ترابط قوات أمنية منذ نحو أسبوع في محيط سوق «علي ملاح» في قلب العاصمة الجزائرية، بعد أن تولت جرافات هدم طاولات استغلها شباب في بيع معروضات، لكنهم في نظر الحكومة «مخالفون للقانون» بحكم ممارستهم «تجارة موازية». وتشهد الولاياتالجزائرية كلها حملات شبيهة تُنذر بنهاية فترة «الهدنة» التي طالت أكثر من سنة نتيجة انشغال السلطات الجزائرية بأحداث ثورات «الربيع العربي»، لكن الحكومة تعود اليوم إلى استعمال «القبضة الحديد» في تعاطيها مع مظاهر تعتبرها «غير قانونية» في الشارع الجزائري. وتواصل قوات أمنية محاصرة «الأسواق الموازية» في كبرى المدن الجزائرية تجسيداً لسياسة أقرها الوزير الأول عبدالمالك سلال فور توليه رئاسة الحكومة بداية الشهر الجاري. وسارع سلال إلى إطلاق حملة من شقين بهدف «القضاء على الاقتصاد الموازي وتنظيم حملة وطنية لتنظيف المدن». ويقول مراقبون إن حملة الحكومة على الأسواق غير القانونية تعكس «شعور السلطات بأنها قادرة على ضبط الشارع» بعد الهدنة التي جاوزت السنة حيث لجأت حكومة أحمد أويحيى إلى تجنّب المواجهة مع الشباب العاملين في الأسواق غير المرخّصة والذين يبلغ عددهم ما يقارب المليون وفق إحصاءات اتحاد التجار الجزائريين. واستدعى وزير الداخلية دحو ولد قابلية قبل أيام ولاة الجمهورية في غرب البلاد والوسط في لقاء عاجل خُصص لملف «السوق الموازية». وبدا أن الوزير لاحظ تردد الولاة في تجسيد خطة إزالة الأسواق غير المشروعة خوفاً من ثورة الشارع، لذلك حضهم على القضاء على المظاهر غير القانونية وتوزيع السكن الجاهز للعائلات التي تستحق الحصول عليه. وتعيش أحياء في ضواحي العاصمة الجزائرية حال «هدوء حذر» بعد مداهمة عشرات الأسواق. واستهدفت حملات الدهم أحياء الحراش وباش جراح وباب الوادي في ضواحي العاصمة، لكن خشية «هيجان» الباعة لجأت الحكومة إلى أئمة المساجد الذين منهم من أفتى ب «عدم جواز احتلال الأرصفة من جديد». وقال الهادي رمضاني (26 سنة) وهو بائع متجول طُرد من سوق «علي ملاح» الشهير في وسط العاصمة إنه «سيعود إلى نشاطه فور مغادرة الجرافات وقوات الأمن». ويعد رؤساء البلديات الشباب الذين أزيلت الطاولات التي يبيعون عليها بضاعتهم، بتجهيز أسواق قانونية في القريب العاجل. لكن كثيراً من الباعة المتجولين لا يأخذون هذه الوعود على محمل من الجد. وتجد سياسة عبدالمالك سلال أيضاً من ينتقدها بشدة كونها لم تضع البديل المناسب قبل بداية الحملة على باعة الأسواق الموازية. وكتب المحلل السياسي سليمان حميش قائلاً «بعد تحصنها في قوقعتها عقب ما عرف بأحداث الربيع العربي، حيث استعملت الحكومة سياسة الجزرة في تعاطيها مع المطالب الاجتماعية، عادت السلطة التنفيذية، في نسختها القديمة الجديدة برئاسة الوزير الأول عبد المالك سلال، للتكشير عن أنيابها في مسعى لاسترجاع هيبة الدولة وبسط سلطان القانون، حتى وإن كان أول الضحايا لسياسة العصا الفئات الهشة من تجار الأرصفة والباعة المتجولين».