على رغم أن الإحصاءات الرسمية الصادرة من الغرف التجارية السعودية قدرت اجمالي السجلات التجارية المسجلة بأسماء سيدات سعوديات بنحو 70 ألفاً، إلا أن هذه الأرقام لم تشمل سوى اولئك ممن تنطبق عليهن شروط القيد التجاري، اذ ان هناك الكثيرات ممن يمارسن الأنشطة الاقتصادية لم تشملهن الإحصائية كسيدات الأموال والعقاريات المضاربات في سوق الأراضي. وتتألف فئة سيدات الأموال ممن يعملن على تدوير رؤوس أموالهن في الأسواق المالية المحلية أو العالمية عبر المضاربة بالأسهم والمتاجرة في السندات وربط الودائع، وهن غير محظيات مقارنة بفئة سيدات الأعمال ممن يوظفن أموالهن في مشاريع تجارية ومنشآت أعمال خاصة. وتشكل فئية سيدات الاموال نسبة مهمة على رغم غياب الاعتراف الرسمي وعدم وجود احصاءات دقيقة لحجم رؤوس اموالهن المتداولة في اسواق المال او لاعداد المضاربات. ولتحقيق أقصى استفادة ممكنة من سيدات الأموال ينبغي النظر في تخصيص فروع نسائية في مراكز الاستثمار، على غرار تلك الموجودة في المصارف التجارية. اذ لا يخفى ما تقدمه تلك المراكز من خدمات ومنتجات استثمارية مربحة تتناسب مع الشرائح المختلفة الراغبة في دخول دنيا المال. وتحرص غالبية المصارف البنكية على توفير كادر عالي المستوى من المتخصصين في الأوراق المالية لخدمة قاصدي المراكز الاستثمارية التي عادة ما تحتوي على قاعدة معلومات لتسهيل عملية تدفق المعلومات الجارية في الأسواق المحلية والعالمية لتحقيق النمو المنشود في رأس المال. ويمكن في هذا الصدد الاستفادة من الخدمات الاستثمارية المتاحة بطريقة غير مباشرة وذلك عبر التعامل مع الوحدات النسائية في المصارف التجارية حيث تتولى الموظفات في وحدة خدمات العملاء التنسيق مع المختصين في مراكز الاستثمار. و من المفيد في ظل تنامي الحس الاستثماري لدى السيدات تدشين فروع نسائية في هذه المراكز وإيجاد كوادر نسائية من المتخصصات في إدارة المحافظ الاستثمارية لإعطاء سيدات الأموال فرصة لإختيار الخدمات والمنتجات الاستثمارية لتحديد مستوى العائد والمخاطر في المحفظة المصممة للمرأة والتي تنسجم مع الأهداف المنشودة من دخول المرأة الأسواق المالية. من جهة أخرى تعاني المرأة المضاربة المستثمرة في سوق الأسهم من مشاكل عدة تحد من حرية حركتها. فعلى رغم ان القانون لم يفرق بين المرأة والرجل في المتاجرة بإصدارات الشركات المساهمة المدرجة في سوق الأسهم في مختلف القطاعات الاقتصادية، كما ان الانظمة لم تقف في وجه المرأة باشتراط الوكيل الشرعي أو حتى المصرفي عند التعامل في الأسواق المالية حيث يتاح للنساء التعامل والتداول فيها بحرية. لكن بعض القائمين على أمر السوق عادة لا يتقبلون وجود امرأة إستناداً لاعتقادات خاطئة وتصوارت قاصرة إن سوق الأسهم حكر على الرجال لا مكان فيه للنساء. ولذلك نجد أن المضارب يحظى بما لاتحظى به المضاربة ويحصل على معلومات أدق تتفق مع وضع السوق أثناء إبرام الصفقات اذ من السهل على المضارب الرجل الحضور في صالات التداول المركزية ومناقشة المختصين سواء من وسطاء السوق أو مراقبين وإبرام الصفقات في ظل ظروف ومعلومات واضحة. وفي المقابل لا تحظى المرأة المضاربة بتلك الامتيازات لعدم وجود أماكن مخصصة للنساء في وحدات التدوال المركزية أو حتى وجود وسيطات سوق، وعلى من ترغب في تحريك أموالها التعامل مع خدمات العملاء بالوحدات النسائية التي تفتقد العاملات فيها للخبرة والسرعة في التنفيذ. اذ يتم تنفيذ الصفقات النسائية عبر قيام العميلة بتعبئة نموذج طلب الشراء/ البيع الخاص بأسهم الشركة التي تريد الاستثمار في إصداراتها بسعر يكاد يقترب من سعر التداول ولا يتطابق احيانا مع السعر الذي يحصل الرجل عليه، والذى يبرم الصفقة في الصالة المركزية أو وحدة تداول الأسهم التي يتاح فيها معرفة اصل ما يجري في السوق . وفي المقابل تعاني المرأة من تعثر معاملاتها اذ يفترض أن يرسل نموذج الصفقة عبر الفاكس الى وحدة التداول، وقد تفاجأ المستثمرة في آخر المطاف ان طلبها لم يصل الى الوحدة لأن الفاكس بعث بالنموذج الى وحدة القروض عن طريق الخطأ. وان حالف المرأة الحظ في تنفيذ الصفقة لابد ان تنتظر وصول شهادة ملكية الأسهم بالبريد الذي قد يصل من دونها. واذا ارتفعت الاسعار وارادت الاستفادة من فارق السعر وحاولت الاتصال بمديرة الفرع، يكون الخط مشغولاً كما هي العادة في المصارف. وعلى رغم أن النظام الآلي الذى تطبقه مؤسسة النقد أدى الى زيادة سرعة التداول خلال فترة زمنية قياسية لا تزيد عن 24 ساعة اذ تتم التسوية في اليوم نفسه، إلا أن المرأة لا تستفيد من تلك التقنيات المتقدمة في التداول الإلكتروني ولا تأخذ شهادتها فوراً، وتدخل في دوامة عند تنفيذ الصفقات التى لا تخرج عن دائرة "شراء السمك في الماء"، الأمر الذى يطرح التفكير في امكان تخصيص أقسام نسائية في صالات التداول المركزية وإيجاد وسيطات نساء تتوافر لديهن المؤهلات المناسبة. اذ يلاحظ عدم توافق المؤهلات العلمية لعدد من موظفات المصارف مع الوظائف التي يشغلنها. ومن المخجل أن تتولى خريجة رياض الأطفال أو علم التغذية أعمالاً مصرفية بحتة، وتتولى خريجات الاقتصاد والإدارة وظائف هامشية بعيده عن القطاع المصرفي. ونأمل في التفات المصارف التجارية الى هذا الامر، والتدقيق في اختيار الموظفات لئلا تتأثر الإنتاجية داخل الوحدات النسائية التي أصبحت تعاني من انحرافات العمل وارتفاع معدل الأخطاء. وعودة الى موضوعنا الرئيسي، اذ ينبغي تعزيز دخول النساء أسواق المال وتوفير أماكن منفصلة وكوادر نسائية متخصصة لخدمة الراغبات في دخول أسواق المال. ومن المفيد الحديث عن أهمية تملك كبار المساهمات مقاعد في مجالس إدارة الشركات المساهمة التي هي عبارة عن شركات أموال لا تقوم على الاعتبار الشخصي بل على الاعتبار المالي اذ ينقسم رأس مالها الى اسهم متساوية القيمة قابلة للتداول، ولا يقل عدد الشركاء فيها عن خمسة، لا يُسأل الشريك إلا في حدود القيمة الاسمية للسهم. وعليه تجذب هذه الشركات المدخرات النسائية نظرا الى تحديد مسؤولية المرأة المساهمة بمقدار حصتها إضافة الى امكان تدوير أموال النساء في تلك الشركات حتى ولو لم يكن مرخصاً لهن بممارسة التجارة كالموظفات الحكوميات، وعليه تملكت العديد من السيدات أسهماً في شركات مساهمة مدرجة في السوق إلا أن كبار السيدات من حملة الأسهم تغيب دورهن في التأثير في القرارات الصادرة من مجالس الإدارة كنتيجة فعلية لعدم حصولن على مقعد في هذه المجالس. ونظراً الى انه لا يسمح للمرأة بالمداولة والنقاش في الجمعيات العمومية حتى لو كانت من كبار حملة الأسهم، يمكن توفير شبكة صوتية مغلقة كما هو متبع في الجامعات لإتاحة الفرصة للنساء لمناقشة جدول أعمال المجلس والمشاركة في انتخاب اعضاء المجلس أو حتى ترشيح أنفسهن لشغل مقاعد في مجالس الإدارة. * عضو جمعية الاقتصاد السعودية والجمعية السعودية للإدارة.