تجددت المواجهات الحامية في مدخل مدينة أم الفحم، كبرى المدن العربية داخل الدولة العبرية، لليوم الثاني على التوالي بين المواطنين العرب وقوات معززة من الشرطة والجيش الإسرائيلي احتجاجاً على رفض السلطات الإسرائيلية سحب قواتها، فيما عمّ الاضراب الشامل القرى العربية المحيطة في أجواء شبيهة بعشية انتفاضة "يوم الأرض" في العام 1976. واندلعت مواجهات عنيفة أول من أمس الأحد في مدينة أم الفحم وقرية معاوية المجاورة بعد أن هدمت الشرطة الإسرائيلية خيمة الاعتصام التي نصبها المواطنون العرب احتجاجاً على قرار الجيش الإسرائيلي مصادرة 42 ألف دونم من منطقة الروحة المجاورة لاستخدامها لاغراض عسكرية. وأسفرت هذه المواجهات، التي استمرت حتى منتصف الليل، عن جرح نحو 300 فلسطيني واعتقال العشرات منهم. وتوصل المواطنون العرب والسلطات الإسرائيلية في ساعة متقدمة من ليل الأحد إلى اتفاق موقت يقضي بانسحاب الشرطة الإسرائيلية من محيط المدينة واطلاق جميع المعتقلين والسماح لأصحاب الأراضي بدخول أرضهم المصادرة وقطف زيتونهم حتى نهاية شهر كانون الأول ديسمبر المقبل، على أن يتم بحث قرار المصادرة مجدداً. إلا أن السلطات الإسرائيلية أبقت قواتها في المكان ولم تفرج عن نحو 20 معتقلاً لديها. وتحول مدخل المدينة ساحة معركة، إذ تمترس هناك الفلسطينيون المسلحون بالحجارة والزجاجات الحارقة والفارغة خلف حاويات النفاية تجنباً لرصاصات وقنابل الغاز التي أطلقها الجيش الإسرائيلي. وسارعت سيارات الاسعاف إلى نقل الجرحى إلى المستشفيات بعد فشل محاولات رئيس البلدية رائد صلاح، الذي اصيب هو الآخر خلال مواجهات الأحد، في اقناع المتظاهرين بترك مدخل المدينة حيث يوجد أفراد الشرطة و"حرس الحدود" بأعداد كبيرة. واصيب 40 فلسطينياً في مواجهات الأمس. وشهدت مدينتا الناصرة وسخنين مسيرات احتجاجية على "المجزرة" التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية في مدينة أم الفحم والتي أسفرت عن إصابة نحو 300 فلسطيني من بينهم خمسة معلمين. ودعت لجنة المتابعة العليا لشؤون المواطنين العرب في الدولة العبرية إلى اضراب شامل في المدن والقرى العربية داخل الخط الأخضر احتجاجاً على مصادرة الأراضي الفلسطينية والهجمة الشرسة التي تعرض لها العرب في أم الفحم. وشددت لجنة المتابعة، التي عقدت اجتماعها في المدرسة الثانوية التي اقتحمتها الشرطة الإسرائيلية الأحد، على إصرار أصحاب الأراضي والمواطنين العرب على الدفاع عن أراضيهم. ووصفت وسائل الاعلام الإسرائيلية مواجهات الروحة بأنها "معركة الكرامة" للمواطنين العرب الذين هبوا للدفاع عن أراضيهم معيدين الذاكرة إلى أحداث يوم الأرض في الثلاثين من شهر آذار مارس من العام 1976 التي اندلعت بعد ان صادرت السلطات الإسرائيلية في حينه آلاف الدونمات من أراضي الفلسطينيين لأغراض عسكرية قامت بعدها بتحويل "منطقة عسكرية رقمپ9" إلى مدينة "كرمييل". وحذرت مصادر إسرائيلية من انتفاضة جديدة في أوساط المواطنين العرب في الدولة العبرية. وفي محاولة لتهدئة الأوضاع، أكد مساعد وزير الدفاع الإسرائيلي أن أراضي الروحة لم تصادر، وأن المقصود فقط استخدام هذه الأراضي للتدريبات العسكرية، وأن الوزارة تعترف بملكية العرب لهذه الأرض، ولكنه أضاف ان جزءاً من هذه الأراضي يعود إلى قريتين يهوديتين مجاورتين. وفي الضفة الغربية، أعلن عن اضراب تجاري لمدة ساعة تضامناً مع أهالي أم الفحم. وفي غضون ذلك، اصيبت مستوطنة يهودية بجروح طفيفة في قدمها جراء اطلاق النار عليها بالقرب من شارع الشهداء في مدينة الخليل على خط التماس بين الجزء الذي تسيطر عليه سلطات الاحتلال الإسرائيلي والجزء الخاضع للسلطة الفلسطينية. وشرعت قوات الاحتلال الإسرائيلي بتمشيط المنطقة بحثاً عن مطلقي الرصاص، فيما اغلقت المنطقة المحيطة بالحادث. وقالت مصادر إسرائيلية إن مجهولين اطلقوا الرصاص باتجاه مجموعة من المستوطنين اليهود كانوا يزورون البؤرة الاستيطانية في حي تل الرميدة في المدينة.