تستعد حاليا دار الكتب والوثائق المصرية لافتتاح قاعتين للمكتبات المصادرة والمهداة الخاصة اذ تمتلك الدار منذ مطلع هذا القرن عددا كبيرا من المكتبات التي أهداها أصحابها وأوقفوها على دار الكتب، اضافة الى مجموعة اخرى صودرت ضمن قصور وأموال الأسرة المالكة بعد خروج الملك فاروق من مصر العام 1952 وضمتها الدار الى مقتنياتها بصفتها مكتبة الدولة الوطنية. وتحتوي تلك المكتبات على مجموعات ضخمة ونادرةمن المخطوطات والمطبوعات والدوريات العربية والأجنبية. وكذلك الكتب الكبيرة الحجم الخاصة بأدب الرحلا ت والجغرافيا، بالاضافة إلى مجموعة من الخرائط واللوحات والصور الزيتية والمصاحف. ومن المعروف أنه في العام 1870م قامت دار الكتب المصرية بجمع ما كان في المدارس والجوامع المصرية من مواد المعلومات المختلفة، وذلك بمبادرة من علي باشا مبارك، وشكلت هذه المواد النواة الأولى للدار الكتبخانة الخديوية في سراي درب الجماميز آنذاك وكان معظمها من المخطوطات وبعض المطبوعات. ثم اضيفت المجموعة الخاصة بالأمير مصطفى فاضل باشا، شقيق الخديوي اسماعيل، والذي توفي في استانبول العام 876 فاشتراها الخديوي من ماله الخاص واهداها للدار، وكانت تمثل ثروة علمية وتراثية هائلة، اذ ضمت ما يقرب من 4000 مخطوطة نادرة في شتى فروع المعرفة. ثم تنامت الدار وأُلحقت بها بعض المكتبات المتميزة التي اهديت لها من قبل أصحابها أو اسرهم بعد وفاتهم، ومنها مكتبة علي باشا مبارك، والشيخ محمد عبده، ومحمود الشنقيطي، واحمد الحسيني... ولكنها في مجموعات قليلة بالقياس لما سبقها. وتمثل أكبر الاضافات في تلك المكتبات المصادرة والمهداة، والتي تضم مجموعات ضخمة أثرية ابرزها مكتبات كل من احمد تيمور باشا التيمورية وبها 15 الف و415 كتابا بينها تسعة آلاف مخطوط، بما يعادل رصيد الدار من المخطوطات عند ضمها. وتعد المكتبة التيمورية أولى المكتبات الخاصة التي اهديت إلى دارالكتب. ومكتبة "احمد طلعت بك" وتضم 21 الف و747 كتابا بينها حوالي 12 الف مخطوطة. ومكتبة احمد زكي باشا شيخ العروبة" والمعروفة باسم "المكتبة الزكية" وتضم تسعة آلاف و749 كتابا، ثم مكتبة "عبدالرحمن باشا صدقي" وتضم 20 الفاً و552 كتابا، وكذلك جزء من مكتبة "حسن عباس زكي" وزير الاقتصاد السابق وضمت 11 الفاً و582 كتاباً وهي احدث ماورد الى الدار من تلك المكتبات المهداة. وتعتبر تلك المكتبات الخاصة تراثا ادبيا وعلميا لا يستهان به، إذ تضم بين جنباتها مختلف مجالات المعرفة البشرية من علوم وآداب وفنون وذلك بغات عدة كالعربية والفرنسية والتركية والفارسية والانكليزية والايطالية كما تكتسب تميزها من تميز اصحابها. فبتصنيف تلك المكتبات نوعيا نجد أنها تتوزع في فئات عدة اهمها مكتبات الشؤون الملكية كمكتبة مجلس الوزراء، مكتبة عابدين الملكية، مكتبة مزرعة الخيل في انشاص، مكتبة دفترخانة انشاص، مكتبة الخاصة الملكية، مكتبة الدوائر الخاصة، مكتبة مزرعتي الصبحية وابي قير. ومكتبات العائلة المالكة، وعلى رأسها مكتبة السلطانة ملك، زوجة السلطان حسين كامل والتي عاشت حتى العام 1955 م، ومكتبة الاميرة فايزة أحمد فؤاد، اخت الملك فاروق، ومكتبة الأمير محمد علي توفيق، ابن الخديوي توفيق. ومن المكتبات الهامة ايضا مجموعات النبلاء من اقارب وأصهار الاسرة المالكة، مثل مكتبات النبيل عباس حليم وبناته زينب ونيفين وأوليفيا عباس حليم ومكتبات كل من محمد سعيد حليم، وانطون بوللي ومحمد علي ا براهيم والنبيل يوسف كمال. ثم تأتي المجموعات النسائية والتي يبلغ عددها 18 مكتبة ضمن المكتبات الخاصة واهمها مكتبة شويكار هانم، وقوت القلوب الدمرداشية، وامينة طوغان، وصافيناز هانم ذو الفقار، ومكتبة اجزخانة المنتزة، ومكتبة نازلي عبدالرحيم صبري وتحتوي تلك المكتبات على كتب متميزة في الآداب والفنون والموسيقى. ومن أهم المجموعات الادبية والفنية تلك الروائع العالمية والعربية قديماً وحديثاً في فنون الشعر والرواية والموسيقى والافراح والنقد الادبي.. الخ والتي تضمها مكتبات نخبة متميزة من الأدباء والفنانين المصريين على رأسهم مكتبة العقاد وتوفيق الحكيم وعبدالرحمن صدقي وعبدالرحمن الرافعي واسماعيل صبري وفتوح نشاطي وعبدالرحمن رشدي. كما استأثرت الدار بمكتبتي جماعة "الاخوان المسلمين"، في كل من القاهرة والاسكندرية بعد حل الجماعة في العام 1954م. وتحتوي المكتبتان على ثلاثة آلاف و740 كتابا عربيا واجنبيا و160 دورية عربية. ويذكر أن هذه المكتبات الخاصة كانت من أهم روافد امداد الدار بالمخطوطات اذ بلغ ما فيها حوالى ضعف ما تقتنيه الدار منها، ثم فُصلت عن هذه المجموعات وضُمّت الي "أمانة المخطوطات" التي انشئت العام 1952، وتمت فهرستها ووضعت أخيرا على "الميكروفيلم" لحفظ نصوصها وحمايتها باستخدام تلك المصغرات بدلا من استخدامها مباشرة، كما صُممت قواعد البيانات الآلية الخاصة بها، وحفظت في اماكنها المستقلة. ويوجد بين هذه المخطوطات عدد كبير، تم تحقيقه وعرضه في ادوات التعريف المختلفة مثل "معجم المخطوطات" التي أنشئت العام 1952، وحمايتها باستخدام تلك المثغرات بدلا من استخدامها مباشرة، كما صممت قواعد البيانات الآلية الخاصة بها وحفظت في اماكنها المستقلة. ويوجد بين هذه المخطوطات عدد كبير، تم تحقيقه وعرضه في ادوات التعريف المختلفة مثل "معجم المخطوطات المطبوعة" لصلاح الدين المنجد "والفهرس الشامل للتراث العربي المطبوع" لمحمد عيسى صالحين بتكليف من معهد المخطوطات ا لعربية التابع لمنظمة الثقافة والعلوم العربية. أما عن دوريات تلك المكتبات المصادرة والمهداة - والتي يبلغ عددها الفا و706 دورية عربية، 163 دورية اجنبية - فقد دخل بعضها في فهرس دوريات الدار العام الذي وضع أوائل الستينات، ومازالت فهرسة بقية المجموعة جارية على أن تبقى في أماكنها كل في مكتبته الخاصة من دون فصل كما حدث مع المخطوطات إذ أنه من المعروف أن الاخيرة تُعدّ من المواد التي ينبغي معاملتها وحفظها بطرق خاصة وفي ظروف مناخية معينة بخلاف بقية اوعية المعلومات لكونها تراثا يعتد به وعلينا حفظه للاجيال المقبلة. ويبلغ عدد تلك المكتبات الخاصة 62 مكتبة تضم 108 آلاف و337 كتابا عربيا و75 الفاً و829 كتابا اجنبيا وألف و706 دورية عربية و163 دورية اجنبية وما يزيد على ال25 الف مخطوطة وعدد كبير من المصاحف النادرة النسخ أو الطابعة والزخرفة. وتعد تلك الضخامة التي تميزت بها هذه المكتبات السبب الرئيسي في تأخّر عمليات فرزها وفهرستها حتى العام 1997 حينما شرعت الدار في وضع خطة لفهرستها وعمل قواعد البيانات الآلية الخاصة بها اذ لم تكن مفهرسة وإنما دُوّنت فقط منذ دخولها الدار في سجلاتها تبعا لأرقام مسلسلة ضمن الرصيد الكلي. كما خصصت الدار قاعتين في الطابق السابع من مبناها المطل على النيل في القاهرة لتكونا على نظام الارفف المفتوحة، احداهما للمكتبات الملكية المصادرة والثانية للمهداة، وذلك بهدف تيسير الافادة من مفرداتهما، إذ أن موجوداتهما لم تكن متاحة لرواد الدار وانما كانت محفوظة في ا لطابق الثامن من المبنى المخصص لمخازن الكتب. اضافة الى 22 صندوقا تضم دوريات عربية واجنبية موزعة على الجانبين، وكذلك 320 صندوقا تحتوي على سجلات وكتب جمعت بشكل عشوائي من ملفات تلك المكتبات ولا يعرف اصحابها. علاوة على مجموعة كبيرة من الخرائط و"التابلوهات" والرسومات ورؤوس تماثيل لكل من الشيخ محمد عبده والمتنبي وعلي باشا مبارك والخديوي اسماعيل، وتقوم الدار حالياً بتجهيزها للعرض المتحفي في إحدي قاعاتها.