الرباط - أ ف ب - يحتل آلاف الباعة المتجولين شوارع المدن المغربية، عارضين بضائعهم، مثيرين استياء أصحاب المحال التجارية في تلك الشوارع، ومستغلين تسامح السلطات التي تخشى الاضطرابات الاجتماعية منذ بدايات «الربيع العربي». والباعة الذين يلقّبون ب «الفرّاشة» (أي الذين يفرشون البضاعة على الأرض) يثيرون غضب أصحاب المتاجر الذين يرون فيهم منافسة غير مشروعة تهدد أعمالهم. وينتشر هؤلاء في طرقات المناطق الراقية، كما في الأحياء الشعبية على طول أسوار الرباط الأثرية، فيعرضون بضائعهم على العربات أو يبسطونها أرضاً، ويبيعون الخضر والفاكهة والأسماك والملابس والهواتف المحمولة وأفلام «دي في دي» مقرصنة. وتحاول السلطات حاليا تفادي فرض القانون والعقوبات حتى لا تعرض السلم الاجتماعي النسبي السائد في المغرب للخطر. فذكرى وفاة بائع الخضار التونسي محمد البوعزيزي، التي أطلقت «ثورة الياسمين» في تونس وأطاحت نظام زين العابدين بن علي، ما زالت تخيم على البلاد. وتوفي في المغرب خباز (27 سنة) الشهر الماضي، بعدما أحرق نفسه في مدينة بركان في شمال المملكة، احتجاجاً على رب عمله السابق. وبسحر ساحر، لم تؤد خطوته تلك إلى أي حركة اجتماعية. وبالنسبة إلى الحسن الأدشر، أحد تجار الرباط، فإن «السلطات لا تجرؤ على طردهم وقمعهم خشية أن يأتي الباعة المتجولون بردود فعل عنيفة». وهو يرى أن «السلطات لا تريد اختلاق مشاكل مع الناس وتنتظر أن تهدأ الأمور في البلدان الأخرى حتى تتحرك». وانخفض عدد الباعة في شوارع المدن الكبيرة بعد ذروة سجلت خلال شهر رمضان المنصرم. يدافع الأخصاص بوشطا، وهو بائع متجول، عن عمله قائلاً: «من الأفضل القيام بذلك بدلاً من السرقة والسجن. لدي خمسة أفواه لأطعمها». ومنذ ساعات الصباح الأولى، يحتل «الفرّاشة» الشوارع لغاية ساعة متقدّمة من الليل. ووفق دراسة نشرها أخيراً المرصد الوطني للتنمية البشرية، فإن الباعة هم نساء وشباب عاطلون من العمل وحاملو شهادات لم يجدوا وظائف، إضافة إلى الموظفين الصغار والمهاجرين. ويقول وزير الاتصالات خالد الناصري إن «الحكومة ستعالج المسألة في شكل مناسب من خلال الحوار، للحفاظ على المصالح المشروعة لأصحاب المحال وللباعة المتجولين، في جو من الهدوء والسلام». وفي أيار (مايو) الماضي تظاهر، أمام البرلمان، التجار الخاضعون لنظام الضرائب في الرباط ومراكش وأغادير والدار البيضاء وفاس، استنكاراً لهذه «الظاهرة» التي تؤثر سلباً في أعمالهم.