أعلنت الولاياتالمتحدة أنها ستدعو إلى مزيد من الخفوضات العميقة في التعرفات الزراعية وإلى إلغاء الدعم المقدم إلى الصادرات الزراعية في العالم. وقالت إنها "ستحارب أي دعوات للحمائية والانعزالية"، وحذرت في الوقت ذاته من أزمة تجارية يمكن ان تضرب العالم السنة الجارية. وفي كلمة موسعة ألقاها صباح أمس أمام قمة "المنتدى الاقتصادي العالمي" السنوية المنعقدة في دافوس، قدم نائب الرئيس الأميركي آل غور جملة تصورات ودعوات حدد فيها رؤية بلاده وتصوراتها ازاء الأوضاع الاقتصادية المستجدة داخل الولاياتالمتحدة والعالم. وحملت الكلمة ردوداً على جملة مواقف أعلنت في القمة وبينها التشكيك بقدرة الاقتصاد الأميركي وإمكانات تأثير المعوقات الانتاجية على قيمة الدولار وعلى السياسات الحكومية. كما استغل نائب الرئيس الأميركي الفرصة لتشديد حملته على اليابان. وكان غور واضحاً في تحذيره العالم من "أزمة تجارية محتملة". وقال: "كل خططنا لتحسين عملية تشغيل الاقتصاد الدولي رهن بالنمو الذي تحققه المحركات الرئيسية لهذا الاقتصاد... ونمو هذه الحركات الرئيسية لا بد منه إذا كان علينا أن نتجنب تحول الأزمة المالية عام 1998 إلى أزمة تجارية عام 1999". وأضاف موجهاً كلامه إلى السلطات اليابانية التي تشهد علاقاتها التجارية مع واشنطن توتراً متزايداً: "ينظر العالم كله اليوم إلى اليابان للقيام ببعض التغيرات المناسبة في طريقة تتحمل فيها مسؤولياتها كثاني أكبر اقتصاد في العالم". ونبّه إلى أن اليابان "حتى في ظل الركود تنتج أكثر من ثلثي اجمالي الناتج القومي لكامل آسيا"، وأنها تواجه جموداً اقتصادياً متواصلاً منذ سبعة أعوام يحتم اعتماد اجراءات واضحة من بينها "تحرير الأسواق وفتحها". وحمّل غور طوكيو مسؤوليتها عن الأزمة الاقتصادية الحالية في العالم، وقال: "لذا ومع احترامنا البالغ للتقدم الذي حققته اليابان، فإننا مع جميع الآخرين في هذا العالم، نكرر بكل احترام لليابان، صديقتنا وشريكتنا رجاء... نحن بحاجة إلى مساعدتك لمواجهة هذه الأزمة الاقتصادية الدولية". ونبّه إلى أن استمرار النمو هو الأولوية الرئيسية التي تواجه العالم. وقال: "من جهتنا تتبع الولاياتالمتحدة سياسة نمو تستند إلى ثلاثة عوامل لم تجرِ أي محاولة من قبل للربط بينها، وهي القضاء على العجز وفتح الأسواق والاستثمار في أفراد شعبنا... لقد استبدلنا الحلقة المفرغة بحلقة مزدهرة من معدلات فائدة منخفضة ومزيد من الاستثمارات ومزيد من الوظائف ومزيد من النمو". وحاول غور طمأنة الأسواق إلى متانة وضع الاقتصاد الأميركي الذي قال إنه تمكن للمرة الأولى منذ 30 عاماً من امتلاك موازنة متوازنة وتحقيق أكبر فائض في تاريخ الولاياتالمتحدة. وأكد ان سياسة الإدارة الحالية تقوم على الاستعداد للمستقبل وازدياد نسبة المسنين في الفئات العمرية للسكان، وعلى محاربة البيروقراطية ومحاولة خفض أعبائها وعلى تطوير الموارد البشرية. وأشار، في معرض رده على تحليلات نشرت في دافوس وتحدثت عن توجه حمائي سيغلب على الإدارة الديموقراطية في البيت الأبيض، إلى أن "هذا التوجه مرفوض". وذكر: "ستبقى أميركا ملتزمة العالم. علينا أن نقاوم الدعوات الضيقة الافق للحمائية والانعزالية اللتين ستنصبان جداراً يحول بيننا وبين الازدهار نفسه. وفي ظل وجود 96 في المئة من مستهلكي العالم خارج حدودنا، فإن رؤيتنا تقوم على أساس توسيع الصادرات الأميركية بما فيها التجارة الالكترونية المنسابة بحرية... ولهذا السبب سنحارب من أجل إقامة سلطة التجارة التقليدية التي رفض الكونغرس الاستجابة لاقتراح الرئيس كلينتون بصددها العام الماضي وعلينا أن نجد أرضية مشتركة". وشدد على الانفتاح التجاري للولايات المتحدة. وذكر في هذا الخصوص ان "الولاياتالمتحدة تفاوضت في الأعوام الستة الماضية على إبرام 270 اتفاقاً تجارياً جديداً من أجل فتح الأسواق الدولية أمام كل شيء من الزراعة إلى السيارات". إلا أنه لم يستبعد في الوقت ذاته اعتماد اجراءات خاصة للمحافظة على المصالح الأميركية في الداخل. وقال من دون اعطاء أي توضيح: "إننا ونحن نفتح الأبواب أمام التجارة العالمية، أوسع من أي وقت مضى، نرغب في بناء نظام تجاري يتضمن حواجز قوية للدفاع عن العمال والصحة والامان والأطفال والبيئة النظيفة". ونبّه إلى أنه إذا كان على الولاياتالمتحدة بناء اقتصاد قوي ومنتج "وتستجيب للطلب على دورها القيادي في مواجهة الأزمات الاقتصادية في الخارج، فإن عليها أن تكون ملتزمة بقوة أكثر من سياسات ما بعد النمو". وقال: "في هذه الفترة بالذات من الاضطراب لا تستطيع أميركا ولن تستطيع أن تتعامل مع النمو على أنه أمر حاصل وبديهي". وتابع في معرض اشارته إلى أهمية تفاعل الاقتصادات الدولية معاً لمواجهة الأزمة الدولية: "دعوني أشدد على أن أميركا تدرك تماماً أن نمونا المستقبلي مرتبط بنمو العالم كله... لهذا فإن الولاياتالمتحدة مصممة على ايجاد رد قوي على التحديات المالية للعالم". وهذا يشتمل التشديد مجدداً على خفض الفائدة في الولاياتالمتحدة والدول الصناعية الأخرى، إضافة إلى التشديد على النمو وتعزيز دور صندوق النقد الدولي. ودعا إلى جعل المؤسسات الدولية "أكثر حداثة مثلما هي اسواقنا، أي شفافة وخاضعة للمساءلة أمام اعضائها"، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن السوق المالية العالمية بحاجة إلى أن تدار في شكل أفضل وعلى أساس تعاوني أكبر.