تستمر خطوات العمل للوصول الى اتفاق للتعاون الزراعي بين سورية ولبنان. ومن المقرر ان يجتمع قريباً رئيسا الوزراء السوري محمود الزعبي واللبناني رفيق الحريري لاقرار اتفاق يدعم الاتفاقات الاقتصادية الموقعة خصوصاً اتفاق خفض الرسوم الجمركية على المنتجات الصناعية بنسبة 25 في المئة سنوياً وصولاً الى رفعها نهائياً. وأظهرت اجتماعات الزعبي والحريري التي جرت في 19 آب اغسطس الماضي في حضور وزيري الزراعة السوري اسعد مصطفى واللبناني شوقي فاخوري، مدى الحاجة الى اتخاذ "قرارات جريئة" تبدد قلق المزارعين في البلدين، كما حصل بالنسبة الى الاتفاق الصناعي. ودرس المسؤولون اللبنانيون والسوريون في فرص تحرير تبادل السلع الزراعية وشكلت توصيات واقتراحات وردت في ورقة العمل التي وضعتها لجنة فنية زراعية مشتركة محور النقاشات وتركزت على ضرورة اتخاذ سلسلة من التدابير التي من شأنها ان تحقق التنسيق الكامل في السياسات الزراعية ولرفع القدرة التنافسية لمنتجات البلدين الزراعية. وقال خبراء اقتصاديون ان التأخير في توقيع الاتفاق الزراعي "حصل بسبب البحث في افضل السبل لصون مصالح المزارعين في كلا البلدين"، وبسبب التشابه في انتاج بعض المحاصيل الزراعية كالحمضيات والفواكه واللوز والعنب والمنتجات الحيوانية كالدواجن والبيض والاجبان البيضاء اذ يتوافر فائض في انتاجها في البلدين اضافة الى بعض انواع الخضار والزيتون في بعض المواسم ما سيؤثر سلبا على المنتجين لهذه السلع في المرحلة الاولى. وجاء في ورقة العمل التي حصلت عليها "الحياة"ان "سورية تملك فائضاً في انتاج المحاصيل النباتية بشكل عام عدا السكر والزيوت النباتية وزيت الزيتون الذي يغطي الانتاج المحلي اضافة الى فائض للتصدير كما تتوافر فوائض في انتاج معظم الاشجار المثمرة عدا الموز". وتوقعت الورقة استمرار تأمين الحاجة المحلية مع توافر فائض للتصدير في الحبوب والبقوليات الحية وانواع الخضار والاشجار المثمرة عدا الموز مع استمرار العجز بالنسبة الى السكر نظرا لمحدودية تصنيعه والزيوت النباتية ماعدا زيت الزيتون الذي يتوقع ان يزداد الفائض منه. ويذكر ان قيمة الانتاج الزراعي في سورية تبلغ 279 بليون ليرة سورية ويبلغ معدل النمو في القطاع الزراعي 6.1 في المئة سنويا اي ما يعادل ضعف معدل النمو السكاني. و جاء هذا النمو لصالح انتاج محاصيل الحبوب والمحاصيل الصناعية بالدرجة الاولى ويأتي على رأس هذه المحاصيل القمح والقطن والشمندر السكري والتفاح والحمضيات. وافادت الورقة :"مع التوسع في مساحة الاراضي المروية و نتيجة لتشجيع القطاع الخاص في الزراعة بالاضافة الى الظروف المناخية المناسبة ازداد الانتاج الزراعي بشكل عام". وتملك سورية فائضاً معداً للتصدير من الحبوب يزيد على المليوني طن سنوياً اذ بلغ انتاجها من القمح عام 1997 اكثر من اربعة ملايين طن وبلغ انتاج القطن العام الماضي اكثر من مليون طن. كما انها تحتل المركز الثاني في انتاج الزيتون في العالم العربي اذ بلغ انتاج الموسم الاخير 650 الف طن. ويتوقع ان يصل فائض سورية من زيت الزيتون السنة الجارية الى اكثر من 70 الف طن. وتشير التقديرات الى ان حجم انتاج سورية من الحمضيات الموسم الجاري سيصل الى 740 الف طن. وعن الجانب اللبناني، اشارت الورقة الى وجود فائض من البطاطا وانواع الفواكه المنتجة محلياً مع الحاجة خلال بعض الفترات المحدودة جداً الى استيراد كميات من البطاطا و البندورة و العنب الحصري ووجود عجز في انواع الحبوب. وتوقعت الدراسة ان تستمر وتيرة فائض الفواكه والبطاطا وبعض اصناف الخضار ولحوم الدواجن والبيض والاجبان البيضاء، اضافة الى عجز في المنتجات النباتية والحيوانية باستثناء الحليب الطازج ومشتقاته بعد ما تم التركيز على تطوير مشاريع الابقار وتحسين سلالاتها ووضع المواصفات القياسية لمنتجاتها مع استمرار العجز في انتاج السكر. ويرى الخبراء ان الميزة الاقتصادية في سورية تكمن في قطاع الزراعة اضافة الى ان لدى سورية احتياطاً كبيراً من النفط والغاز، في حين ان الميزة في لبنان تكمن في قطاعي الخدمات والصناعات الزراعية والصناعة القائمة على الاتصالات والمعلوماتية التي تنطوي على درجة مرتفعة من القيمة المضافة ذلك ان لبنان اتجه الى التخصص في الخدمات بحيث ان حصة خدمات التجارة والسفر والسياحة والمال والاعلام تصل حتى مستوى الثلثين من اجمالي الناتج المحلي. وذكرت الدراسة ان قيمة الواردات اللبنانية من سورية بلغت عام 1996 نحو 1054مليون ليرة سورية مقابل 53 مليوناً هي قيمة الصادرات اللبنانية. وبلغت قيمة الخضار والنباتات التي استوردها لبنان من سورية عام 1997 نحو 339 مليون ليرة سورية. ويشكل الناتج الزراعي في لبنان 12 في المئة من اجمالي الناتج المحلي بينما يشكل قطاع الخدمات 61 في المئة و القطاع الصناعي17 في المئة. وفي سورية تشكل الزراعة 27 في المئة من اجمالي الناتج المحلي مقابل 25 و48 في المئة لقطاعي الصناعة والخدمات على التوالي. وكان الميزان التجاري بين البلدين يحقق فائضا لمصلحة لبنان حتى نهاية الثمانينات اذ زادت واردات لبنان من سورية بما يفوق اضعاف صادراته اليها وباتت سورية تحتل المرتبة بين الرابعة و التاسعة من بين دول العالم التي يستورد منها لبنان. وتوصي الورقة بضرورة بدء تطبيق الاتفاق اعتباراً من مطلع السنة المقبلة بهدف افساح المجال لاستكمال الاجراءات التنفيذية وكذلك اعطاء الفرص للمزارعين لاختيار الزراعة المناسبة لهم.