خيمت أجواء "غير مشجعة" على البحث في تنفيذ قرار مجلس الأمن الرقم 1192 بشأن قضية لوكربي. وتبذل مصر والجامعة العربية جهوداً للتوصل إلى "حل وسط" ازاء تشدد مواقف أطراف القضية بإصرار ليبيا على القبول المشروط للقرار بعد الحصول على ضمانات، ورفض الولاياتالمتحدةوبريطانيا اجراء حوار للبحث في طلب ليبيا. وبعد مشاورات عربية مكثفة جرت خلال ال 48 الساعة الماضية، بدا ان ليست هناك "حماسة" لتبني مشروع قرار ليبي في اجتماعات مجلس الجامعة في 26 أيلول سبتمبر الجاري "بقبول مشروط لقرار مجلس الامن الرقم 1192" الذي يدعو ليبيا إلى تسليم المشتبه بهما في قضية لوكربي إلى السلطات الهولندية. ولا تزال المشاورات مستمرة لبلورة موقف عربي مرن من قرار مجلس الأمن ومن المشروع الليبي. وانقسمت الآراء ازاء المشروع بين غير مؤيد للصيغة الشرطية وبين "متفهم" للموقف الليبي، بينما لم يظهر من الغالبية تأييد لمشروع القرار على ما هو عليه. وازاء ذلك فشلت محاولات استصدار قرار من الامانة العامة للجامعة في شأن الموقف من قرار مجلس الامن وطلب ليبيا ضمانات واستفسارات. وقرر الامين العام للجامعة الدكتور عصمت عبدالمجيد عدم استباق اجتماعات مجلس الجامعة وعرض التطورات الأخيرة عليه لإتخاذ الموقف الملائم. وعلمت "الحياة" ان الامانة العامة اقترحت على ليبيا سحب مشروع القرار وطرح الموضوع للمناقشة في مجلس الجامعة لبلورة الموقف المناسب واتاحة الفرصة للاتصالات، سواء تلك التي يجريها عبدالمجيد مع الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان، أو تلك التي تجريها مصر مع الولاياتالمتحدةوبريطانيا حول "حل وسط" تسهيلاً لتنفيذا القرار 1192. وبرزت اقتراحات منها أن يصدر مجلس الجامعة بياناً يتبنى فيه المتطلبات الليبية، ويدعو بريطانيا وأميركا إلى التعاطي بمرونة مع طلب ليبيا ايضاحات، بدلاً من تبني القبول المشروط لقرار مجلس الأمن، ومنها أيضاً عقد اجتماع تحت مظلة الاممالمتحدة في نيويورك بين ممثلي الدول الأطراف في القضية أو على مستوى الفنيين والخبراء لمناقشة تقديم ضمانات الى طرابلس. ووعدت الأمانة العامة بعقد اجتماع استثنائي في أي وقت اذا اقتضت الظروف في حال عدم ظهور مرونة في الموقفين البريطاني والاميركي في التعاطي مع المتطلبات الليبية. وأجرى القائم بالأعمال البريطاني في القاهرة اتصالاً هاتفياً امس مع الدكتور عبدالمجيد واستفسر منه عن "طبيعة القرار الذي ينوي مجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجية اتخاذه"، وأبلغه عبدالمجيد ان "المشاورات لا تزال جارية" وطلب اليه ابلاغ حكومته "المساهمة بما من شأنه تشجيع ليبيا على الاستجابة للقرار 1192". وكشفت مصادر مطلعة ل "الحياة" ان عبدالمجيد كان أجرى اتصالاً - خلال وجوده في بيروت يوم الاربعاء الماضي - مع السفير البريطاني في لبنان وطلب اليه أن ينقل إلى وزير خارجيته روبن كوك رغبة الجامعة في تأخير اصدار مجلس الأمن قراره صدر مساء اليوم التالي يومين أو ثلاثة لإتاحة الفرصة أمام اتصالات جارية لضمان تنفيذ فوري للقرار ورفع فوري للعقوبات. وقالت المصادر إن "التسرع في استصدار القرار بهذه اللهجة وبصياغة لا تلبي احتياجات ليبيا المشروعة ساهم في الوصول الى ما نحن فيه الآن"، لكنها أعربت عن الأمل في "ظهور بوادر ايجابية" من أطراف القضية لجهة خلق اجواء الثقة. وبعث الرئيس حسني مبارك رسالة أمس الى العقيد معمر القذافي هنأه فيها بالذكرى 29 لثورة الفاتح من أيلول سبتمبر 1969. وفي السياق نفسه أ ف ب، وصف مسؤول ليبي كبير أمس الاقتراح الاميركي - البريطاني بشأن قضية لوكربي بأنه "كذبة"، مؤكداً أنه مجرد "محاولة للالتفاف" على قرارات منظمة الوحدة الافريقية التى قررت رفع العقوبات المفروضة على بلاده من جانب واحد اعتبارا من أول أيلول سبتمبر. واضاف ان "لدى اميركا وبريطانيا الرغبة في اطالة أمد العقوبات المفروضة على ليبيا وتشديدها لتصل الى الحظر النفطي".