن حلمه هو أن يعود الى لبنان ليرمم الآثار، لا سيما آثار مدينته طرابلس، وأن يشيد متحفاً لتاريخها، يذكر أن مشروع تخرجه في جامعة معمارستان، كان تصميماً لمتحف في مدينة طرابلس. وعن مشاريعه في الفترة المقبلة، يقول إنه يعد معرضاً عن تراث مصر المعماري والفني الفرعوني والاسلامي في اسطنبول، وهو يحاول الحصول على دعم وزارة السياحة المصرية لهذا المعرض. ويقول: إن الاتراك لا يعرفون معالم مصر جيداً، وهو ما يجعل السياحة التركية الى مصر ضئيلة نسبياً، كما يخطط خالد تدمري لاقامة تجمع للمرممين من الشباب العرب، بحيث يتم التنسيق بينهم لندرة العاملين في هذا المجال. كما يتمنى أن يصدر مؤلفاً باللغة العربية عن فن الترميم المعماري. تدمري أعد موقعاً على الانترنت لتراث مدينة طرابلس، وينوي أن يرفع آثارها معمارياً لإعداد كتالوج شامل عنها. وهو يخطط لزيارة المغرب العام المقبل، لا سيما مدن مراكشوفاس والرباط للاستلهام من تراثها، ودراسة تجربة فاس في الحفاظ على تراثها المعماري، ولتقويم تراث المغرب مع التراث المصري للبنانيين والاتراك، أملاً في الحفاظ على التواصل الحضاري بين هذه الشعوب.