شل الاضراب العام الذي دعا اليه اتحاد النقابات العمالية الاسرائيلي الهستدروت ثلثي المرافق الاقتصادية العامة في الدولة العبرية وسط دعوات لاسقاط الحكومة اليمينية وتقديم موعد الانتخابات البرلمانية في اسرائيل. وشمل الاضراب الذي بدأ صباح امس الخميس معظم المؤسسات الحكومية بما فيها الوزارات وسلطة البريد والتليفون والمجالس المحلية والقطرية وسلطة الموانئ والقطارات ومرافق الصحة العامة والمستشفيات لتنضم جميعها الى قطاع المعلّمين الذين أعلنوا الاضراب المفتوح عن العمل منذ بدء العام الدراسي الجديد في اسرائيل في الاول من الشهر الجاري مما أبقى مليوناً ونصف مليون تلميذ وطالب في بيوتهم. وقالت مصادر في ال "هستدروت" ان نحو 300 ألف مستخدم من اصل 400 ألف مستخدم يعملون في القطاعات الاقتصادية التي شملها الاضراب نفّذوا الاضراب الذي استثني منه مطار تل ابيب الدولي واقسام الطوارئ في المستشفيات. وجاء الاضراب في اعقاب فشل المفاوضات الجارية بين ال "هستدروت" ووزارة المال الاسرائيلية للتوصل الى صيغة توفيقية بين مطالب المستخدمين الحكوميين في شأن سلم الاجور وموقف الوزارة الرافض لها. وامتنع رئيس ال "هستدروت" عمير بيرتس عن اعلان فترة زمنية محددة للاضراب الذي كلّف في يومه الاول خزانة الدولة 20 مليون شيكل نحو خمسة ملايين دولار اميركي. ويطالب اتحاد النقابات العمالية الاسرائيلي بسلّم اجور جديد يتضمن زيادة بنسبة 8 في المئة للقطاع العام، خصوصاً المستوى الاداري الذي يعمل فيه معظم المستخدمين بأجر منخفض، بينما يتلقى كبار الموظفين الحكوميين رواتب ضخمة اضافة للعلاوات الشهرية. ووصف بيرتس المستخدمين الحكوميين بأنهم "باتوا مثل العمال التايلنديين" في اشارة الى اجورهم المتدنية. وينتقد ال "هستدروت" الفجوة العميقة بين الطبقات الاجتماعية في اسرائيل. وهاجم رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو بشدة دعوة اتحاد النقابات العمالية واصفاً اياها ب "الفضيحة". وقال في تصريحات صحافية ان ال "هستدروت" يسعى الى "ضرب الاقتصاد على حساب الاطفال والمسنين والمرضى وذوي الحظ العاثر". وحاول نتانياهو تبرير موقف خزانة حكومته من مطالب العمال والمستخدمين الحكوميين بالاشارة الى الاموال الضخمة الي تنفقها الحكومة "لمواجهة خطر الصواريخ الايرانية الباليستية" بعيدة المدى التي تهدد اسرائيل". وتواجه سياسة حكومة نتانياهو الاقتصادية منذ اكثر من عام انتقادات شديدة بسبب الارتفاع المضطرد في نسبة البطالة الذي سجل اعلى درجاته الشهر الماضي بنسبة 9.4 في المئة، فيما انخفضت الاستثمارات الاجنبية في اسرائيل منذ بداية السنة الحالية الى النصف بسبب الجمود الذي تمرّ فيه المسيرة السياسية بين حكومة تل ابيب اليمينية والفلسطينيين. ونفذ ال "هستدروت" اضراباً عاماً في كانون الاول ديسمبر من العام 1997 استمر خمسة ايام احتجاجاً على سياسة الخصخصة الاقتصادية التي انتهجتها حكومة نتانياهو. واعترف نتانياهو امس بفشله في اقناع ال "هستدروت" بالعدول عن تنفيذ الاضراب معتبراً ان القائمين على اتحاد النقابات اتخذوا قراراً مبدئياً بالاضراب بغض النظر عن المفاوضات الجارية بين الطرفين. واتهمت اوساط مقرّبة من نتانياهو ال "هستدروت" المعروف بمساندته التاريخية لحزب العمال المعارض بافتعال مشاكل ومواجهات مع الحكومة لاسقاطها. ودعا حزب العمال المعارض الى عقد جلسة طارئة للبرلمان الاسرائيلي الكنيست لحجب الثقة عن الحكومة وتقديم الانتخابات البرلمانية على خلفية الاوضاع الاقتصادية المتردية في الدولة العبرية. وتجري لجنة الدستور والقانون في الكنيست منذ يومين مناقشات مستفيضة في شأن حلّ الكنيست الحالية وتبكير موعد الانتخابات بناءً على قرار أولي اتخذته الكنيست بموافقة نصف اعضائها بتقديم موعد الانتخابات في جلسة عقدت نهاية شهر تموز يوليو الماضي قبل دخولها في الاجازة الصيفية. واتهم نواب عماليون رئيس لجنة الدستور والقانون في الكنيست حنان بورات من حزب "مفدال" الديني المتطرف بالمماطلة ومحاولة تعطيل اتخاذ قرار في هذا الشأن لاسباب سياسية حزبية. وقال احد النواب ان بورات سيقف الى جانب حلّ الكنيست اذا وافق نتانياهو على تنفيذ المرحلة الثانية من اعادة الانتشار من الاراضي الاسرائيلية بينما سيقف ضده اذا امتنع نتانياهو عن التنفيذ. واعلن نتانياهو في هذا السياق تمسكه بالبقاء في منصبه لحين موعد الانتخابات المقبلة اي في العام 2000 على رغم الدعوات المتكررة لحل حكومته والتي يقف على رأسها الرئيس الاسرائيلي عيزر وايزمان.