لعل المنهج السيميولوجي في تناول الظواهر الأدبية والثقافية، وفك شفراتها واكتشاف شعريتها قد حظي ببعض التأسيس النظري في لغتنا العربية، وبقي استكمال اختباره ببحوث تطبيقية تستكشف امكانياته وتجرب مختلف مستوياته تجريباً يرتاد من دون ان يرتد، ويتعمّق في استقصاء الادوات المنهجية كي يستبقي منها ما يضمن له المشروعية العلمية والكفاءة التحليلية واليقين النقدي. وقد قام الدكتور صلاح فضل باختبار منهجي منظم عبر دراسات لجمالية الواقعية ومنظورها الاجتماعي في المطابقة بين الابنية الأدبية والوعي التاريخي فكان مؤلفه "شفرات النص" دراسة سيميولوجية تطبيقية في شعرية القصيد والقص دار الآداب بيروت 1999. أما الإطلالة الأولى التي انطلق منها المؤلف فهي تأمل الضمائر النحوية في "مملكة البياتي" لانه يعتبر ان ضمير الشعر هو ضمير العصر. فالضمير يرتبط بمفهوم "الفواعل" في النقد الحديث، ولو ان دائرة "الفاعل" تبقى أوسع بكثير من دائرة الضمير، لان ضمائر عديدة قد تتجمع ومعها الاسماء الظاهرة التي تدخل نحوياً في نطاق الغائب لكي تكون فاعلاً واحداً هو القوة المولدة للإتجاه القيمي في النص، مهما تعدد الممثلون الذين يؤدون ادوارها" وذلك باعتبار تغيير الضمير دون اختلاف المضمر، أو التجريد الذي يتمثل في الحديث عن "أنا" باعتبارها "هو"، وهذا يقع عبئه على عاتق فك الشفرة الشعرية ومستويات الترميز الأدبي. ففي قصيدة "النور يأتي من غرناطة" في مجموعة "مملكة السنبلة" يقول البياتي "أتكوّر طفلاً كي أولد في قطرات المطر المتسابق فوق الصحراء العربية، لكن الريح الشرقية تلوي عنقي، فأعود الى غار "حراء" يتيماً، يخطفني نسر، يلقي بي تحت سماء اخرى، أتكور ثانية، لكني لا أولد ايضاً...". ثم لا يلبث ان يبرز الى جانب الشاعر المتكور فاعل آخر لصيق بالسياق الأسطوري لغرناطة هو الموسيقي الأعمى، لكنه لا يناقضه، بل يميل الى التماثل به لا الى التوحد معه فهو: "يرفع مثلي يده في صمت فراغ الأشياء، ويبحث عن شيء ضاع، يدور وحيداً حول الله، بصوت فمي أو فمه يصرخ، تحمله الذروة نحو قرار الموجة". ثم لا يلبث ان يظهر فاعل ثالث هو "رجل في سفر" يترنح وهو يتوج امرأة بضفائرها ويعانقها ويقول لها "يا ضوء الحي ويا لغة يستولد منها ولها وبها". ولربما كان هذان الزوجان هما المقترحان لأبوة الطفل الشاعر الذي يستعصي على الميلاد، وهو في جوهره ميلاد شعر الحضارة الانسانية المتوحدة بالكون والعاجزة عن بعثه. فالفاعل الحقيقي دائماً هو الشاعر، أما روح الشعر الهاربة فهي التي تضنيه وتميته وتحييه لذا يستعير لها أقنعة من أسلافه الفنيين، يكتشف فيها وجهه ويرى في ملامحها صورته بعد تأويلها كما يشتهي، وعندئذ لا يستعيد صوتها بل يعيرها رؤيته. انه لا يحتمي بأقنعته ليقول ما يريد، بل يجذبها الى دنياه. ويلبسها ثوبه، فتصبح "أنا" قناعاً له "هو" وليس العكس. ومن هنا فليس لفريد الدين العطار، ولا للسهروردي المقتول ولا لجلال الدين الرومي، في القصائد المخصصة لهم عند البياتي حضور شعري يستمد منه البياتي نصوصه، بل يعيرهم الشاعر كلمات محببة اليه، ويجعلهم يتحدثون بلسانه، ومن ثم تصبح الشخصية التراثية مثل الشاشة البيضاء التي يعرض عليها المتحدث صورته وصوته، فهي مجرد سطح حساس لاقط لضوئه، اما المرآة فهي عدسة الشاعر الحديث الخالقة، فهي الفاعل وإن بدت مفعولاً به. والطريق عند البياتي في موقفه من الشاعر أو نبي الانسانية انه يتحدث ابداً بالتجريد عن الشاعر الغائب / الحاضر الذي يلقاه. "منفياً يتطهر، لا اسم له، وله كل الاسماء". فتضخم الشعور بالذات هو الذي يجعل البياتي يصرح بما كان يقوله ريلكه: "ان الشاعر الملهم أخطر من شيطان مطلق السراح، لأن رضابه دائماً يتميز بالأصالة" أما اذا جسد البياتي الشاعر مسرحياً، اعتبر ان البطل الفرد هو الشاعر، والبقية مجرد "كورس" يردد الكلام وراءه، لا يلبث هذا "الكورس" ان يتوارى في الظل فيصبح "كومبارس" إذ إن: "ما بين الشاعر والكومبارس / هذا الباب المغلق والمتراس" فنحن عندما نبحث تبادل المواقع بين الضمائر على مستوى القصائد، نجد ان شعر الحداثة قد نمى ظاهرة لافتة يمكن ان نطلق عليها "استعارة الضمائر" بحيث نستطيع ان نقول ان معادل "انا" الشعري ليس هو الشخص المتكلم الحيّ، لان هذا يفقد شعريته لو اصبح كذلك، بل ينبغي ان نفهمه حيناً على انه "الذات الغنائية" التي تمتلك قدراً ثرياً من العلاقات بالفرد القائل من ناحية، وبالنموذج الذي تسعى لتكوينه عنه من ناحية ثانية، كما ينبغي ان نفهمه في احيان اخرى على ضوء ما يضفيه على تلك الذات من أوصاف وأدوار لا بدّ ان تمسّها حرارة المجاز، لأنها إن كانت مجرد إشارة للشخص دون اية مواربة كانت فقيرة وعاجزة، خالية من وهج الشعر وتعدد دلالاته. الضمير الجماعي وهكذا فإن موقف الشاعر من تجاربه الحية لم يعد محصوراً في منظوره الفردي الفقير، وإنما أخذ يمتد الى أدوار عديدة تتصل كلها بالضمير الجماعي في حركته الرامية الى تعميق وعيه واحتوائه لمقتضيات الوجود التاريخي المباشر. وأن علاقته بالاخرين عبر شبكة التقابلات بين أنواع الضمائر تحدد مستوى رؤيته، وتقوم بدور حاسم في تكييف شعريته. فمن أبرز تجليات الحداثة امتدادات الضمائر في الزمان والمكان وهي امتدادات ترتبط بموقع الضمير ودوره في عمليات الاسناد والترميز. أما اذا انتقلنا من شعرية القصيد وضمير الشعر الذي هو ضمير العصر الى شعرية القص استوقفنا في كتاب صلاح فضل "حوار التماهي بين طه حسين والمعري والمتنبي". فصلاح فضل يرى ان الحوار يعد أقصى درجات التكيف التي يبلغها الخطاب كي يستجيب لشروط التلقي، فإذا دار بين الكبار فهو في صميم الشعرية لان كل فهم هو التقاء بين خطابين، أي حوار كما يقول تودوروف.فإذا كان المتنبي مدركاً لمن يتوجه اليهم بشعره، وهم العلماء والمثقفون في الدرجة الأولى فان "ابن جني" روى عنه قوله: "وقال - أي المتنبي - لي يوماً: أتظن ان عنايتي بهذا الشعر معروفة الى من أمدحه؟ ليس الأمر كذلك، لو كان لهم لكفاهم منه البيت، قلت: فلمن هي؟ قال: هي لك ولأشباهك". وقد أدرك المعري انه القارىء المشار اليه في النص الذي يفضي له الشعر ويتنبأ به الشاعر، فيروي "ابن خلكان" انه "لما فرغ من تصنيف اللامع العزيزي، في شرح شعر المتنبي، وقرىء عليه اخذ الجماعة في وصفه فقال ابو العلاء: كأنما نظر اليَّ بلحظ الغيب حيث يقول: "أنا الذي نظر الأعمى الى أدبي / واسمعت كلماتي من به صمم" ويتابع "ابن خلكان" وصف هذا المشار اليه في علاقته ببقية كبار الشعراء العرب وحواره معهم قائلاً "واختصر ديوان ابي تمام وشرحه وسماه "ذكرى حبيب" وديوان البحتري وسماه "عبث الوليد" وديوان المتنبي وسماه "معجز احمد". أما في "معجز احمد" فبوسعنا ان نعتبر المعري قارئاً نموذجياً للمتنبي، اذ انه تجاوز ما كان يُسمى "بالسرقات الشعرية" - التي ظفر المتنبي منها بنصيب الأسد - ليغرينا بنقل الجدل حولها الى منظور في النقد جديد يتمثل في مصطلح "التناص" أو الIntertextualitژ بما يفرضه من اعادة وضع للمشكلة في ضوء المعطيات الجديدة لنظرية اللغة، والفهم المحدث لعلاقة الفنان بتراثه القديم إثباتاً ونفياً. سلم التماهي ثم ان طه حسين الذي انصرف لصحبة المعري يحاوره ويتحدث معه، راح يتحرّك على سلّم التماهي الذي تحوّل عنده الى متكأ للتأويل الخصب وفتح افقاً جديداً من التفسير المتعدد للدلالات بحيث قال طه حسين "كنت أحدّث ابا العلاء بأن تشاؤمه لا مصدر له في حقيقة الأمر الا العجز عن ذوق الحياة وما فيها من نعيم ولذة. وكان ابو العلاء يقول لي: فإنك ترضى عما لا تعرف، وتعجب لما لا ترى. وكنت أقول له: إن لم أعرف كل شيء فقد عرفت بعض الاشياء، وإن لم أرَ الطبيعة فقد أحسستها. وكان ابو العلاء يقول لي: تبين ان استطعت حقيقة ما تعرف فسترى معرفتك مشوهة. ولائم ما استطعت بين ما تحس من الطبيعة وما يرى الناس منها فلن يجد الى هذه الملاءمة سبيلاً". وهكذا نجد ان طه حسين يصل الى مفهوم التماهي خلال قراءة تتفجّر فيها جماليات النصوص وتلتقي عبرها مصائر المرسل والمتلقي عندما تنبعث في شذرات متألقة ناجمة من اصطدام الكواكب السيارة للمبدع والناقد معاً. فمن خلال شفرات القصيد وإحالات صلاح فضل الى إرساء مفهوم "التناص" في قراءة المعري للمتنبي والوقوف عند مفهوم "التماهي" في قراءة طه حسين للمعري، ننتقل الى شعرية القصّ ونظام التشفير في "أولاد حارتنا" بعد ان رأى صلاح فضل ان من تصدى لقراءة هذا النص قوم لا شأن لهم بالنقد ولا علم لهم بوسائله وأدواته، فها نحن أمام عمل فني عظيم مهما كانت نوعية المادة الدينية الميتافيزيقية، والأسطورة الشعبية التي يتكوّن منها. ومن حقنا ان نتساءل: هل كان من الضروري لمؤلفنا ان يقارب هذه الشفرة الحساسة أم كان بوسعه ان يتخيّر غيرها ويبتعد عنها؟ حينئذٍ لا بدّ لنا ان نحمد له إدماج هذه الشفرة في نسيجه الروائي حتى يتميز فن القص المشرقي العربي بصوته الخاص. من هنا فإن "أولاد حارتنا" بقدر ما تكسر النمط الروائي المألوف بقدر ما تشرع طريقاً جديداً لا يخلو من لذة المخاطرة. وكأن فن الرواية العالمية كان ينتظر نجيب محفوظ، سليل هذه الثقافة البنوية المشرقية على وجه التحديد ووريثها المتمكن، ليقدم قراءته الفنية في العهود كلها، باقتصاد قصصي حاسم وترتيب داخلي دال، ورؤية كونية نافذة. فإذا تأملنا شفرة الفواعل التي تلعب دوراً حيوياً في التحليل الأدبي منذ شرع "فلاديمير بروب" في روسيا منهجه لتصنيف الحكايات الشعبية على أساس "مورفولوجي" أو حرفي، وجدنا ان منظور الفواعل هو المسيطر على الرواية، إذ انها تتبع لجملة من النماذج العليا الكونية ذات البعد البشري حيناً، والميتافيزيقي الذي يتجاوز حدود الانسان العادي عندما يمسّ ما وراء الطبيعة لقوة مهيمنة ورسالة موجهة وطاقة فاعلة حيناً آخر. لكن يظل منظور الفواعل هو أبرز ما يجمع خيوط الاحداث وينتظم العمل الروائي، ويضفي عليه وحدته المتماسكة وبنيته الدالة. فالرواية - وهي مقسّمة طولياً الى خمسة ابواب - سرعان ما تنحل عند تحكيم هذه النظرية الى شطرين: يتمثل الأول في المطلع والختام، في أدهم وعرفة من جانب، ويتمثل الثاني في الأبواب الثلاثة الوسطى المتعلقة بجبل ورفاعة وقاسم من جانب آخر. أما علاقة الجبلاوي بلوحة هذه الفواعل فتظل ثابتة في دائرة المرسل خلال الأبواب الأربعة الأولى، ولكنها تختل في الباب الخامس عند تحويله الى عائق سواء كان ذلك قبل مقتله أم بعده. ومعنى هذا ان الصراع في الرواية لا يقوم بين الخير والشر في المطلق وإنما تجسد في بؤرة جديدة تماماً هي ارادة سكان الحارة في انتظام الموازين والعدل بين الجميع وشيوع الوفرة والرخاء والعمران. فعدالة توزيع الوقف عبر الأجيال المتباعدة تتخذ وضعاً جديداً ورواية مستحدثة لا تتطابق مع المفهوم التقليدي للتراث الديني، بل انها مفهوم يحفظ للرواية استقلالها وتماسك قوانينها الداخلية التي تحكم كونها المصغر اياً ما كانت علاقته بهذا الكون المختلط الأكبر. هذا ويقف صلاح فضل الى جانب الفواعل عند ثلاث شفرات موضوعية بارزة لعمليات التشفير الروائي ودلالاتها، وهي الحارة والفتوة والرباب. فالراوي إذ يشرح النسيج السكاني للحارة، يقدم أمثولة كونية، ويستخدم ادواته ككاتب واقعي يحتل المكان لديه أهمية قصوى وهو يحاول ان يروي تاريخ اللامكان. إن التمثيل الطوبوغرافي البصري محور ضروري لتسكين القارىء وتنظيم خياله، فهو المسرح الذي يعرض عليه شخوصه، ولا بدّ له ان يبنيه بإحكام، لكن هذه الهندسة المكانية تفضي بدورها الى تخطيط لمراكز القوى في العمل الروائي، فيبدأ ترتيب البيوت وتدرجها من بيت الجبلاوي الى بيت الناظر والفتوة والربوع لينتهي الى الأكواخ من خلال تنظيم طبقي ومهني دقيق. أما شفرة الفتوة فيبدو ان المؤلف قد أدرك نهاية عهدها في حياة القاهرة من خلال انتقال السلطة والحماية الى الشرطة وممثلي القانون، بل ربما كان قد عاشر في صباه ازدواج هذه السلطة وتنازعها بين الطرفين، وفتنته الصيغة الشعبية البطولية المشبعة بروح الأسطورة في تقاليد الفتوة، وهي تختلف في طبيعتها ووظيفتها عن تقاليد الفتوة العربية الكلاسيكية، فأمعن في تمثل الزمن الأول الذي كان فيه الفتوة البطل الباطش الطاغية والحامي لحرم العشيرة، وفي الوقت ذاته هو القانون والقضاء والشريعة والتنفيذ، فإرادته قاضية، وقوته غالباً خارقة. واخيراً يأتي الرباب، اي شعراء المقاهي، فأمرهم أشد كثافة وتعقيداً من الشفرتين السابقتين، على ارتباطهم الحيوي بعنصر المكان ايضاً. وهنا نستطيع ان نميّز ثلاثة خيوط تتصل بشفرة الرباب: الخيط الاول يتمثل في الشعر وما يحييه من صور البطولات، انه الفن كذاكرة مقطّرة للبشرية وتعبيراً عن شوقها للمثل العليا، ويقترن الخيط الثاني بذكريات الجبلاوي وعلاقته بابنائه ابتداء من ادهم الى قاسم، وكلامه لهم واحداثهم مع قومه، وربما اعتبر هذا الخيط تمثيلاً شعرياً للتراث شبه الديني كما تتناقله الأجيال فتتعظ به وتلهو على أنغامه، ويأتي الخيط الأخير الذي يقوم بالسماع ولا يتمّ في الحارة إلا وانفاس الجوزة تعبق بالنشوة السكرى والحذر اللذيذ، وعندئذٍ نتبيّن ان مجلس الرباب يتألف من هذه الخيوط المتداخلة، وهي البؤرة التي يلتقي فيها الماضي بالحاضر، والتاريخ بالواقع، والوعي باللاوعي. وهكذا يرى صلاح فضل ان بوسعنا ان نقف عند هذا المستوى من تحليل نظام التشفير في "اولاد حارتنا"، بعد ان تبيّن لنا ان الشفرة التراثية تنتظم في اطار مجموعة اخرى من الشفرات التقنية والايديولوجية والموضوعية، تتضافر كلها على تكوين بنية روائية متماسكة وقائمة بذاتها، ذات دلالة مركبة، ورؤية كونية عميقة، وحسّ فني رائق، يشتق لغته الخاصة من عناصر عديدة، دون ان يختلط بها، أو يحتمي فيها، أو يفقد مؤشره الواضح في نشدان العدل والخير، والحب والجمال، عبر تجسيدات تقنية متقنة. اخيراً نقف عند دعوة صلاح فضل الى اعادة تأهيل القارىء / المتلقي لأن تنمية الخبرة الجمالية بالشعرية تتطلب ايضاً متابعة المدارس المحدثة لاكتساب الحساسية والثقافة والوعي العميق بمكامن الجمال في تجليات الابداع المعاصر. وقد شرح "ايزر" عمليات التوازن التي تتم لدى المتلقي حيث يخلق كل نص عدداً من التوقعات، ثم لا يلبث ان يقوم بتعديلها اثناء جريانه. فعندما نقول ببساطة: لقد اشبعت توقعاتنا، فاننا نقع في ابهام حقيقي، إذ نتجاهل الى حد كبير ان متعتنا تنبع من الدهشة حيال خيبة توقعاتنا. ويمكن حلّ هذا التناقض في العثور على أساس للتمييز بين "الدهشة" و"الخيبة". فالخيبة تحاصر وتوقف النشاط، أما الدهشة فهي تدريب الذائقة على التقاط الايقاع الخفي والكثافة العالية والتشتت الدلالي الباهظ، مما لم يتعود عليه المتلقي في أنماط التقليد والاتباع.