يصل اليوم الى بيروت السفير الاميركي الجديد لدى لبنان توماس ساذرفيلد لتولي مهام منصبه، وهو من كبار المستشرقين الاميركيين وسبق ان عمل في لبنان سنة 1988 وفي سورية، كما تولى منصب مستشار في البيت الابيض. وقال ساذرفيلد في حديث أجرته معه "الحياة" في باريس أن أي تقدّم يتم احرازه في المفاوضات مع اسرائيل على احد المسارين السوري واللبناني "يسهّل العمل على المسار الآخر"، لكنه أشار الى أن "الولاياتالمتحدة لا ترغب في تقديم احد هذين المسارين على الآخر". وأضاف أن "توصل لبنان الى السيادة والاستقلال يستدعي أكثر من انسحاب اسرائيل من جنوبلبنان. فهذه الخطوة، على رغم اهميتها، تتطلب مفاوضات ناجحة تؤدي الى سلام بين اسرائيل ولبنان وسورية". وهنا نص الحديث. ستتولى منصبك في لبنان في ظرف حسّاس يتمثل بانتخابات الرئاسة اللبنانية، فهل يزعجكم كون سورية الناخب الاول للرئيس اللبناني؟ - تعلق الولاياتالمتحدة أهمية على لبنان السيّد المستقل والحر والخالي من كل القوات الاجنبية. وهذا موقفنا منذ سنوات وسيبقى كذلك. ونحن على قناعة بأن لبنان قطع أشواطا بإتجاه تحقيق هذه الأهداف. فإرساء المسار الديموقراطي والدستوري واصلاح مسار المؤسسات الديموقراطية والحكومية، يشكّل جزءا من هذا التقدّم. وقد تحقق الكثير في هذا الاتجاه. ونحن نعتبر أن الاستمرار فيه مهم للبنان، وهذا يشمل ايضاً الانتخابات الرئاسية. ما أسباب اختلاف نظرتكم الى "حزب الله" عن النظرة اللبنانية والسورية تجاهه؟ - عندما نتكلم كولايات متحدة عن "حزب الله"، فإننا لا نتكلم في اطار حركة تحريرية وإنما في اطار ممارسات داعمة للإرهاب عموماً. ف "حزب الله" لا يزال على لائحة المنظمات الداعمة للمارسات الارهابية، وهذا مختلف جداً عن المقاومة الوطنية. يحاول الفرنسيون انقاذ السلام، خصوصاً على المسارين السوري واللبناني بالتعاون مع المصريين في ظل الجمود المسيطر، فما هي مواقفكم بالنسبة لمصير جنوبلبنان والقرار 425؟ - بالنسبة للجزء الأول من السؤال، فإن المنسّق الاميركي لعملية السلام دنيس روس موجود في المنطقة حالياً، وسيقدم تقريرا الى الرئيس الاميركي ووزيرة الخارجية. وروس لم يكن ليقوم بمهمته لو لم تكن لدينا قناعة بإمكان احراز تقدّم في المحادثات الفلسطينية -الاسرائيلية. فهي صعبة ولكننا نحاول البحث عن سبل تجاوز هذه الصعوبات. ونحن نعتبر هذا المسار مستمراً، وبامكاننا التوصل الى نتائج ناجحة. أما بالنسبة للمسارين السوري واللبناني، فيهمنا كثيراً أن يتم التوصل الى سلام متفاهم عليه، مما يقتضي اعادة اطلاقهما وتحقيق تقدم نحو التسوية. أما على صعيد القرار 425 والعنف المستمر في جنوبلبنان، فإن الحكومة الاميركية قلقة جداً حيال هذا الوضع غير المستقر، ونحن مسرورون بالعمل الذي تقوم به لجنة مراقبة "تفاهم نيسان" منذ العام 1996، بالتعاون مع الفرنسيين الذين يشاركوننا في رئاستها. فهذه اللجنة ساعدت الى حد بعيد في الحد من عدد الضحايا المدنيين. هل تربطون، على غرار الفرنسيين، القرار 425 بالحل الشامل مع سورية؟ - نرى أن امكان تحقيق تقدّم على المسار السوري سيسهّل قدرة كافة الاطراف على التعامل مع الوضع القائم في جنوبلبنان. وفي الوقت ذاته، لو أمكن احراز تقدّم لحل الوضع الخطير جداً في جنوبلبنان، فإن هذا بحد ذاته قد يؤدي الى خطوة بناء ثقة، تسهّل التقدم على صعيد العلاقات الثنائية. فكل الجهود على هذا المسار أو ذاك يجب ان تؤدي الى تعزيز كل منهما. وإذا كان السؤال اذا كانت الولاياتالمتحدة ترغب في تقديم أحد المسارين على الآخر، فالجواب هو كلا. فالوضع في جنوبلبنان يستحق الانتباه حالياً لأنه يشكّل تهديداً بالنسبة الى الاطراف كافة. ونعتقد أن المسارين السوري واللبناني يستدعيان الاهتمام. وهدف اللبنانيين للتوصل الى السيادة والاستقلال يتطلب أكثر من انسحاب اسرائيل من جنوبلبنان، فهذه خطوة هامة ولكنها تتطلب مفاوضات ناجحة بين سورية واسرائيل ولبنان. فهذه هي المفاتيح التي يمكن بواسطتها تحقيق سيادة واستقلال لبنان. هل ترى أن هناك مستجدات على صعيد المسار السوري- الاسرائيلي؟ - نتمنى بالطبع ان نشهد تقدماً على هذا المسار. وبكل وضوح ينبغي على الطرفين تقليص الخلافات القائمة في وجهات نظرهما والتوصل الى سبيل يتيح استئناف المفاوضات. هناك انطباع بأن مصير اللاجئين الفلسطينيين في لبنان هو التوطين، فما رأيك؟ - إن الحل الشامل والدائم على المسار الاسرائيلي - الفلسطيني حجر الزاوية لكامل مسيرة السلام في المنطقة. ومن بين المسائل التي ستناقش، مصير اللاجئين، اذ انها ليست مطروحة على صعيد المفاوضات الثنائية الاسرائيلية - الفلسطينية فحسب ولكن ايضاً في المفاوضات المتعددة الاطراف. وأنا مدرك للقلق اللبناني حيال هذا الموضوع.