قتل رئيس مجلس المصالحة الوطنية الأفغانية الرئيس السابق برهان الدين رباني وخمسة من أعضاء المجلس، في هجوم نفذه انتحاري من «طالبان»، ومعه زميل له، داخل منزله في حي وزير أكبر خان الديبلوماسي في كابول، والذي استهدف الثلثاء الماضي بصواريخ أطلقها مسلحون على السفارة الأميركية ومقر الحلف الاطلسي (ناتو) وأدى الى مقتل 16 شخصاً. وافادت معلومات بان الانتحاري خبأ القنبلة التي فجرها في عمامته. وكانت حركة «طالبان» رفضت التعاون مع مجلس المصالحة الذي شكله الرئيس الأفغاني حميد كارزاي العام الماضي بهدف إقناع الجماعات المسلحة بالتفاوض مع حكومته، كما انتقدت الحركة زيارة رباني ولايات عدة قبل شهور ولقاءه مقاتلين وقادة ميدانيين في صفوفها لحضهم على إلقاء السلاح، في حين نال دعم القيادة الباكستانية خلال زيارته إسلام آباد حيث التقى الرئيس آصف علي زرداري وقائد الجيش أشفق كياني، قيادات باكستانية يعتقد بأنها تدعم «طالبان» الأفغانية. وعلى الأرض، لم يحقق المجلس الذي يضم 68 عضواً اختارهم كارزاي بنفسه، أي نجاح في مساعيه حتى الآن. وأغلقت الشرطة كل الطرق المؤدية إلى حي الديبلوماسي، بينما لازم السكان بيوتهم خشية حصول أعمال عنف بعد مقتل رباني الذي كان رأس التحالف المناهض ل «طالبان» منذ عام 1996 وحتى غزو قوات التحالف أفغانستان نهاية عام 2001. وأفاد شهود بأن السفارة الأميركية في كابول غير البعيدة من منزل رباني أطلقت جرس الإنذار محذرة من هجوم محتمل، وأبلغت أفراد البعثة أن هذا الإجراء ليس تدريباً، ما دفعهم الى الاحتماء بسواتر. وعلى رغم أن مقتل رباني يمثل أكبر عملية لاغتيال شخصية بارزة مقربة من الرئيس كارزاي بعد شهرين من اغتيال شقيق الأخير أحمد والي كارزاي، واصل الرئيس الأفغاني رحلته الى نيويورك للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتقى فور وصوله الرئيس الأميركي باراك أوباما في نيويورك. وتعهد الرئيسان مواصلة جهود السلام في أفغانستان. وأفادت مصادر أفغانية أن الهجوم على منزل رباني وقع خلال استقباله مستشار كارزاي الوزير السابق ونائب رئيس مجلس المصالحة معصوم ستانكزي ورجلين آخرين تردد أنهما عضوان في «طالبان» يريدان التفاوض مع مجلس المصالحة الوطنية. وقتل ستانكزي أيضاً في الانفجار الذي وقع لدى دخوله ومرافقيه منزل رباني ونتج على الأرجح من عبوة ناسفة خبأها أحد العضوين المزعومين في عمامته. وكشفت مصادر في حزب «الجمعية الإسلامية» التي يتزعمها رباني أن الأخير تلقى قبل فترة غير قصيرة رسالة تحذير من «طالبان» دعته الى تجنب التعامل مع نظام كارزاي والقوات الأميركية في أفغانستان، وأن الرسالة التي وقعها زعيم الحركة الملا محمد عمر هددت بمعاقبة من يخدم القوات الأميركية، مناشدة رباني وقف تحركاته في هذا المجال. وكان رباني أكد في كلمة ألقاها خلال افتتاح المجلس في تشرين الأول (أكتوبر) 2010، «ثقته بأن السلام ممكن»، مضيفاً: «آمل بأن نستطيع تنفيذ خطوات كبيرة لإرساء السلام، والاضطلاع بواجبنا بجهد لا يكل ولا يمل وبعون من الله». واللافت أن منظمة «هيومن رايتس ووتش» لحقوق الإنسان تعتبر رباني بين الشخصيات الأفغانية البارزة المتهمة بارتكاب جرائم حرب خلال القتال الذي أدى الى مقتل أو تشريد مئات الآلاف من الأفغان في مطلع التسعينات من القرن العشرين.