استبعدت مصادر الادارة الاميركية امس ان يتخذ الرئيس بيل كلينتون قراره في شأن مصير الجاسوس الاسرائيلي السجين جوناثان بولارد، اقله قبل الانتخابات الاسرائيلية في ايار مايو المقبل. وكانت الاجهزة والوزارات الاميركية المعنية بعثت بآرائها في قضية بولارد الذي يمضي عقوبة السجن المؤبد، تقيداً بالموعد المحدد لاجراء المراجعة، امس الاثنين. ورشح انها تعارض من حيث المبدأ اطلاقه. ويذكر ان الرئيس كلينتون وعد رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتانياهو بدرس طلب اطلاقه اثناء محادثات واي ريفر في تشرين الاول اكتوبر الماضي. وبرزت في الاوساط الاميركية السياسية والعسكرية والاستخباراتية معارضة شديدة لاطلاق بولارد او حتى لتخفيف العقوبة عنه نظراً الى الاضرار الضخمة التي الحقها تجسسه لحساب الدولة العبرية. وظهرت امس معلومات جديدة نشرها الكاتب الاميركي سيمور هيرش في مجلة "نيويوركر" تشير الى ان الجاسوس الحق اضراراً بالمصلحة القومية الاميركية اكثر مما يتصور او يعرف الاميركيون واعطى اسرائيل معلومات سرية لا تقدر بثمن. وكان الرئيس كلينتون طلب من وزراء الدفاع والخارجية والعدل والقيمين على اجهزة الاستخبارات اعطاء آرائهم في القضية. والواضح ان هؤلاء يعارضون اطلاق بولارد. وأكد الناطق باسم وزارة الدفاع كينيث بيكن ان البنتاغون لا يزال يعارض اي اقتراح لاطلاق الجاسوس. وقال ان الوزارة "عارضت في الماضي اطلاق جوناثان بولارد ولا اتوقع اي تغيير في هذا الموقف". والمعروف ان مدير وكالة الاستخبارات المركزية جورج تينيت كان ابلغ الرئيس كلينتون خلال محادثات واي ريفر انه قد يضطر الى تقديم استقالته اذا اطلق الجاسوس. وكذلك بعث رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ السيناتور الجمهوري ريتشارد شلبي والعضو الديموقراطي البارز في اللجنة السيناتور بوب كيري، برسالة الى الرئيس يحضانه فيها على عدم اطلاق بولارد. وقال عضوا اللجنة النافذة التي تتأثر الى حد كبير برأي المؤسسة العسكرية ان الجرائم التي ارتكبها الجاسوس ضد الولاياتالمتحدة كافية لضمان بقائه في السجن مدى الحياة. وبعثا ايضاً برسالة الى اعضاء مجلس الشيوخ يحضانهم فيها على تأييد موقف اللجنة وعدم تقديم اي تنازلات الى نتانياهو. ذلك انه لا يجوز تعريض أمن الولاياتالمتحدة للخطر لأي سبب. "وان رفض طلب نتانياهو سيوصل هذا الرسالة". واعلن ناطق باسم مجلس الامن القومي بي جي كراولي انه لا يوجد امام الرئيس كلينتون موعد زمني محدد لاتخاذ قراره في شأن طلب نتانياهو اطلاق بولارد. ورفض كشف توصيات الوزارات والاجهزة المعينة بالقضية خصوصاً انها موجهة الى الرئيس وحده. واعتبرت اوساط اميركية خطوة الادارة بأنها تعود الى الرغبة في عدم اثارة هذا الموضوع الحساس في الوقت الحاضر نظراً الى المعارضة الكبيرة للمسؤولين عن الامن القومي الاميركي لاطلاق بولارد، فضلاً عن رغبة الادارة في ان تتخذ اي خطوة قد تؤثر سلباً أم ايجاباً في المعركة الانتخابية الاسرائيلية. وتوقعت الا يتخذ القرار في هذا الموضوع قبل الانتخابات. وعدد مقال الصحافي هيرش جانباً من المعلومات السرية التي باعها بولارد الى اسرائيل خلال الاشهر الپ18 من عمليات تجسسه قبل اعتقاله عام 1985 وابرزها: دليل من عشرة اجزاء للموجات والاشارات التي تستخدمها "وكالة الامن القومي" للاستماع والتجسس على المستوى الدولي. وان حصول اي جهاز مخابرات على هذا الدليل سيمكنه من معرفة طرق التجسس الاميركية في العالم. مجموعة وثائق تحتوي على معلومات مبرمجة من محللين وملحقين عسكريين واشخاص شرق اوسطيين. وان حصول جهاز استخبارات اجنبي على هذه المعلومات سيمكنه معرفة هوية رجال المخابرات والمخبرين. تقارير عدة مستقاة من معلومات محطة مراقبة استخباراتية في اسبانيا تابعة للبحرية الاميركية وتراقب الشرق الاوسط وشمال افريقيا. مجموعة وثائق تتضمن قائمة يومية بما تحصله وكالة الامن القومي من معلومات عن طريق الاستماع. وان مثل هذه المعلومات قد يساعد اي جهاز اجنبي على تفادي المراقبة الاميركية. وابلغ مسؤولون في وكالة الاستخبارات المركزية الصحافي هيرش ان الكثير من المعلومات التي اعطاها بولارد لاسرائيل انتهت في يد الاتحاد السوفياتي سابقاً. ونقل عن لسان رئيس محطة "سي.آي.اي" سابقاً في الشرق الاوسط قوله ان الاسرائيليين قد يكونون اجروا مبادلات مع السوفيات اذ اعطوهم معلومات في مقابل السماح بهجرة علماء يهود سوفيات يعملون في حقول التكنولوجيا النووية والصاروخية. وعزا هيرش تسريب اجهزة المخابرات الاميركية هذه المعلومات الجديدة الى رغبتها في الضغط على الرئيس كلينتون ومنعه من اطلاق بولارد.