رغم انه لا يشغل سوى غرفتين متواضعتين في المسرح القومي، الا ان المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية يعد المركز الاختصاصي الوحيد في مصر والعالم العربي الذي يسجل ويوثق التراث المسرحي والموسيقي. فكيف يتم ذلك؟ وهل يقتصر نشاطه على مصر فقط؟ وما هي امكاناته المختلفة، وما اهم مقتنياته؟ عن تلك التساؤلات، وعن انشطة المركز المختلفة، التقت "الحياة" وكيل وزارة الثقافة ورئيس المركز الفنان محمود الحديني. بداية يوضح الحديني ان المركز القومي المصري للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية يشتمل على ثماني ادارات، هي: ادارة "التوثيق المسرحي" التي تسجل العرض في المواسم المسرحية، وادارة "التراث المسرحي" ومهمتها جمع وتصنيف التراث المسرحي القديم، وادارة "الموسيقى" التي تعمل على جمع الاعمال الموسيقية المتصلة بالمسرح الغنائي، وادارة "الوسائل الفنية" لتوثيق النواحي الفنية ومتابعة المعارض المقامة ضمن المهرجانات والمؤتمرات المسرحية والموسيقية، وادارة "المكتبة" التي تهتم بجمع الكتب الحديثة التي تصدر في الفنون المسرحية والموسيقية والاعمال الادبية المترجمة، وادارة "المسارح" التي تجمع التسجيلات المختلفة للانشطة المسرحية والموسيقية والفنون الشعبية، وكذلك "ارشيف" صوَر تلك الفنون في مراحلها المتعددة، وتصوير العروض والندوات المتعلقة بها بالفيديو. ويؤكد الحديني انه رغم محدودية المكان الذي يشغله المركز فقد تم انشاء مركز معلومات دولي خاص بالمسرح والموسيقى والفنون الشعبية يتم من خلاله تبادل المعلومات المتخصصة مع الدول المتقدمة في هذا المجال عن طريق شبكة الانترنت، التي اتاحت للجميع التعرف الى احدث ما وصلت اليه الحركة المسرحية في انحاء العالم. وقد جعل هذا الخدمة الثقافية التي يقدمها المركز سهلة ومتيسّرة امام الباحثين والدارسيين والمهتمين بالحركة المسرحية من خلال الاجهزة الحديثة التي تم تزويد المركز بها في كل اداراته، كما ان الباحثين من البلاد العربية يأتون الى المركز للحصول على المعلومات في دراساتهم وابحاثهم في اسرع وقت. ويتمنى الحديني ان تكون الانترنت وسيلة فعالة لنشر التراث المسرحي المصري في العالم. ويجري حالياً توثيق تاريخ مسارح الدولة بدءاً من المسرح القومي - الازبكية سابقاً - ورصد العروض التي قدمت على خشبته منذ نشأته الى الوقت الحالي، ثم جمع بيانات شاملة عن فناني المسرح منذ بداياتهم، وما قدموه للمسرح، وتاريخ اعمالهم، وعن فناني التراث الموسيقي المرتبط بالمسرح الغنائي والفنون الشعبية. ويثير رئيس المركز قضية عدم وعي عدد من الفنانين بأهمية توثيق الاعمال المسرحية المختلفة، فمهمة المركز تصوير العروض المسرحية وتسجيلها خلال العام، لكن عدداً من النجوم يرفض التصوير املاً في الحصول على مقابل مادي باهظ. ويضيف الحديني ان عدداً من المؤلفين ايضا يرفض تصوير اعمالهم، رغم ان التسجيل يتم بكاميرا واحدة وغرضه التوثيق وليس "التسويق" او التجارة. ويقول الحديني ان هذا حدث ايضا مع عروض المهرجان التجريبي، اذ رفض المسؤولون عنه تسجيل عروض المسابقة، بحجة ان المركز لم يُعلم الوفود مسبقاً، رغم ان شروط اي مهرجان دولي تنص على تصوير العروض لا سيما تلك التي تدخل المسابقة لحفظها. ولا يقتصر المركز على التوثيق فقط، بل يعد كتباً عن رواد المسرح والموسيقى والفنون الشعبية، تشمل حياتهم واعمالهم. ويُصدر المركز كتاباً سنوياً يحتوي على بيانات كاملة عن العروض المسرحية التي قدمت خلال المواسم السابقة والحالية، وكذلك بعض الكتب التراثية في مجال المسرح والموسيقى والفنون الشعبية، ويقيم ندوة شهرية في احد فروع تلك الفنون. وحول دور المركز في العالم العربي، يشير الحديني الى انه ارسل قبل عامين الى رؤساء الوفود العربية اثناء انعقاد مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي إعلاماً مصحوباً بمجموعة الكتب التراثية التي اصدرها المركز للتعرف الى نشاطه، وذلك بهدف ان يرسلوا بدورهم تراثهم المسرحي في بلادهم الى المركز لتوثيقها، ولكن لم يتلق بعد الرد من اي منهم. ويتمنى رئيس المركز ان يتم توثيق كل ما يتعلق بالتراث والنشاط المسرحي في العالم العربي باعتبار ان المركز القومي للمسرح في مصر فريد من نوعه، وليس له نظير في اي دولة عربية اخرى. ويؤكد الحديني ان التطور الايجابي الذي طرأ على المركز تزامن معه تطور آخر في الخدمات المقدمة للمتعاملين والتي ستزيد مع استقرار المركز في مكانه الجديد الذي وعد به وزير الثقافة المصري السيد فاروق حسني، كذلك بعد انشاء المتحف القومي والمكتبة السمعية والبصرية والارشيف القومي، وكلها دعائم اساسية لكيان المركز لما لديه من مقتنيات، اذ تشمل معظم "ما قدّم" على خشبة المسرح المصري بمراحله المختلفة. بالاضافة الى "النوت الموسيقية" لكبار الملحنين ومنهم زكريا احمد وكامل الخلعي وابراهيم فوزي، و"اسطوانات" بصوت سيد درويش وسلامة حجازي وزكريا احمد ومحمد عبدالوهاب وام كلثوم وآخرين، بالاضافة الى صور لعروض الفرق المختلفة ومخطوطات ذات احجام كبيرة وصغيرة ومتوسطة، فضلاً عن الملابس الخاصة بالرواد التي استخدمت في المسرحيات المختلفة مثل ملابس يوسف وهبي في "كرسي الاعتراف" و"سفير جهنم" و"البخيل" و"بيومي افندي" وملابس دوري امينة رزق وعلوية جميل في مسرحية "راسبوتين". كذلك القوالب الخاصة بتمثال زكي طليمات، وتمثال لمحمد عبدالوهاب من البرونز، وآخر من الجبس، بالاضافة الى تماثيل اخرى لسيد درويش وتوفيق الحكيم وزكي طليمات اخذتها اكاديمية الفنون بحجة عدم وجود مكان مستقل للمركز لعرضها فيه. ويضيف الحديني ان لدى المركز الكثير من المقتنيات الخاصة بمشاهير الفنانين، بينها العود الخاص بسيد درويش، وطربوشه، وصورة من وثيقة عقد زواجه، وعصا من الخشب، وعود وطربوش داود حسني، واسطوانة خاصة بصوت نجيب الريحاني، وتصميم لمسرح الاوبرا الروماني، وماكيت مسرح الازبكية القومي حالياً قبل تحديثه وترميمه، وصور اعلانات لعدد من عروض الفرق المسرحية القديمة، وماكيت دار الاوبرا القديمة.