أحكم العسكر قبضتهم على الحكم في باكستان باعلان حال الطوارئ الدستورية. واصبح قائد الجيش الجنرال برويز مشرف رئيساً للسلطة التنفيذية واعفاها من اتباع الاحكام الحرفية للدستور. وجمد البرلمانات واعتقل كل أعضائها. وافيد ان الجيش رفض تقديم ضمانات لعودة بينظير بوتو المطلوبة للقضاء الباكستاني بتهم الإختلاس والفساد. ولوحظ ان التأييد لخطوات العسكر كان كبيراً في اوساط القاعدة الشعبية الاسلامية التي رحبت بالتغييرات. وبدأ التحضير لمحاكمة نواز شريف لتعريضه قائد الجيش ومسافرين معه للخطر عندما منع طائرة تقلهم بالهبوط على رغم نفاد وقودها. افاق الباكستانيون امس الجمعة على "عهد عسكري" جديد بعدما أعلن قائد الجيش الجنرال برويز مشرف نظاماً دستورياً موقتاً لحكم البلاد، ينص على اتباع أحكام الدستور المعلق ب"قدر الامكان" ويدعو المحاكم القائمة الى الاستمرار في عملها. وجاء الاعلان ليل اول من امس اثر لقاء استغرق ساعات طويلة بين قائد الجيش وقادة الفيالق الأحد عشر في حضور خبراء في القانون، من أجل صوغ السياسة العامة للبلاد. واتفق الجميع على إعلان الاحكام العرفية، مخرجاً قانونياً لتجميد العمل في البرلمانات الفيديرالي والمحلية وذلك للحؤول دون حصول مواجهة، بعدما تحدى القائم بأعمال رئيس البرلمان جعفر إقبال بالدعوة الى عقد جلسة كانت مقررة صباح أمس. كما جاء الاعلان عن حال الطوارئ بعد فشل اللقاء الذي جرى بين قائد الجيش والرئيس الباكستاني رفيق ترر الذي رفض مباركة خطوة العسكر في عزل حكومة نواز شريف. وافادت مصادر اعلامية باكستانية ان البرلمان الذي يسيطر عليه حزب الرابطة الاسلامية بزعامة شريف، كان ينوي في حال اجتماعه امس، تجديد الثقة بالحكومة المعزولة، الأمر الذي يُحرج الجيش، خصوصا وان محامين رفعوا دعوى ضد قائد الجيش لإحتجازه رئيس الوزراء المعزول بشكل غير قانوني. وواصل الجيش تطويق البرلمان ومنع العاملين فيه من دخوله. ودفع ذلك الجيش إلى التأكيد في بيانه مساء اول من امس على عدم أحقية أي طرف في محاكمة رئيس السلطة التنفيذية أو من يعمل تحت سلطته. ومن المقرر أن يقطع رئيس مجلس الشيوخ الباكستاني وسيم سجاد زيارته إلى ألمانيا و العودة إلى باكستان، لملئ الفراغ في حال استقال الرئيس الباكستاني رفيق ترر المقرب من شريف. وواصل الجيش الباكستاني حملته ضد رئيس الوزراء المعزول، وربما يصل الامر إلى محاكمة الاخير، اذ تم تشكيل لجنة للتحقيق في عدم السماح لطائرة تقل الجنرال مشرف بالهبوط في مطار كراتشي أثناء عودته من سريلانكا في مهمة رسمية، الأمر الذي عرّض حياته للخطر مع 200 مسافر آخرين. و ضمت لجنة التحقيق خبراء من الخطوط الجوية الباكستانية والأجهزة الأمنية. وأفيد أن الوقود الذي كان في الطائرة لا يكفيها للطيران اكثر من ست دقائق فقط، في الوقت الذي طلب منها البرج الهبوط في مطار أحمد آباد بالهند الذي يبعد أكثر من ساعة ونصف الساعة طيران. ويُتوقع أن تُرفع دعوى ضد رئيس الوزراء المعزول بسبب إصداره الأوامر إلى برج المراقبة بعدم السماح للطائرة بالهبوط. و استناداً إلى بعض المصادر الباكستانية فإن الجيش رفض تقديم ضمانات لعودة آمنة لرئيسة الوزراء السابقة بينظير بوتو المطلوبة للقضاء الباكستاني بتهم الإختلاس والفساد، وكانت بوتو اتصلت بالعسكر من خلال أصدقائها من أجل أن يضمن مشرف عودتها إلى باكستان. واعلن الجيش امس أن كل المحاكم القائمة ستستمر في عملها، كما يستمر الشعب في التمتع بحقوقه الاساسية التي ينص عليها الدستور، ما لم تتعارض مع أحكام حال الطوارئ . واستند الجيش في اجراءاته الى ان حال الطوارئ التي أعلنها رئيس الوزراء المخلوع في 28 أيار مايو 1998 في أعقاب التجارب النووية التي أجرتها باكستان، لا تزال قائمة. ويتوقع ان يحتفظ كل المسؤولين في الادارات العامة بمناصبهم، بما في ذلك القضاة. وساد الهدوء وسارت الحياة بشكل طبيعي في البلاد امس. ولاحظت صحف عدة ان إعلان الجيش قضى على آمال السياسيين من الاتجاهات كافة في أن يتم إشراكهم في الحكم الجديد. بوتو تطالب بانتخابات وفي كراتشي اف ب، انتقد مسؤول في حزب الشعب المعارض الذي تتزعمه رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة بينظير بوتو، حال الطوارىء التي فرضها العسكريون. وطالب باجراء انتخابات في وقت سريع. وقال نزار خوهرو المقرب من بوتو الموجودة في لندن ان "الناس لم يكونوا مسرورين عندما اعلنت الحكومة المدنية حال الطوارىء بعد التجارب النووية العام الماضي ولن يكونوا سعداء الان". واضاف ان الباكستانيين ينبغي ان يقرروا مصيرهم في انتخابات كي تتمكن باكستان من دخول القرن الحادي والعشرين "في ظل حكومة منتخبة وديموقراطية".