نطلع بين حين وآخر في صحيفة "الحياة" على مقالات عن الكرد وهدفها طمس التاريخ العريق للشعب الكردي وينسب تأريخ هذا الشعب الى شخصية معينة ويؤكد دور هذه الشخصية في ديمومة الكرد متناسية عمق تأريخ هذا الشعب الذي استمد منه ديمومته. الكرد شعب معروف بين الشعوب وللعلماء والمستشرقين وخصوصاً العلماء السوفيات وأساتذة جامعات القاهرة وهارفارد شهادات على ذلك ممثلة في سجلات أرابخا وسجلات نوزا واللوحات المكتوبة بالكتابات المسمارية التي اكتشفت في يورغان تبه قرب كركوك الحالية وهم اصحاب امبراطوريات ودول وملحمات وامارات وثورات ولهم قبل الاسلام كتابهم المقدس آويسته وديانتهم الزرادشتية. سقطت مملكة اكد تحت ضربات الكوتيون اجداد الشعب الكردي وانهارت الدولة البابلية امامهم في النصف الثاني للألف الثالث قبل الميلاد واتخذوا ارابخا قرب مدينة كركوك مركزاً لهم ثم استولوا على بلاد سومر وأكاد ووصلوا الى أور وغيروا اسم أرابخا الى كاسور، اي الثور الأحمر. وفي مطلع الألف الثاني قبل الميلاد استولى الهوريون الآريون الكرد على الاقسام الشمالية والغربية من وادي الرافدين واتخذوا ارابخا مركزاً لهم وسموها نوزا بدلاً من كاسور. وفي مطلع الألف الأول قبل الميلاد تغلب الميديون الاريون الكرد على الامبراطوية الآشورية وأسقطوا عاصمتها نينوى في سنة 612 ق. م. وبنوا قلعة كركوك الحالية وسموها كار كوك واتخذوها مركزاً لهم وفضل الفرس ان يكونوا تحت ولاية ابناء عمومتهم الميديين. وفي النصف الثاني من الألف الأول قبل الميلاد شارك الميديون ابناء عمومتهم الاخمينيين وشكلوا دولة الكيانيين المشهورة ثم مع الساسانيين الى ان جاء الاسلام. والايوبيون الذين داموا الى النصف الثاني من القرن الثالث عشر ولا يزال احفاهم في الأردن وفلسطين واليمن هم امتداد لتاريخ الشعب الكردي كذلك دولة كريم خان زند الذي امتد حكمها الى نهاية القرن الثامن عشر الميلادي وعاصمتها شيراز بالاضافة الى الامارات الكردية سوران، بابان وشهرزور. وشهد القرن التاسع عشر الى القرن الجاري العديد من الثورات والحركات التحررية للشعب الكردي منها ثورة عبدالله النهري ولورستان وحه مه رشيد خان وشكاك وشيخ سعيد بيران والملك محمود الحفيد والقاضي محمد الذي اسس جمهورية مهاباد في كردستان ايران. تلك كانت لمحة مختصرة من ملحمة الشعب الكردي وعمق تاريخه الذي يمتد الى الألف الثالث قبل الميلاد وعاصر اكثر الحضارات التي وجدت بعد ذلك.