يتوقع مراقبون في إسرائيل أن تؤدي الأوضاع الاجتماعية – الاقتصادية المتردية إلى تبكير موعد الانتخابات العامة من موعدها القانوني المقرر نهاية العام المقبل. وطبقاً لتقارير صحافية فإن النشاطات الاحتجاجية الشعبية للطبقة الوسطى، التي عمت إسرائيل صيف العام الماضي ستُستأنف قريباً لقناعة قادة الحركة الاحتجاجية بأن الحكومة الحالية لن تطبق توصيات اللجنة الخاصة التي عينتها بتحسين الظروف المعيشية لأبناء هذه الطبقة. ويرى المعلقون أن الإضراب الذي أعلنته «نقابة العمال» أمس وشلّ عدداً من أهم المرافق الاقتصادية قد يكون الشرارة الأولى لاستئناف حملة الاحتجاج. وكانت النقابة أعلنت الإضراب احتجاجاً على رفض الحكومة منح العاملين بعقود موقتة حقوقاً وامتيازات في مجالات الأجور والتأمين الصحي والعطل والفصل عن العمل والتقاعد وغيرها، أسوة بسائر العمال المثبتين. وأشارت النقابة إلى ان السنوات الأخيرة تشهد اتساع ظاهرة تشغيل عمال بعقود موقتة وبأجر بخس، وطالبت الحكومة بالتعاون معها لوضع حد لاستغلال مئات آلاف العمال. وشمل الإضراب أمس المكاتب الحكومية كافة والمستشفيات العامة والمطار الدولي شرق تل أبيب وحركة القطارات والموانئ والسلطات المحلية والمصارف والبورصة. وتطالب النقابة بأن يتم الاعتراف بالعمال بعقود موقتة عمالاً دائمين بعد عامين من العمل. وسيسبب الإضراب خسائر اقتصادية تقدر بنحو 500 مليون دولار يوميا فيما حذر وزير المال يوفال شتاينتس من أن يلحق الإضراب خسائر فادحة في الاقتصاد الإسرائيلي ببلايين الدولارات. وأفاد (ا ف ب) اتحاد نقابات العمال الإسرائيلي (هستدروت) أن الأضراب يشمل نحو نصف مليون موظف في القطاع العام وجزءاً من القطاع الخاص وخصوصاً المطار والمستشفيات والمكاتب الحكومية والبلديات وشركة الكهرباء وصناديق التأمين الوطني والبنوك وسكك الحديد والموانئ والبورصة وجزء من المؤسسات التعليمية. وأغلق مطار بن غوريون الدولي، الواقع قرب العاصمة تل أبيب، بين السادسة صباحاً والظهيرة فقط بناء على حكم قضائي، وسمح ل25 طائرة على الأقل بالإقلاع مما سمح لنحو 10 آلاف مسافر بالمغادرة، لكن الإضراب بقي مفتوحاً في بقية المرافق. وكان يتوقع استئناف المحادثات بعد ظهر أمس بين رئيس «هستدروت» عوفر عيني ووزير المال الإسرائيلي من أجل التوصل إلى اتفاق، وذلك بعد محادثات ماراثونية صباحاً. وقال مكتب عيني في بيان أنه تم التوصل إلى اتفاق مبدئي مع القطاع الخاص «حول المواءمة الكاملة لشروط عمل الموظفين الموقتين مع شروط عمل الموظفين الدائمين» وحول «الدمج الجزئي لعمال النظافة» بين الموظفين الدائمين. وبعد الاجتماع الصباحي بين عيني ووزير المال صرح الأخير إلى «راديو إسرائيل» بأن «هذا الإضراب ليس غير ضروري وحسب وإنما يعرض السوق الإسرائيلية والاقتصاد الإسرائيلي ومواطني إسرائيل للخطر»، فيما اعتبر عيني في بيان أن «الإضراب هو السلاح الوحيد المتاح للعمال». وحذر البيان من أن الإضراب سيستمر «في حال عدم تطبيق الاتفاق المبدئي في القطاع العام من خلال موافقة من رئيس الوزراء» بنيامين نتانياهو. وكان نتانياهو حذر في بيان الثلثاء من أن «الإضراب لن يحل مشكلة الموظفين الموقتين (...) فلا يوجد حل سحري لمشاكل العمل التي تشكلت في العقود الماضية». وأضاف البيان: «الاقتصاد الإسرائيلي يمر في وضع حساس ومن غير المناسب المخاطرة بتقويض الاستقرار الذي حققناه». وكانت وزارة المال ذكرت إنها لا تستطيع استيعاب عدد كبير جديد من العمالة لكنها عرضت تحسين أوضاعهم عن طريق رفع الأجور بنسبة 20 في المئة على الأقل وزيادة الإجازات الممنوحة لهم. الى ذلك، أفاد «مقياس السلام» الشهري الذي يستطلع آراء المواطنين اليهود بأن 82 في المئة سيحسمون موقفهم من الأحزاب المتنافسة في الانتخابات المقبلة طبقاً لمواقف الأخيرة في القضية الاجتماعية – الاقتصادية، ثمن موقفها من قضايا الأمن والخارجية، تليها قضية الدين فالدولة ثم الأراضي الفلسطينية المحتلة. وقال 55 في المئة أن الحكومة الحالية فشلت في سد الفجوات الاجتماعية – الاقتصادية بين شرائح المجتمع الإسرائيلي. وأكد الاستطلاع أن غالبية الإسرائيليين ما زالت تتمسك بمواقف سياسية متشددة إذ قال 54 في المئة إنهم لا يرون أي تناقض بين استمرار احتلال الأراضي الفلسطينية (عام 1967) وبين ضمان أن تبقى إسرائيل يهودية وديموقراطية. ورفضت نسبة مماثلة الادعاء بأن استمرار الاحتلال سيتسبب في أن تصبح إسرائيل «دولة مشتركة لليهود والفلسطينيين من دون غالبية يهودية».