دعا وزير السياحة السوري دنحو داود أثناء زيارة قام بها الى القاهرة، الى تعاون الدول العربية في مجال السياحة، مؤكداً على ان السياحة العربية يجب ان تكون تكاملية وليس تنافسية. وتحدث الى "الحياة" عن الخطوات السورية المتبعة لتنشيط السياحة اليها، والاستعدادات للاحتفال بالالفية الثالثة، واثر الاحتلال على السياحة في المقابلة الآتية: ما هي حقيقة التحرك الذي تقومون به لمنح سورية الوضع المناسب على الخارطة السياحية؟ - السياحة صناعة العصر، وبالنسبة الى القرن المقبل وفي الالفية الثالثة ستكون صناعة السياحة الاكثر رواجاً وتنافساً وربحاً. وستنصب محاور التنافس في مجال الجذب السياحي الذي ستمارسه الدول من جهة والشركات السياحية من جهة ثانية في مصلحة السائح، الذي هو غاية وهدف النشاط السياحي وسيكون التأثير المتبادل هو حصيلة الجهود التي تبذلها الدول والشركات والقطاع الخاص، وهذا ما تعودت عليه اللجنة التنفيذية لوزراء السياحة العرب منذ تأسيسها وتأسيس مجلس وزراء السياحة العرب. فالسياحة ليست نشاطاً حكومياً صرفاً وليست نشاطاً فردياً خاصاً منعزلاً، لذلك طرحت فكرة الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص، بهدف تنمية موارد الدول والارتقاء بمستوى الخدمات نظراً الى ارتباط ذلك بالخدمات السياحية، وهي مهمة وطنية جماعية، وليست مهمة جهة واحدة فقط مثل وزارة السياحة او الشركات السياحية وحدها. لكن التعاون يجب ان يتم لتكون السياحة ايجابية المردود وذات قوام ناضج. فوزارة الداخلية وثيقة الصلة بالحركة السياحية وذلك على صعيد التأشيرات والهجرة والجوازات وتوفير الجانب الامني العام وراحة واستقرار السائح وتأمين اسلوب التعامل على الحدود في اللقاء الاول مع السائح، كما ان على وزارة النقل دوراً كبيراً فهي التي تشرف على آلية النقل بكل أنواعه، وحركة الجمارك العامة لها اتصال لصيق مع الحركة السياحية، وكذلك سياحة التسوق وسياحة المجموعات القادمة بقصد التجارة البينية، وكذلك وزارة التموين والتجارة الداخلية، بالاضافة الى وزارات الاسكان والمرافق والثقافة والاعلام. فوزارة الثقافة تشرف احياناً على المتاحف السياحية الدينية والاثرية والحضارية بالاشتراك مع وزارة السياحة. متى بدأتم الاهتمام بقطاع السياحة؟ - الحركة السياحية بدأت مطلع السبعينات من خلال رؤية الرئيس السوري حافظ الاسد الذي اصدر مجموعة من القوانين والقرارات والانظمة السياحية كانت محصلتها تشييد البنية الاساسية للسياحة في سورية، مثل المنشآت السياحية المشتركة والعامة والخاصة، فبدأت سورية تبني فنادق سياحية، ولكن بإدارة دولية كذلك قامت الشركات المشتركة بين الدولة والقطاع الخاص، الذي يمتلك ويبني ويدير ويجهز عدداً من الشركات، سواء في الفنادق او المنتجعات او النقل السياحي. وبعد ذلك بدأنا اصدار قرارات سياحية لتشجيع القطاع الخاص مثل الاعفاءات لتسهيل استيراد كل الآلات والادوات للتجهيزات اللازمة لعملية الاستثمار، ومن هذا المنطلق كانت هناك حركة بناء منشآت سياحية خاصة في معظم المحافظات السورية، مثل الفنادق التي يتم بناؤها بالاتفاق مع شركات ادارة عالية بالتنسيق مع وزارة السياحة كما ان عدداً من الشركات جاء للاستثمار والادارة في آن واحد، مثل "الشركة السعودية - السورية" التي يديرها الامير وليد بن طلال، لبناء "فندق دمشق" بكلفة 100 مليون دولار وهناك مراسلات مع شركات الادارة الدولية للحضور الى سورية للاستثمار السياحي. والاحصاءات تؤكد وجود تطور نوعي وكمي ونسبي في اعداد ونوعيات السياحة القادمة الينا سواء العربية او الاجنبية، واغلبها من دول الخليج، والارقام التي تزورنا تشجع قطاع السياحة السوري على فتح افاق جديدة للجذب السياحي للتسويق والترويج مع التركيز على الاسواق السياحية الاطول اقامة وإنفاقاً والاكثر فاعلية. ونحن لا نركز على السياحة التي تعود علينا بالمشاكل، بل نختار ونميز فهناك بعض الشوائب والثغرات والسلبيات، ونحاول التركيز عليها. تم اختيار سورية ليكون هذا العام عام "السياحة العربية اليها" فما الخطوات التي اتخذت لجذب السياح العرب؟ - نحن مستعدون لذلك، كما اننا نستعد للاحتفال بالالفية الثالثة بدءاً من عام 2000 وتشارك في الاحتفال خمس دول هي سورية ولبنان والاردن وفلسطين ومصر نظراً الى ارتباطها بظاهرة ميلاد السيد المسيح في شكل او في آخر. ولا بد من تكوين ترويكا سياحة تحوي هذه الدول للترويج وتسويق السياحة خلال السنة الجارية والى عام 2000، وستكون هناك احتفالات وطنية ودينية ومشاركة وجدانية. واعيادنا اعياد مشتركة مع المسيحيين، وليست لدينا اعياد خاصة. فالدولة كلها تشارك وتساهم لا سيما في اعياد الميلاد والصيام. وما الخطوات التي تتم بالتعاون مع الدول العربية الاخرى؟ - وضعنا برنامجاً، العام الماضي، بالاشتراك مع الوزارات والشركات والمؤسسات المختلفة، وسيتم التنسيق مع شركات الطيران ومنافذ الهجرة والجوازات والمؤسسات العاملة في كل دولة من الدول العربية على حدة، كما ستتشكل ورشة عمل تنطلق الى كل الدول العربية لدعوتها، وتوضيح رؤية وصورة السياحة في سورية آخذة معها كل مستلزمات الترويج والتنشيط والتسويق السياحي، كما ستجتمع شركات السياحة والسفر العربية لوضع التصورات الكاملة حول كيفية استيعاب السياحة العربية الحرة. وهدفنا اطلاع الحكومات العربية والقطاع الحكومي على ما لدينا، واعلامهم بالتسهيلات التي نبغيها كما اننا نرد على استفسارات القطاع السياحي العربي الخاص، مثل اسعار الفنادق والشقق المفروشة واجرة السيارات العامة في سورية والتسهيلات المقدمة لزيارة الآثار الدينية، ومواقع الاثار والاستجمام والاصطياف. وما حجم السياحة العربية المتوقعة الى سورية عام 1999؟ - نحو 70 في المئة من السياحة المتجهة الى سورية عربي ومعظم القادمين من دول الجوار وسياحة الاستجمام تأتي الينا من دول الخليج، وسياحة التسوق تزيد سنويا بنحو عشرة في المئة، وأتوقع خلال السنة الجارية ان تتعدى نسبة 18 في المئة وأن يراوح عدد السياح بين 5،1 مليون و6،1 مليون سائح عربي، وأن يرتفع حجم السياحة الوافدة الى مليونين. ما هي جنسيات أغلب السياح الوافدين الى سورية؟ - اغلب السياحة الوافدة الينا من دول الخليج، لا سيما السعودية. والخليجيون يأتون الينا في الصيف للاصطياف مع عائلاتهم وهذا النوع من السياحة هو الأطول اقامة لدينا، وهم في زيادة مستمرة وهناك اراء واستبيانات تشيد بسورية والمواقع السياحية والخدمات والامن والاستقرار فيها. وماذا عن السياحة الاوروبية الى سورية؟ - السياحة الاوروبية الى سورية معظمها سياحة ثقافية لزيارة الاثار على غرار قلعة صلاح الدين وقلعة الحصن. مثل هذه القلاع له تاريخ يرتبط بأوروبا، وهناك أيضاً قلعة المرقد في محافظة طرطوس، وقلعة صافينا، واغلب القلاع لا يزال في حالة جيدة. لذلك يأتي السياح الاجانب الى قلعة حلب ومدينة تدمر، التي تقام فيها المهرجانات كل عام وندعو لها الاجانب والعرب. وهناك السياحة الداخلية للتعريف بالمواقع والاثار المهمة، فسورية كانت منطلق طريق الحرير القادم من الصين والهند عن طريق نهر الفرات، وهناك مدينة معلولة التي يتحدث اهلها بلغة السيد المسيح، ومدينة وحضارة أبيلا والحضارة السورية العريقة التي اكتشفتها ايطاليا في وسط سورية، وحماه التي اكتشفت فيها اقدم مكتبة تاريخية في العالم. كل هذا يشجع السياحة الى سورية. وهل، برأيك، السياحة العربية تكاملية ام تنافسية؟ - نحن كعرب يجب ألا نخشى من بعضنا البعض من الناحية السياحية، وان يسودنا روح المحبة والشعور الحقيقي بالحاجة والتكامل، وان نعمل من ثم ضمن هذا الاطار، فنحن جميعاً كعرب لم نأخذ حصتنا من السياحة العالمية، إذ لا نستحوذ الا على قرابة واحد في المئة من السياحة العالمية فهل يعقل ان نحارب بعضنا البعض على هذه الحصة البسيطة؟ علينا ان نذهب الى كل انحاء العالم ونوضح صورتنا، ونتفاعل مع العالم ونفتح مكاتب سياحية في الخارج، وننظم معارض عربية في الخارج، وننقل صوت الحضارة العربية البناءة والايجابية الى الخارج لنقول للعالم: "تعالوا الى الوطن العربي"، يجب ان تكون لدينا سياسة دائمة وثابتة غير قابلة للمراجعة والتشكيك، باستثناء مراجعة الحسابات الايجابية والسلبية سنوياً لنقضي على السلبيات ليكون شعار السياحة العربية التكاملية وليس التنافسية. هل لاحتلال اسرائيل للجولان وجنوب لبنان تأثير على السياحة الى سورية؟ - الاحتلال يؤثر على كل نواحي الحياة في اي بلد، فله آثار سلبية، ولكنه لا يقيد حركة التاريخ. واحتلال فلسطين يقيد حركة السياحة في الدول العربية. كل المجريات غير الطبيعية في المنطقة يؤثر سلباً على شعوبها، فنحن ابناء السلام العادل والشامل الذي يخدم الشعوب.