توارى رئيس الحكومة الالبانية فاتوس نانو عن الانظار، وتغيّب عن اجتماع مجلس الوزراء امس الثلثاء وسط معلومات عن ظهور انشقاق داخل حكومته وحزبه الاشتراكي في شأن بقائه في رئاسة الحكومة. وجاء ذلك في وقت تحدى زعيم المعارضة الرئيس السابق صالح بريشا انذار وزارة الداخلية له بمغادرة البلاد. واكد انه سيبقى في البانيا ويصرّ على استقالة الحكومة. ودانت الولاياتالمتحدة ودول الاتحاد الاوروبي وحلف شمال الاطلسي اعمال العنف الجارية في البانيا ودعت في بياناتها كل الاطراف الى احترام الديموقراطية. واعلنت هذه الدول انها "لن تعترف بأي حكومة تستولي على السلطة بالقوة". واعتبر المراقبون الموقف الدولي متناقضاً مع دعوة بريشا الى استمرار التظاهرات حتى ارغام الحكومة على الاستقالة. ويذكر ان البانيا عضوة في برنامج حلف شمال الاطلسي للشراكة من اجل السلام ويعتبر استقرارها مهماً للمحاولات الدولية الجارية لتسوية الازمة في اقليم كوسوفو. وذكرت اذاعة تيرانا التي استعادت الحكومة سيطرتها عليها ان نانو لم يحضر اجتماع مجلس الوزراء الذي "عقد لمناقشة الوضع الخطير في البلاد". وافاد ناطق باسم رئاسة الحكومة ان نانو "موجود في مكان آمن ولا يفكر في الاستقالة". وتردد في تيرانا ان نانو موجود في القصر الجمهوري ضيفاً على الرئيس رجب ميداني فيما قالت مصادر انه غادر الى مدينة جيروكاسترا مسقط رأسه في الجنوب وهي احد المعاقل الرئيسية للاشتراكيين الألبان. وأبلغ مصدر مطلع في تيرانا "الحياة" ان تيارات داخل الحزب الاشتراكي والحكومة الائتلافية تفضل ان يتخلى نانو عن رئاسة الحكومة "من اجل تهدئة الاوضاع". واشار المصدر الى ان الانظار تتجه الى الامين العام للحزب الاشتراكي باندلي مايكو ليحل محل نانو في رئاسة الحكومة خصوصاً ان زعماء الاحزاب الخمسة المشاركة في الائتلاف الحكومي، اتفقوا في اجتماعهم مع الرئيس ميداني على ضرورة تغييرات في السلطة "من دون تحديد نوعيتها". ووصف المصدر انفضاض التظاهرة التي نظمتها المعارضة امس في ساحة اسكندر بيك وسط تيرانا من دون مواجهة، بأنه "مؤشر الى رغبة الطرفين بالتخلي عن العنف والعمل على استخدام التفاهم في حل الازمة الراهنة بدلاً من التهديد باستخدام القوة الذي تصاعد في اليومين الماضيين". وافاد وزير الخارجية باسكال ميلو الذي يرأس الحزب الاشتراكي الديموقراطي ان بريشا مسؤول عن اعمال العنف التي اجتاحت البانيا اخيراً "لكن الحكومة تفضل العمل معه من اجل التوصل الى تسوية سلمية للأزمة القائمة مع المعارضة". من جانبه، اعلن بريشا في كلمة القاها امام المتظاهرين امس انه يرفض الانذار الحكومي بمغادرة البلاد. واكد اصراره على "وجوب استقالة الحكومة واجراء انتخابات مبكرة تحسم الوضع القائم في البانيا". وفي بادرة وصفت بأنها تمثل تراجعاً، نفت الحكومة الالبانية ما نسب الى وزارة الداخلية، بأنها وجهت انذاراً لبريشا بمغادرة البلاد في موعد اقصاه صباح امس الثلثاء والا واجه الاعتقال. وعاشت تيرانا منذ بعد ظهر امس هدوءاً نسبياً بعد ليلة سمعت فيها اصوات متقطعة من الاسلحة الرشاشة. ولا يستبعد المراقبون وجود وساطة اميركية واوروبية بين الاطراف الالبانية للحد من تفاقم الصراع بينها وحل المشاكل بالاساليب الديموقراطية.