مدد الرئيس الكازاخي نور سلطان نزاربايف ولايته حتى عام 2006، وحتى إذا لم يجدد لمرة ثالثة فإنه سيصبح صاحب "الرقم القياسي" في طول العمر السلطوي بين أقرانه من قادة الجمهوريات السوفياتية السابقة. ومثل الكثيرين من نظرائه فإن نزاربايف كان قبل انهيار الدولة السوفياتية زعيماً للحزب الشيوعي في كازاخستان، ثم "تمرد" على عقيدته وعكف على بناء الرأسمالية بموجب برامج اصلاحية شبيهة بتلك التي اعتمدتها روسيا، وحصل على نتائج كارثية مماثلة. لكنه خلافاً للرئيس بوريس يلتسن لم يدّع انه يبني ديموقراطية وفق النموذج الأميركي أو الأوروبي، بل شدد على خصوصية كازاخستان وانتمائها الى آسيا الوسطى. وانعكست الديموقراطية الآسيوية في الانتخابات الرئاسية الأولى التي خاضها نزاربايف من دون منافسين وحصل على 98.7 في المئة من الأصوات. وظهرت النزعة الآسيوية ثانية حينما قرر الرئيس ان يمدد ولايته حتى عام 2006 عبر استفتاء يذكر ب "المبايعة". إلا أن تدهور الأوضاع الاقتصادية وتزايد الاستياء من تعاظم العلاقات العشائرية وانتشار المحسوبية دفعا المحيطين بنزاربايف الى وضع سيناريو جديد يستبق الأحداث ويمنع المعارضة من التطلع الى الرئاسة الأولى في القرن المقبل. ولذا تقرر اجراء انتخابات مبكرة بمنافسين هذه المرة ولكن... من دون قانون انتخابي. وجرى انتقاء المنافسين وفرزهم بعناية واستبعد اقواهم، رئيس الوزراء السابق اكيجان كاجيغيلدين، بموجب مرسوم رئاسي يمنع كل من فرضت عليه عقوبة غرامة ادارية من خوض الانتخابات. وجريرة كاجيغيلدين واضحة مثل شمس كازاخستان، فهو دعا الى اجتماع لتشكيل كتلة انتخابية لتسجيلها رسمياً. وعلى الطريقة الآسيو - روسية وظفت وسائل الاعلام وأجهزة السلطة لمصلحة طرف واحد، وأشارت تقارير المراقبين الدوليين الى أن حصة نزاربايف في الاعلام كانت 82 في المئة فقط وتوزعت البقية على منافسيه الأربعة. ورغم احتجاج منظمة الأمن والتعاون الأوروبي على الأساليب غير الديموقراطية في الانتخابات، فإن المراقبين من الدول المجاورة وجدوا انها جرت في صورة لا غبار عليها. والواضح ان بقاء نزاربايف في السلطة "مطلوب" اقليمياً ودولياً. فهذا السياسي المحنك ماهر في امساك العصا من الوسط، فهو انفتح على الولاياتالمتحدة وتركيا لكنه لم يعلن القطيعة مع روسيا، وعينه على الروس المحليين الذين يشكلون زهاء 30 في المئة من سكان كازاخستان، وصوتت غالبيتهم لمصلحة المرشح الشيوعي سيريكبولسين عبدلين الذي حصل على 13 في المئة من الأصوات وجاء ترتيبه ثانياً. ورغم ما رافق الانتخابات من مظاهر ليست لصيقة بالديموقراطية، فمن المؤكد ان الغالبية الساحقة من الناخبين الذين صوتوا لنزاربايف انما اقترعوا لصالح الاستقرار... الآسيوي.