لا يتوقف حجم الكارثة الناجمة عن الهزة على قوتها فحسب بل على تعريض البنايات للخطر نتيجة انعدام الوعي وقلة التخطيط. وغالباً ما تودي هزات ضعيفة تضرب بنايات لا تملك مواصفات هندسية تمكنها من المقاومة، الى كوارث قد تكون أكبر بكثير من تلك الناجمة عن هزات قوية تضرب بنايات مبنية بمواصفات مقاومة. وكما في كل الدول النامية، لا تعود النتائج المأسوية لهزة كولومبيا الى درجتها بل الى عدم الاستعداد لها. فتصميم البنايات لا يخضع الى قواعد خاصة بمقاومة الهزات. ويؤدي ذلك الى أن البنايات المشيدة من حجارة وطوب ولا يشدها الى بعضها تصميم خاص، تنهار بقوة مضاعفة تنجم عن الهزة الأرضية وثقل وزنها. ويؤكد العالم العربي الدكتور عمرو النشائي رئيس قسم هندسة الهزات الارضية في "إمبريال كوليج" التابعة لجامعة لندن، أن اتباع قواعد بناء خاصة بمقاومة خطر الهزات في كل مكان في العالم، لن يكلف أكثر من واحد أو اثنين في المئة من نفقات البناء الاعتيادية. وينفي العالم العربي ان تكون زيادة عدد الهزات تشير الى تغير في معدلات الهزات العالمية. فالدراسات العلمية والاحصائية تؤكد أن هذا المعدل ثابت خلال الخمسين السنة الأخيرة منذ تأسيس مراكز الارصاد العالمي للهزات. إلاّ أن وقوع هذا العدد الكبير من الضحايا يعود الى ازدياد عدد سكان الأرض. ولم تتغير الأرض على المدى القريب على الأقل لكن البشر تغيروا. ولو أن هذه المناطق بقيت خالية من السكان كما في الماضي لما تضمن خبر هزة كولومبيا سوى ذكر سقوط بضعة أشجار. والأرض ليست ثابتة بل في حركة مستمرة بسبب زحف القارات وتنجم الهزات عن الفوالق الناشئة حول تخوم التقاء الصفائح الأرضية التي تتكون منها قشرة الأرض أو ما يسمى اليابسة. هذا الزحف مستمر منذ ملايين السنين بسبب انقسام العالم الذي كان يتكون من كتلة يابسة واحدة الى ست قارات. وتحدث الهزات عادة عند ارتطام صفيحة أرضية باخرى أو انزلاقها تحتها. ومنطقة شبه الجزيرة العربية مثلاً، تزحف بمعدل سنتمترين سنوياً تقريباً مبتعدة عن أفريقيا في اتجاه الهضبة الايرانية. وتنشأ عن هذا الزحف اختلالات أرضية، تدعى فوالق تشكل البؤر المحتملة للهزات.