تفاقمت الأوضاع المأسوية في السودان نتيجة الفيضانات والسيول التي أصابت تسع من ولايات السودان ال 29 ووصلت أخيراً الى مناطق في الجنوب تضررت من جفاف استمر سنوات عدة وساهم في مجاعة ضربت اقليم بحر الغزال خصوصاً. وأشارت تقارير أمس الى أن المناطق الواقعة على النيل الأبيض في العاصمة السودانية مثل أحياء الكلاكلة واللاماب والعزوزاب تعد الأكثر تضرراً. وأوضحت أن ثلثي المنازل في حي العزوزاب تضررت وأن السكان احتموا بالمدارس القريبة في حين بات الطريق الرئيسي الذي يربط الخرطوم بخزان جبل الأولياء داخل نهر النيل على رغم أنه يبعد عنه أكثر من 1500 متر. وقضى النهر الثائر على ثلثي المنازل وأحياء الكلاكلة واللاماب والعزوزاب مما أجبر السكان على الخروج والاحتماء بالمدارس التي دخلوها عنوة لرفض المسؤولين ذلك. وغمر الفيضان ايضاً أحياء المقرن والجريف غرب وبري وغاردن سيتي وحاصر معرض الخرطوم الدولي. وفي أمدرمان غمرت المياه حديقة الريفيرا وتجاوزت الجسر في حين فاض خور أبو عنجة ليهدد حي بانت غرب. كما غمرت المياه منطقة السروراب والشيخ الطيب التي انهار عدد كبير من منازلها. جزيرة توتي وتجاوز الفيضان خط الدفاع الأول في جزيرة توتي في وسط الخرطوم واضطر سكان الجزيرة التي تقع في وسط مجرى نهر النيل قبالة العاصمة السودانية الخرطوم الى اغلاق متاجرهم وأحاطوا شواطئها بأكياس من الرمال اتقاء لخطر الفيضان الذي يهدد جزيرتهم، والذي ربما لم يشهدوا مثله منذ أعوام. وقال مسؤولون في وزارة الري والموارد المائية السودانية امس ان "منسوب مياه النيل الأزرق سيرتفع خلال اليومين المقبلين نتيجة تواصل هطول الأمطار على هضبة الحبشة. ويسكن الجزيرة نحو 20 ألف شخص، وتقدر مساحتها بنحو 2500 فدان غمرت مياه الفيضان أجزاء منها وأغرقت عدداً من المنازل والحقول. وأغلقت المدارس ومكاتب القطاع العام أمس الجزيرة للاستعداد لمواجهة الفيضان وشارك الصبية في تعبئة الأكياس بالرمال واستخدامها كسدود تدعم شواطئ الجزيرة. وطلبت الحكومة من سكان بعض الولايات النزوح الى مناطق مرتفعة. ودعا نائب الرئيس السوداني علي عثمان محمد طه السكان الى ترك المناطق المتاخمة للنهر. وفكرت الحكومة السودانية في اخلاء جزيرة توتي لكن السكان رفضوا. ويقول المدرس محمد علي حسن "انها جزيرتنا وأرضنا ولن نرحل". ونجح سكان جزيرة توتي في التغلب على كل الفيضانات التي شهدها تاريخ السودان بما في ذلك فيضان العام 1946 وفيضان العام 1988 وكانا من أشد الفيضانات التي شهدتها البلاد. ودمرت الفيضانات أجزاء كبيرة من مشروع الجزيرة في وسط السودان وغمرت نحو 15 ألف فدان مزروعة بالقطن وهو محصول السودان الرئيسي، كما غمرت 30 ألف فدان زرعت بمحاصيل أخرى. وعلى طريق بورتسودان - الخرطوم الحيوي، بدأت الحركة تعود الى وتيرتها المعتادة بعد توقف استمر ثلاثة أيام وسبب قلقاً للحكومة والمواطنين باعتبار أن الطريق يستخدم في نقل الوقود والمواد الغذائية، وخصوصاً الدقيق. ونجح معبر بديل أقيم في منطقة القدمبلية في إعادة حركة المرور الى حين إعادة بناء جسر رئيسي دمرته السيول. في غضون ذلك تعقد اجتماعات في وزارة الصحة الاتحادية تحسباً لانتشار أمراض وأوبئة يمكن أن يتسبب فيها الفيضان والسيول، خصوصاً مرض الملاريا الذي ينتشر في السودان ومنه أنواع تقاوم الأدوية المتاحة. وعلى رغم النداءات العالمية لنجدة المحتاجين، إلا أن الاستجابة لا تزال ضعيفة مما يزيد المخاطر بحدوث ترد صحي قد يودي بحياة الكثيرين. وحذر خبراء في الزراعة من نتائج وخيمة يمكن أن يسفر عنها ضياع الموسم الزراعي في العديد من بقاع السودان نتيجة اجتياح المياه المشاريع الزراعية. جنوب السودان وأكدت الصحف السودانية أمس ان سكان ولاية جونقلي الجنوبية يواجهون وضعاً مأسوياً بسبب الفيضانات والامطار الغزيرة التي تضرب السودان منذ بضعة اسابيع. ونقلت الصحف عن رياك قاي، حاكم الولاية الواقعة في جنوب البلاد، قوله ان سكان الولاية المحاذية لاثيوبيا "يواجهون وضعاً مأسوياً، ويعانون مشاكل صحية خطرة ونقصاً كبيراً في الاغذية والمؤن بسبب الامطار الغزيرة والفيضانات". وقال ان آلاف العائلات لجأت الى التلال الاثيوبية والى ولاية بحر الجبل الواقعة الى الجنوب من ولايته، هربا من الفيضانات "تاركين وراءهم ممتلكاتهم ومزارعهم وماشيتهم". وكانت السلطات السودانية اعلنت في الاسابيع الماضية ان الفيضانات والامطار الغزيرة خلفت اضراراً كبيرة في الولايات الشمالية للبلاد. وهذه المرة الاولى التي يشار فيها الى وقوع اضرار في ولاية جنوبية. وكان المسؤول عن هيئة الاغاثة السودانية، حسين العبيد اعلن ان الفيضانات خلفت اضرارا قدرت بنحو 20 مليون دولار، وأدت الى تدمير 95 مدرسة، و60 مؤسسة حكومية، و119 ألف منزل وتشريد 204 آلاف عائلة.