يرى محللون ومراقبون أن باكستان بدأت في تعديل مواقفها وسياستها إزاء حركة "طالبان" والتي سببت لها عزلة دولية وإقليمية وذلك تحت ضغوط أميركية متصاعدة سيما بعد الغضب الأميركي إزاء اصرار الحركة على إيواء الثري العربي أسامة بن لادن المتهم بالوقوف خلف تفجيري السفارتين الأميركيتين في نيروبي ودار السلام في آب اغسطس الماضي. ورغم نفي مساعد وزيرة الخارجية الأميركي كارل أندرفوث ما تردد عن طلب بلاده من باكستان التخلي عن دعم "طالبان" فان المراقبين يعتقدون أن ثمة رغبة أميركية و إقليمية في أن تمارس باكستان ضغوطاً على الحركة من أجل الاعتراف بحقوق سائر الاعراق والطوائف الافغانية، خصوصاً لجهة المشاركة السياسية. وتوقف المحللون طويلاً عند البيان المشترك الذي صدر عن وزير الخارجية الباكستاني ونظيره التركمانستاني في أعقاب زيارة لإسلام آباد إذ دعا البيان إلى تشكيل حكومة موسعة في أفغانستان تتمثل فيها كل الاعراق الأفغانية، اضافة الى وقف تدفق الأسلحة على أفغانستان. ويبدو أنه من الصعب على "طالبان" الحليفة لباكستان أن تتخذ سياسة مستقلة ازاء التقارب مع إيران بدون إطلاع اسلام آباد مسبقاً على استراتيجيتها في هذا الشأن إذ أنه لوحظت دعوات من الطرفين: "طالبان" وايران، من أجل الحوار والتخلي عن الإتهامات و المهاترات. وتدرك باكستان أنه ليس من السهولة بمكان أن تعتمد على "طالبان" وتتجاهل مصالح دول المنطقة في أفغانستان. وترددت أخيراً معلومات عن إقامة باكستان علاقات مع القائد الطاجيكي الجنرال احمد شاه مسعود وذلك بوساطة من تركيا التي تحظى بعلاقات وطيدة مع التحالف المناهض ل "طالبان" ولمح رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف الى التغيير في سياسة بلاده في كلمته أمام المؤتمر الذي دعت اليه اسلام آباد في مناسبة الذكرى المئوية لتأسيس المملكة العربية السعودية حين قال إن "الاسلام علمنا أن قتل شخص بريء يعادل قتل أهل الأرض"، ما رأى فيه المشاركون إشارة إلى حركة "طالبان" وإصرارها على سياسة استئصال الآخرين و عدم قبولها بحكومة مشتركة. و سبق هذا ابدال شريف رئيس الاستخبارات العسكرية الجنرال نسيم رانا الرجل القوي في المؤسسة المعنية بالملف الأفغاني بشخصية غير معروفة هي الجنرال خواجة ضياء الدين، الأمر الذي وصفته المصادر الديبلوماسية الغربية المقيمة في إسلام آباد بأنه تغيير في موقف و سياسة نواز شريف إزاء "طالبان". كل هذه التطورات و التغييرات تأتي قبل ايام من وصول مساعد وزيرة الخارجية الأميركي كارل أندرفورث الى اسلام آباد حيث يتوقع أن يثير مسائل مثل "طالبان" ووجود ابن لادن في مناطق الحركة والإستعدادات التي تجري من أجل عقد مؤتمر "6"2" اي الدول الست المجاورة لأفغانستان إلى جانب أميركا وروسيا، في طشقند بمشاركة الأممالمتحدة. وتبذل باكستان جهوداً كبيرة من أجل انعقاد المؤتمر ويبدو أن لديها الجديد في هذا المجال سيما وأنها كانت محور لقاءات وزيارات قام بها وزيرا خارجية اوزبكستان وتركمانستان إلى جانب المبعوث الدولي إلى أفغانستان الاخضر الإبراهيمي وهناك الزيارة المرتقبة لوزير الخارجية الإيراني كمال خرازي لاسلام آباد.