على رغم مفاوضات مستفيضة ومطولة استغرقت أعواماً، لا يزال موضوع تشغيل "الممر الآمن" الجنوبي الواصل بين حاجز ترقوميا جنوب الخليل الذي نص اتفاق شرم الشيخ الاخير على فتحه في بداية شهر تشرين أول أكتوبر المقبل محل خلاف بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي في أعقاب اصرار الطرف الاخير على تفتيش واعتقال المواطنين الفلسطينيين على طول الطريق الذي سيستخدمونه والذي يمر عبر الدولة العبرية. وصرح رئيس الحكومة الاسرائيلية أيهود باراك أن "الممر الآمن" سيفتتح الاحد المقبل كما كان مقرراً ووفقاً لاتفاق شرم الشيخ "مع مراعاة أمرين أساسيين: الامن والسيادة". وأوضح باراك أثناء جولة قام بها في وسط الضفة الغربية "لن نوافق على حل وسط يتعلق بمسألتي الامن والسيادة لأن السيادة الاسرائيلية ليست قابلة للتفاوض مع أي جهة ولا بأي حال من الاحوال" مضيفاً ان خلافات ما زالت قائمة مع الجانب الفلسطيني حول "حق اسرائيل في إجراء تفتيشات أمنية واعتقالات على طول الممر الآمن". وجاءت تصريحات باراك بعد أن أعلن وزير الامن الداخلي الاسرائيلي شلومو بن عامي أنه "ليس من المؤكد أن يتم افتتاح الممر الآمن يوم الاحد لأنه خال من الأمن ويجب حسم بعض المسائل المتعلقة بالأمن مع الفلسطينيين". من جهته، أكد وزير الشؤون المدنية الفلسطيني المسؤول عن مفاوضات تشغيل "الممر الآمن" جميل الطريفي أن تقدما لم يحرز في اجتماع عقد مساء أمس الاول للبحث في مسألة تشغيل الممر الآمن، محملاً الجانب الإسرائيلي المسؤولية عن أي تأخير في مواعيد تنفيذ اتفاق شرم الشيخ. وأشار الطريفي الى أن الجانب الاسرائيلي "يضع عقبتين أمام تشغيل الممر تتعلقان بتوفير الامن للمواطن الفلسطيني أثناء مروره وعدم قيام السلطات الاسرائيلية باعتقاله ما لم يرتكب مخالفة مرورية، وبطاقات المرور الخاصة التي يصر الاسرائيليون على اصدارها ونؤكد نحن أنها من صلاحياتنا". وأضاف: "نرفض أن يتحول الممر الى مصيدة للفلسطينيين". وكان المفاوضون الفلسطينيون على اتفاق شرم الشيخ أكدوا أكثر من مرة أن جميع الفلسطينيين من دون استثناء سيكون بامكانهم استخدام الممر حال تشغيله من دون أن يتعرضوا لخطر الاعتقال من الجانب الاسرائيلي. وأشاروا في هذا السياق الى أن الفلسطينيين الذين تتحفظ اسرائيل عن دخولهم اليها، سيتنقلون في حافلات جماعية وليس مع سياراتهم الخصوصية. لبنان وتطرق باراك الى الشأن اللبناني ومسألة انسحاب قوات الاحتلال الاسرائيلي من أراضيه الجنوبية في التصريحات ذاتها، اذ اكد أقوال نائبه في وزارة الدفاع افرايم سنيه بشأن ضرورة التوصل الى "ترتيبات أمنية" مع سورية في جنوبلبنان قبل انسحاب القوات الاسرائيلية منه. وجدد باراك تعهده "بنشر قواته على الحدود مع لبنان في حلول تموز يوليو 2000 ووضع حد للمأساة في لبنان، وسنجلب الامن للحدود الدولية من خلال ترتيبات اتفاق"، مضيفاً ان هذا الاتفاق يجب أن يضمن أمن "جيش لبنانالجنوبي" العميل لاسرائيل والمدنيين القاطنين في المنطقة التي تحتلها اسرائيل في جنوبلبنان. وتعتبر تصريحات باراك رسالة ضغط الى القيادة السورية التي ترى المؤسسة الحاكمة في اسرائيل أنها شددت في الاونة الأخيرة من مواقفها ازاء استئناف المفاوضات بين الجانبين في خصوص انسحاب الدولة العبرية من هضبة الجولان السورية وتبديداً لآمال مئات الجنود الاسرائيليين وعائلاتهم الذين فهموا من تعهدات باراك أنه سينفذ انسحاباً "من جانب واحد" في جنوبلبنان في منتصف الصيف المقبل اذا لم يتم التوصل الى حل مع السوريين. وكان مسؤولون في اسرائيل في مقدمهم الرئيس الاسرائيلي عيزر وايزمان ووزير الخارجية ديفيد ليفي اتهموا سورية بعدم الرغبة في تحقيق السلام مع إسرائيل. وقال وايزمان في تصريحات صحفية أن السوريين "غير جادين" وطالب بعدم "الهرولة" باتجاه دمشق، مشيراً الى أن اسرائيل تقيم علاقات سلام طبيعية مع الاردن ومصر وليست بحاجة الى السلام مع سورية اذا لم ترغب هي به. في هذه الاثناء، نشرت صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية فحوى "كراسة مفصلة" تضمنت وصفاً لسيناريو انسحاب القوات الاسرائيلية من جنوبلبنان أعدها قائد وحدة الاتصال في لبنان العميد بني غيتس وضباط آخرون. وقالت المصادر ذاتها أن "قائد المنطقة الشمالية" في الجيش الاسرائيلي غابي اشكنازي أجرى في الأيام الاخيرة مداولات اولية حول اخلاء قواعد عسكرية ومواقع في الاشهر القليلة المقبلة. ونقلت الصحيفة عن مصدر عسكري كبير قوله أن المداولات تتعلق فقط بموضوع لبنان وليس بهضبة الجولان. وتنقسم "الكراسة" الى ثلاثة فصول، اولها يتعلق بجيش انطوان لحد وبناء قوته من خلال تجنيد المزيد من عناصره وتقديم وسائل قتالية حديثة وحماية مواقع، إضافة الى تشجيع عائلات عناصر هذا الجيش للانتقال الى أماكن أخرى "لتحسين مستوي معيشتهم وابعادهم عن الاماكن الخطرة". أما الفصل الثاني فيتضمن اعادة انتشار الجيش الاسرائيلي في القطاع الشرقي بعد اخلاء منطقة جزين "ويدور الحديث عن مواقع معينة وحماية مواقع أخرى". اما الفصل الثالث فيتحدث عن تخصيص اراضٍ "داخل اسرائيل" للجيش الاسرائيلي الذي سيعيد انتشاره في هذه المنطقة.