وافق مجلس الأمة البرلمان الكويتي امس على تعديلات اقترحتها الحكومة على قانون "شراء الديون الصعبة" في قراءة ثانية ونهائية بعد ان كان التعديل حصل على موافقة اولى الاربعاء الماضي في ظل معارضة قوية للمشروع من نواب استهلكت جدلاً استغرق جلسات ماراثونية عدة. وصوّت 26 نائباً من اصل 39 لمصلحة التعديل وغاب عن الجلسة بعض رموز المعارضة النيابية بعدما تبين ان الحكومة لا تملك الاصوات الكافية لتمرير التعديل، لكن الجلسة شهدت مناقشة مطوّلة لتعديلات اقترحها النائب عبدالله النيباري على مشروع الحكومة وسط مساجلات بين نواب مؤيدين ومعارضين. ويشار الى ان الحكومة الكويتية اصدرت القانون 32/1992 في غياب مجلس الامة واشترت بموجبه ديوناً على آلاف الافراد والشركات في الكويت لمصلحة المصارف يبلغ مجموعها نحو 20 بليون دولار على اساس ان اضرار الغزو العراقي لن تمكّن المدينين من السداد وان المصارف ربما تنهار. وبعد عودة المجلس الى الانعقاد جرى اصدار القانون 41/1993 الذي نظم عملية تحصيل الديون لصالح الخزانة العامة وعرض خيارين على المدين: ان يدفع 45 في المئة من الدين فوراً او ان يسدد الدين كاملاً خلال 20 سنة ومن يتخلف من المدينين يحال الى النيابة العامة ويلزم بالسداد كاملاً. وعلى رغم التساهل الذي وفّره القانون للمدين ضغطت الحكومة عام 1995 لتعديل القانون بما يجعل السداد الفوري مرحلياً على اقسام خمسة تدفع بين ايلول "سبتمبر 1995 وايلول 1999. وعادت الحكومة في 17 تموز يوليو الماضي لتقترح التعديل الذي يؤمن مزيداً من التساهل على ان يدفع المدينون القسطين الاخيرين في ايلول سبتمبر 1998، وايلول 1999 ما يؤجل السداد الى السنة المقبلة ويقسط على ثلاثة اقساط تنتهي في نهاية السنة الفين كما يفسح التعديل المجال امام مئات المدينين المخالفين ممن احيلوا على القضاء ان ينضموا لنظام السداد وتسقط القضايا ضدهم. وأثار اقتراح الحكومة اعتراضات شديدة لأن التأخير في السداد يرتّب خسائر على الخزانة العامة وان التعديل المتكرر يهدم هيبة القوانين في الكويت، لكن الحكومة تجاوزت الاعتراضات وتمكنت من حشد مؤيدين لها وأقرّت التعديل. وقدم النائب عبدالله النيباري امس اقتراحين لتعديل المشروع الحكومي يتركزان على ضرورة ان يقدم المدين الذي يريد الاستفادة من التأجيل في القانون المعدّل بياناً بمركزه المالي والاسباب التي تحول دون سداد الاقساط في موعدها، لكن النواب رفضوا امس اقتراح النيباري وانتقده البعض منهم كونه احد المدينين الذين يشملهم القانون وانه "لا يجوز ان يشرّع لنفسه". وقال النائب صلاح خورشيد انه يعارض تحديد المركز المالي للمدين "لأن هذا الاسلوب يتطلب اجراءات معقدة وهو اجراء غير موثوق بدقته، اما التعديل الحكومي في فيه سداد فوري ومجدول وهذا أضمن للمال العام". وهاجم النائب مبارك الخرينج النيباري لانه غيّر موقفه لدى مناقشة القانون الاصلي عام 1993 من ممتنع الى موافق مما ادى الى اقرار القانون برلمانياً "والزميل النيباري وافق على قانون كلّف المال العام 2700 مليون دينار 9 بلايين دولار. وكنت اتمنى ان يأتي الاقتراح بالأخذ بالمركز المالي من نائب آخر غير النيباري لانه مدين وعلى اي نائب له علاقة بالديون ألا يشارك". وردّ النيباري قائلاً: "مع الأسف ان الخرينج يتطرق الى مواضيع شخصية وتشكيك في المواقف وكوني مقترضاً من المصارف أمر لا انكره لمواطن ولكن قروضي كانت عليها ضمانات ب 250 في المئة من قيمة الدين". وتساءل النائب مفرج نهار عن السبب في عدم السماح لفرد او شركة في الكويت اعلان افلاسها بسبب الديون "وفي اليابان تعلن 40 شركة يومياً افلاسها وهذا ليس عيباً ام ان المطلوب هو تفصيل القانون كالثوب على المدينين". واضاف: "السؤال الاخلاقي هو هل هناك وزراء ونواب يستفيدون من قانون الدين؟ لا يجوز التشريع للنفس وعلى النائب ان يقدم استقالته اذا كان مستفيداً او يخرج من القاعة".وشددت الحكومة على عزمها تنفيذ التعديل الذي أقرّه المجلس امس بدقة. وقال نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ صباح الأحمد: "نحن ملتزمون تنفيذ القانون كما وافق عليه النواب اليوم"، وكان يردّ بذلك على نواب تخوّفوا من ان تقدم الحكومة مستقبلاً طلب تعديل آخر على القانون. ويبلغ اجمالي عدد المدينين الذين سيدخلون الى نظام السداد بعد التعديل 2041 مديناً يصل مجموع ديونهم في 1/9/1990، 2.3 بليون دينار 7.6 بليون دولار لكن المبلغ الذي سيسددونه بعد الاستفادة من الخصم الذي يوفره القانون لا يزيد على 988 مليون دينار 3.3 بليون دولار. وقال نواب ان 90 في المئة من هذه الديون تخصّ اقل من 300 دائن.