شرعت المؤسسة السياسية الاسرائيلية بمناقشة خطة وضعتها هيئة أركان الجيش الاسرائيلي للانسحاب من الجنوب اللبناني المحتل بمعزل عن النشاطات الدبلوماسية الهادفة الى فتح باب المفاوضات رسمياً على المسارين السوري واللبناني. وقال رئيس الحكومة الاسرائيلية ايهود باراك خلال الجلسة الاسبوعية لحكومته خصص قسماً كبيراً منها لمناقشة الخطة أنه سيتم "نشر القوات الاسرائيلية على الحدود الدولية مع لبنان في يوليو تموز من العام 2000". وعلى رغم التعتيم الاعلامي الذي تفرضه اسرائيل على تفاصيل الخطة، بات واضحاً أنه لم يتبق سوى وضع اللمسات الاخيرة على هذه الخطة التي أعدتها رئاسة هيئة أركان الجيش الاسرائيلي للانسحاب من الجنوب اللبناني المحتل قبل حلول أيلول سبتمبر المقبل سواء في اطار اتفاق مع السوريين أو بصورة انفرادية. ونقل عن مصدر كبيرة في هيئة أركان الجيش الاسرائيلي أن الخط الاستراتيجي للجيش في الفترة الانتقالية التي تسبق الانسحاب هو "الاعداد للحياة ما بعد الانسحاب" وأن الهدف الاسرائيلي في هذه المرحلة هو "الحفاظ على الوضع الراهن مع أقل عدد من الاصابات" في الجانب الاسرائيلي. وسيرتكز الجيش الاسرائيلي من الآن فصاعداً في نشاطاته العسكرية ضد المقاومة اللبنانية على سلاح الجو مع أقل عدد ممكن من العمليات البرية لتقليص فرص تعرض جنوده لنيران "حزب الله". وبدأ الجيش الاسرائيلي، في هذا الاطار، الاعداد لبناء موقع جديد ل "جيش لحد" المتعاون معه في ممر حونه المجاور لمنطقة جزين ونقل وسائل قتالية متطورة جديدة في الوقت الذي يعدّ فيه لاستيعاب نحو 2000 من أفراد عائلات الضباط المنخرطين في هذا الجيش داخل الحدود الاسرائيلية. وكُشف أن الجيش الاسرائيلي رفع رواتب عناصر "جيش لحد" بنحو 140 دولار أميركي في الشهر، اضافة الى انشاء "صندوق" خاص بنحو مليون دولار أميركي لمساعدة هؤلاء "في المجالات المدنية" لعل ذلك يحد من القلق الذي يساورهم بسبب الاشارات التي يتلقونها من مكتب باراك بشأن الانسحاب الوشيك. وتشير نشاطات الجيش الاسرائيلي على الارض الى ان المؤسستين العسكرية والسياسية الاسرائيليتين حددتا التاريخ - الهدف للانسحاب حتى في حال عدم التوصل الى اتفاق مع السوريين، خصوصاً أن رئيس مكتب باراك للشؤون السياسية والعسكرية داني ياتوم أكد لمنظمة "امهات اربع" الاسرائيلية التي تطالب بانسحاب فوري للجيش الاسرائيلي "أننا سننسحب من هناك حتى بدون اتفاق". وقالت مصادر صحفية اسرائيلية أن سلاح الهندسة في الجيش الاسرائيلي "يدركون بالضبط حجم المادة الناسفة التي يحتاجونها في يوم الاخلاء من أجل نسف المواقع" الاسرائيلية في الجنوب اللبناني. وتفيد الانباء الواردة من المنطقة التي تحتلها اسرائيل في لبنان أن الجنود الاسرائيليين ولا سيما "القدامى" منهم شرعوا بطرح الاسئلة على قيادييهم بشأن الجدوى من تعريض أنفسهم للخطر طالما ان قراراً بانسحابهم قد اتخذ. وبدأت الدولة العبرية تتبنى النغمة نفسها التي تستخدمها في أحاديثها الدبلوماسية عن خطوط الحدود الدولية مع سورية عندما يجري الحديث عن حدودها الدولية مع لبنان توطئة لاقتطاع أجزاء من الاراضي اللبنانية وضمها الى حدودها في حال تنفيذ انسحاب وشيك. ونسبت مصادر اسرائيلية الى مسؤول كبير قوله أنه ثمة اتفاق دولي فقط على أقل من نصف طول الحدود مع لبنان.