هناك ثلاثة معاهد اساسية في لبنان تدرس السينما، وأحدها Alba على اتفاق مع جامعة فرنسية على توريد المواهب المتخرجة لتدريبها. يقول جو خليل، أحد معلمي مادة السينما في بيروت: "هناك مواهب لبنانية كثيرة تشعر بوجودها وتدرك ان لديها الأفكار والموهبة الضرورية للعمل. ولكن، كل معهد قوي في مادة وضعيف في أخرى، لذلك بعض المتعلمين لديهم تقنيات عالية لأنهم تعلموا في معهدنا وآخرون لديهم الأفكار الجريئة والسيناريوهات الأذكى لأنهم خريجو معهد آخر". مهرجان بيروت السينمائي في دورته الثالثة يعرض عدداً كبيراً من الافلام اللبنانية القصيرة التي انجزها طلاب في العام الحالي، والعديد منها يؤكد وجود الملكة الابداعية، من "آه" لسامر دادانيان الذي يدور حول متاعب شاب لا يزال في مطلع حياته العملية الى "يوم" لمليحة بدر الذي يحكي قصة رجل تجده زوجته ميتاً صبيحة أحد الأيام لكن روحه الماكثة في المكان تكتشف ان الزوجة فرحة لوفاته وان لديها علاقة لم يكن يعلم بها. في "حلم مقطوع" لهادي أبي وردة أنجز بطل الفيلم عمله السينمائي الأول ويعيش كابوس انجازه، بينما يطالعنا "شو زبطت هيك" لبهيج خضر بكابوس شاب لا يزال يحاول اخراج فيلمه الأول. على عكس سينمات عربية كثيرة فالسينما اللبنانية الشابة ليس لديها وقت للوقوف على الأطلال والبكاء، بل تجنح بصورة واضحة وتصميم واضح صوب الفكرة الجديدة ذات الطرافة وترسم معالم حياة تنفصل عن الماضي وهي تتطلع الى الأمام، معترفة ان هذا "الأمام" لا يزال بلا وجه وان المستقبل قد لا يقل غموضاً عن زمن قريب مضى. وعلى صعيد الأفلام اللبنانية الطويلة يعرض المهرجان فيلمين جديدين هما "المتحضرات" لرندة شهال صباغ و"بيت الزهر" لجوانا حجي توما وخليل جريج. الأول يدور في رحى الحرب محاولاً رسم معالمها المجنونة، والثاني عن معالم ما بعد الحرب عندما تواجه عائلتان تقطنان قصراً مهجوراً على نحو غير قانوني ضرورة ترك القصر بدواعي دوران العجلة الاقتصادية في البلد. هذه الافلام كثيراً ما تعد أيضاً بطرح مخرجين جدد، وقليل منهم سيجد الفرص التي تمكنه من العمل في السينما على نحو متواصل. لكن أولئك الذين سيعتمدون على اصرارهم سيجدون في مهرجان بيروت النافذة الأولى لتقديم أعمالهم وإذا ما تمكن المهرجان من تنفيذ خطته - احدى الوسائل المناسبة للمواصلة واستكمال الطريق. لكن من تحدثنا اليهم هم أول المعترفين والمدركين بأن الطريق أمامهم أصعب من ان تنعشها الآمال. ولقاء كل عشرة مخرجين تمكنوا من تحقيق أفلام قصيرة هناك عشرون أخفقوا، ولقاء كل خمسة أنجزوا أفلامهم الطويلة خلال السنوات الخمس الأخيرة، هناك خمسة عشر كتبوا ولم يجدوا التمويل الذي يمكنهم من نقل الفكرة الى حيز التنفيذ. أدوارد عون، رئيس مهرجان بيروت السينمائي يقول: "نأمل بأن يستطيع هذا المهرجان تقديم الخامات والمساهمات التي تمكن من انشاء صناعة سينمائية في لبنان. الوقت حان لذلك منذ سنوات، واليوم هناك اجماع اكثر من قبل المسؤولين والقطاعات الخاصة معاً على ضرورة ايجاد البنية الاقتصادية لهذه الصناعة". لكن أحد المخرجين الذين قدموا فيلماً مبهراً قبل بضع سنوات يقول نصف مازح: "قررت الاعتزال قبل ان أبداً. المسيرة وجدتها طويلة والخوف هو ان أنضم الى قائمة الذين حققوا فيلماً واحداً في حياتهم ثم غابوا".