تفاقم الخلاف في المفاوضات بين الحكومة السودانية و"الجيش الشعبي لتحرير السودان" في العاصمة الاثيوبية عقب تقديم وفد حركة التمرد الجنوبية ورقة اعتبرها وفد الحكومة "استفزازية ومليئة بالمغالطات" منها اطلاق اسم "حكومة الجبهة الاسلامية" و"جيش الجبهة الاسلامية" على الحكومة والقوات المسلحة السودانية، واستجاب رئيس لجنة الوساطة لطلب وفد الحكومة وأعاد الورقة الى وفد الحركة طالباً استبعاد هذه التسميات قبل اعادة توزيعها. وخيّمت اجواء التوتر على اليوم الثاني من هذه المحادثات. وتوقع مراقبون عدم حدوث اي تقدم ايجابي في هذه الجولة من المفاوضات. وحمل المراقبون وفد "الجيش الشعبي" المسؤولية عن ذلك واتهموه بعدم الجدية، اذ تقدم بنقاط جديدة خارج جدول الاعمال الذي اتفق عليه في مفاوضات نيروبي السابقة. واكد مصدر شارك في الجلسة، ان انضمام قياديين في وفد الحركة من مناطق خارج الجنوب هما يوسف كوة جبال النوبة في الغرب ومالك عقار قائد منطقة جنوب النيل الازرق في الشرق أثار جدلاً لانه اعتبر طرحاً لقضايا مناطق خارج النقاط المتفق عليها في المفاوضات السابقة. ويعتبر "الجيش الشعبي" ان هذه المناطق متضررة ويجب ضمّها الى المناطق المطالبة بحق تقرير مصير. وأثار هذا الامر جدلاً وتراشقاً بالكلمات الحادة خصوصاً بين وزير الخارجية السوداني الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل ورئيس وفد "الجيش الشعبي" الكوماندور سلفا كير. وتمت السيطرة على الموقف بعد تدخل وزير الخارجية الكيني بونايا غودانا الذي اشار الى ان المفاوضات يجب ان تركز على حق تقرير المصير للجنوب وفصل الدين عن الدولة واغاثة المنكوبين ومسألة تحديد حدود جنوب السودان. وبرزت نقاط خلاف اخرى اذ ان وفد حركة التمرد طالب الحكومة السودانية بتقديم ضمانات تؤكد علمانية الدولة السودانية والتعددية الحزبية والديموقراطية، مما أحدث ارتباكاً في سير المفاوضات الامر الذي دفع رئيس وفد الحركة السودانية الى المطالبة بالتزام جدول اعمال المفاوضات. وألمح وزير الخارجية السوداني الى احتمال وقف المفاوضات بسبب عدم التزام وفد "الجيش الشعبي" بجدول اعمال المفاوضات وقال ان "وفد المتمردين يضع العراقيل من اجل الغاء جولة المفاوضات والسفر الى القاهرة للحاق باجتماعات التجمع الديموقراطي المعارض". واضاف ان "وفد الحركة" يبالغ في تشدده لدرجة ان احد اعضاء الوفد طالب بحذف عبارة بسم الله الرحمن الرحيم من ورقة الحكومة". أنان في مقابل ذلك أ ف ب رحب الوفدان بالعرض الذي قدمه اول من امس الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان للتوسط في النزاع بين الجانبين. وكان أنان دعا الطرفين في بيان نشر في نيويورك ليل الثلثاء - الاربعاء الى "مضاعفة جهودهما لايجاد حل سياسي" مؤكداً انه مستعد للمشاركة في هذه الجهود في حال موافقة الأطراف والوسطاء على ذلك". وطالب أنان الحكومة و"الجيش الشعبي" بالاتفاق على وقف للنار لثلاثة اشهر في الجنوب حيث تنتشر المجاعة. وقال الناطق باسم المتمردين ان "الجيش الشعبي" "يدعو الأمين العام الى التدخل اذا كان عرضه جدياً"، لكنه اعرب عن اسفه لأن أنان قدم عرضه علانية بدل توجيهه مباشرة الى المتفاوضين. من جهته، قال ديفيد دو شاند المتمرد السابق مدير الشؤون السياسية والسلام وحقوق الإنسان في وزارة الخارجية السودانية حالياً ان عرض أنان أثار ارتياح الحكومة السودانية. لكنه قال ان وساطة الأمين العام يجب ان تكون ضمن اطار الهيئة الحكومية للتنمية ومكافحة الجفاف ايغاد التي ترعى المفاوضات الحالية. وقال وزير الخارجية الكيني الذي ترأس بلاده مفاوضات اديس ابابا لوكالة "فرانس برس" ان جلسة المفاوضات التي عقدت امس لم تناقش عرض أنان. ولاحظ المراقبون ان الديبلوماسية السودانية كثّفت من لقاءاتها مع وزراء خارجية دول "ايغاد" وخصوصاً وزير خارجية اثيوبيا سيوم ميسيفين الذي عقد اجتماعاً مع الوفد السوداني تناول السبل الكفيلة بتطوير العلاقات الثنائية وبدء صفحة جديدة وتناسي نقاط الخلاف السابقة. وتشهد العلاقات السودانية - الاثيوبية توتراً منذ عام 1995. واجرى وزير الخارجية السوداني لقاء مماثلاً مع نظيره الكيني تناول مسيرة المفاوضات السودانية والقضايا الاقليمية خصوصاً في منطقة القرن الافريقي، كما اجرى الوزير السوداني لقاءات مع عدد من السفراء المعتمدين في اديس ابابا. وفي القاهرة "الحياة" أعربت الجامعة العربية عن أملها في ان تؤدي مفاوضات السلام بين الحكومة السودانية و"الجيش الشعبي" الى تحقيق السلام وإنهاء الحرب في جنوب السودان. واشار بيان اصدرته الجامعة امس الى "متابعتها باهتمام بالغ مفاوضات السلام الحالية المنعقدة في العاصمة الاثيوبية، وشدد على "الحرص على صون وحدة السودان شعباً وارضاً". ودعا كل الاطراف السودانية الى الاستجابة لنداءات المجتمع الدولي الرامية الى وقف شامل لإطلاق النار لتمكين المساعدات الإنسانية الملحة في الوصول الى المناطق التي تضررت من الحرب في جنوب السودان.