ظهرت مؤشرات الى انتكاس عملية انتقال السلطة بسلاسة في باكستان. وكان ابرزها تطويق الجيش مقر البرلمان الفيديرالي وطرد الموظفين منه، اضافة الى تفريق تظاهرة في كراتشي لمؤيدي رئيس الوزراء المخلوع نواز شريف الذي ابعد الى مسقط رأسه في لاهور. وترافق ذلك مع اعتقال عديد منع العسكريين الموالين للاخير وحظر سفر عدد من محازبيه والصحافيين من انصاره، بعدما ابدى احد كبار المسؤولين في حزبه مخاوفه من خطر محتمل على حياة شريف. واثارت هذه التحركات لغطاً في الشارع وانعكست سلباً في البورصة، فيما اعلنت زعيمة المعارضة بينظير بوتو الموجودة في لندن انها تحاول الاتصال بالعسكريين لتأمين عودتها الى البلاد. إسلام آباد - "الحياة"، رويترز، ا ف ب - قال ضابط امن ان الجيش الباكستاني أجلى امس الخميس جميع العاملين من البرلمان وحاصر المبنى. ولم يرد على الفور أي تفسير رسمي لهذا الاجراء الذي جاء قبل يوم من عقد جلسة للجمعية الوطنية كانت مقررة قبل الانقلاب العسكري الذي وقع الثلثاء. وقام الجيش باعتقال العديد من الضباط المقربين من رئيس الوزراء المخلوع، كما حظر على 400 من أعضاء حزبه و20 من الصحافيين مغادرة البلاد. ونقل عن الناطق باسم الجيش راشد قرشي قوله أن السكرتير العسكري لشريف البريغادير يافد إقبال مالك والسكرتير السياسي له الميجور السابق بالجيش مشتاق طاهر محلي ورئيس التفتيش الميجور السابق راشد وراياش وكذلك الجنرال طارق بيرفيز، جرى اعتقالهم لقيامهم بتدبير مؤامرة مع شريف ضد الجيش. وأضاف أن الجيش لديه دليل أيضاً على أن شريف قام بإفشاء أسرار عسكرية. وأوردت صحيفة "جانغ" الواسعة الانتشار ان أكثر من 400 من زعماء حزب الرابطة الاسلامية الذي يتزعمه شريف ومن بينهم محافظون سابقون ووزراء ورؤساء وزراء أقاليم، منعوا من مغادرة البلاد. كما تم إدراج عضو مجلس الشيوخ بيرفيز راشد الذي كان يرأس تلفزيون "بي.تي.في" الحكومي وعشرين من الصحافيين وكتاب الاعمدة في الصحف ومسؤولي العلاقات العامة في حكومة شريف، ضمن لائحة الممنوعين من السفر. ونشرت صحيفة "أوصاف" الصادرة في إسلام أباد أن الجيش قام بتجميد أرصدة عائلة شريف في المصارف وأنه يقوم بالتحقيق في الحسابات المالية لرئيس الوزراء الذي كان من أقطاب الصناعة قبل أن يتحول إلى السياسة، كما يقوم بالتحقيق في التعاملات المالية للمقربين منه. و نقل شريف امس من اسلام اباد الى لاهور حيث وضع وأخاه شهباز قيد الاقامة الجبرية0 وفي غضون ذلك، قال مسؤول كبير في حزب الرابطة الاسلامية الذي يتزعمه شريف ان حياة رئيس وزراء باكستان الذي يخضع للاقامة الجبرية، في خطر. وقال مشاهدالله العضو في اللجنة المركزية لحزب الرابطة الاسلامية الذي فاز في الانتخابات الاخيرة ان "شريف يتعرض لضغوط للاستقالة وحياته في خطر. فهو لا يزال رئيساً للوزراء في باكستان". واعتبر ان عزل الحكومة القائمة "غير دستوري وغير شرعي".وهذا اول انتقاد علني للانقلاب من قبل مسؤول رفيع في حزب يتمتع بالغالبية. واضاف مشاهدالله في مؤتمر صحافي عقده في نادي الصحافة في كراتشي ان "البلاد يجب الا تقاد بالدبابات بل على اساس الدستور". واعتقل مشاهد الله خان لاحقاً بعدما خرج على رأس تظاهرة صغيرة لمؤيدي شريف في كراتشي، تدخلت الشرطة لتفريقها. وهي الاولى من نوعها منذ الانقلاب. واضافوا ان رجال الشرطة استخدموا الهراوات لتفريق 30 شخصاً تجمعوا في حي سدار للاعمال للمطالبة بالافراج عن شريف. واعتقلت الشرطة ايضاً حوالى 12 شخصاً شاركوا في التظاهرة. وقال احد رجال الامن ان هؤلاء "اعتقلوا لان التظاهرات والتجمعات باتت محظورة ولا يمكننا التساهل حيال خرق القانون". وظلت البلاد في حالة تخمين وترقب بشأن المستقبل وسط نداءات دولية متنامية بالعودة بسرعة الى الديموقراطية. وشهدت السوق الرئيسية للاسهم هبوطاً شديداً. ولم يصدر بيان توضيحي كان منتظراً امس، حول السياسات التي سيعلنها مشرف بشأن الحكومة الجديدة أو الشكل الذي ستأخذه. واجتاحت الاشاعات عن اعلان الاحكام العرفية بورصة كراتشي للاسهم، مما أدى الى انخفاض اسعار الاسهم في مرحلة ما بنسبة تسعة في المئة في جلسة المعاملات الصباحية. وارتفعت قليلا بحلول الظهر لكنها ظلت منخفضة اكثر من ستة في المئة أي بواقع 02،78 نقطة عند 92،1178 نقطة0 بوتو وفي لندن، اعلن الناطق باسم رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة انها حاولت امس الاتصال بالعسكريين لترتيب عودتها الى بلادها حيث تتهم بالفساد. واضاف الناطق بشير رياض ان بوتو تقدر تقديراً عالياً الجنرال برويز مشرف وتأمل في مساعدته في سعيه لتصحيح الوضع في البلاد. واشار الى انها "حاولت الحديث اليه لتتمكن من العودة بسلام". الا ان بوتو لم تتمكن على الفور من الاتصال بالجنرال. يشار الى ان الجنرال مشرف كان المسؤول عن العمليات العسكرية ابان تولي بوتو رئاسة الوزراء قبل ان تقال عام 1996 بتهمة الفساد وسوء الادارة. وفي لندن ايضاً، اعرب نجل رئيس الوزراء نواز شريف المخلوع عن قلقه على سلامة والده. وقال حسن شريف انه لم يتمكن من الحديث الى والده او الى افراد اخرين من عائلته منذ الانقلاب. واعلن حسن شريف: "قالوا لي انهم نقلوه الى فيلا رسمية بالقرب من مطار اسلام اباد ومنذ ذلك الحين ليس لدي فكرة عن المكان الذي يوجد فيه والدي ولا عن طريقة معاملته".