سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"الحياة" تعرض مواقف المعنيين بالاستحقاق الرئاسي اللبناني من قضايا العهد المقبل . امتحان دمشق للمرشحين يُجرى على قدم وساق وحديث عن 3 أسماء في انتظار ربع الساعة الأخير
كلما اقترب الاستحقاق الرئاسي في لبنان، ازداد الامر غموضاً بالنسبة الى الناس: من هو الرئيس المحتمل؟ وقد تكون للعامة خياراتهم المفضلة التي تجعل من هذا المرشح او ذاك، الاوفر حظاً، بل ان هناك استطلاعات للرأي قامت بها مؤسسات عدة اظهرت ان ثمة مرشحين يتقدمون غيرهم بنسبة عالية، وأن هناك مرشحين يتمتعون بتأييد شعبي مقبول حتى لو كانوا في المرتبة الثانية او الثالثة، بين طوائف عدة، فيما الغالبية التي تؤيد غيرهم يغلب عليها لون طائفي واحد... وقد يدل بعض الاستطلاعات الى ان الغالبية بين اللبنانيين غير مكترثة لاسم الرئيس العتيد، لأن اللعبة السياسية الداخلية والاقليمية لها قواعد ومبادئ ابسطها وأكثرها وضوحاً هو ان ربع الساعة الاخير هو الذي يتقرر فيه من هو الرئيس الآتي، اياً يكن من امر تفضيل الناس مرشحاً على آخر. وقد يعود عدم الاكتراث لدى الكثيرين الى اسباب مركبة، بدءاً بالاعتقاد ان الاستحقاق الرئاسي لن يعالج مشكلاتهم الحياتية والمعيشية وانه لن يصلح ما افسده الحاكمون على هذا الصعيد وفي الادارة، مروراً باعتبار البعض الآخر ان اللعبة التي تنتهي باختيار الرئيس تتعلق بتوازنات سياسية يستفيد من نتائجها، او يتضرر منها النواب والقوى السياسية، ما دام الانتخاب لا يتم عن طريق الاقتراع الشعبي، انتهاء بأن هامش اللعبة الداخلي ضاق الى حد يجعل الامر في يد الدول الاخرى، ولا سيما منها سورية... بالكامل، وان استطلاعات الرأي التي انجزتها مؤسسات، على صحتها، ليس هي المقررة في عملية الاختيار عند اصحاب القرار. لذلك يسعى بعض المرشحين الى اعطاء اللعبة الداخلية لعملية الترشيح بعدها الطبيعي، قدر ما يستطيعون. وهؤلاء من صنفين: - الاول يرى في هذا الامر خدمة لمراكز القرار الخارجية، لأنه يكون اسهم في اضفاء نوع من التغطية اللبنانية على خيار سورية فيكون "ساعدها" في لبننة الاستحقاق. - الثاني يعتقد بوجوب ترك هامش للعبة الداخلية، جدياً، يقضي بأن تحصر سورية خياراتها ببضعة مرشحين لتتولى القوى السياسية اللبنانية الاختيار وفقاً لما تراه الغالبية، على ان يتم الانتخاب في المجلس النيابي بعد مباركة سورية، حكماً. وهذا الصنف يسعى كما يقال، الى "تحسين شروط اللعبة". ولعل المواقف التي يدلي بها المرشحون، اضافة الى اتصالاتهم غير العلنية، تأتي في سياق اعطاء اللعبة الداخلية بعدها الممكن، فيسهم الاعلام اللبناني فيها على طريقته. وما الاستحسان الذي لقيه اعلان النائب بطرس حرب ترشيح نفسه الا وجه من اوجه هذه الرغبة لدى بعض المرشحين والرأي العام اللبناني، لأنه كسر الجمود الذي يسيطر على معركة الرئاسة والذي تغلب عليه حال الانتظار لما ستقرره دمشق. ولا يهدف اي من المرشحين الى ان يقللوا من الوزن السوري في اختيار الرئيس العتيد، من وراء اعطاء البعد الداخلي للعبة، لأن جميعهم يدرك ان القرار النهائي لها. فسورية كانت في ادنى الحالات، في التاريخ اللبناني الحديث، شريكاً اساسياً في الاختيار. وحتى الرئيس الذي تحول لاحقاً بطريركاً سياسياً للموارنة الراحل كميل شمعون، كان لدمشق دور في ترجيح انتخابه في العام 1952، عبر احد المسؤولين فيها، باعتباره "فتى العروبة الاغر" في ذلك الزمان. فكيف الآن والقيادة السورية تنظر الى الوضع الاقليمي بعين الحذر والدقة، في ظل نفوذ سياسي - امني متزايد لها في التركيبة اللبنانية الداخلية، مرتبطة بنظرتها الى تعقيدات الوضع الاقليمي التي هي اشد وطأة من ظروف اختيار الرئيس الياس الهراوي عام 1989، وبحرصها على ان يبقى لبنان، بعد اسقاط اتفاق 17 أيار مايو بينه وبين اسرائيل العام 83، الخاصرة الآمنة لجبهتها مع اسرائيل، في السياسة والامن اولاً وفي ما يتبع ذلك على الصعد كافة... ومع ان الدور السوري في الاستحقاق الرئاسي اللبناني تعاظم بالمقارنة مع تجارب ما قبل الحرب اللبنانية الداخلية الى حد تحول دمشق من شريك رئيسي فيه، الى المقرر الوحيد، كما حصل مع انتخاب الهراوي ثم مع التمديد له 3 سنوات تنتهي في 24 تشرين الثاني نوفمبر المقبل، فإن البعض القليل من القوى السياسية ومن المرشحين يكتفي بالتساؤل، من دون الجزم، هل تفرض التطورات الاقليمية والدولية عودة بعض الدول الى ممارسة الشراكة مع الدور السوري الذي يبقى "الرئيسي" في هذا الاستحقاق. اما غالبية القوى السياسية فتكاد تجزم ان لا شراكة لأحد مع دمشق في عملية الاختيار. وفي كل الاحوال، فإن التمهيدات للاستحقاق، على رغم النصح الدائم للمسؤولين السوريين، منذ الربيع الماضي بعدم سلق الامور واثارة الموضوع قبل اوانه، في انتظار النصف الثاني من أيلول سبتمبر جارية على قدم وساق. وما يفرض النصح السوري المستمر بالتريث، ان دمشق تجري جوجلة للأسماء على طريقتها، وتقوم بمشاوراتها وغربلتها للمرشحين بعيداً من الاضواء وفق اسلوبها. والمسؤولون فيها يكتفون الآن بالحديث عن مواصفات الرئيس العتيد امام زوارهم وسائليهم ويرون "الخير والبركة" في هذا المرشح او ذاك، ويقولون امام مريدي بعض المرشحين لو عاد الامر الينا وحدنا لدعمنا ترشحه دون غيره، لكن الموقف يحتاج الى دراسة في القيادة والقرار في النهاية يعود الى الرئيس حافظ الاسد". وفي حديث المواصفات والتوقعات حيال الاستحقاق يمكن ذكر الآتي مما تجمع من اقوال ينقلها المسؤولون اللبنانيون من دمشق: - التمديد مستبعد، لكن استبعاده لم يحسم بعد نهائياً على رغم ان احتمال بقاء الهراوي ضعيف جداً، فإذا رجح هذا الاحتمال، تفرضه ظروف قاهرة. والرئيس الهراوي، على رغم اعلانه الدائم انه تعب والوضع لا يحتمل التمديد له، ما زال في قرارة نفسه يترك مجالاً لهذا الاحتمال. - لبنان يحتاج الى رئيس يمثل المسيحيين ومقبول من المسلمين وصاحب سياسة عربية واضحة منطلقها العلاقة الوثيقة مع سورية. - ان يلتزم الميثاق الوطني الطائف، فيه صفات القيادة والقدرة، بحيث لا يخضع لمنطق المساومة في علاقته مع رئيسي المجلس النيابي والحكومة، فيرتهن لهما، وتتحول ثقة سورية به عبئاً، ومشاكساته معهما الى حمل يفرض عليها التدخل الى درجة تحميلها مسؤولية الاوضاع. الا ان بعض زوار دمشق يلفت الى ان ما هو غامض في المواصفات حتى الآن هو: هل التفضيل هو ان يكون الرئيس من الاطراف لتكون مراعاته للعلاقة المميزة مع دمشق مضمونة، بالمقارنة مع مراعاته لعلاقات لبنان مع الغرب اذا جاء من جبل لبنان؟ وهل المرحلة المقبلة مرحلة امنية، لترجح هذه الصفة في شخصية الرئيس، ام اقتصادية في المعالجات المطلوبة خلاله، ام هي الاثنتان معاًً ما دامت المواصفات تتعلق بالمرحلة اكثر من الشخص؟... وهل يجب ان يكون للغرب حصة فيه، ما دامت سورية تسعى الى استمالة الموقف الاوروبي والاميركي كي لا يشارك التوجه الاسرائيلي في مواصلة سياسة الضغط عليها، وسط التجميد الحاصل لعملية السلام من جانب تل أبيب؟ وإذ تكثر الاسئلة عن المواصفات، فتزيد الغموض، فإن العارفين يقولون ان ثمة نشاطاً عملياً بدأ منذ اكثر من شهرين وراء الكواليس، وان "الغربلة" التي بدأت، انجزت استبعاداً لأسماء معينة، وان ما يمكن تسميته امتحان المرشحين يُجرى في الخفاء. حتى ان البعض يقول ان بعض المرشحين التقى كبار المسؤولين السوريين مرات عدة، وان بعضهم القليل التقى الرئيس الاسد من دون اعلان ذلك، وان اقطاب الحكم اللبناني باتوا في اجواء تفيد ان المسألة محصورة بين ثلاثة اسماء على الارجح، وان لقاءات بري الذي اجتمع اخيراً مع المقدم الدكتور بشار الاسد، والحريري الذي التقى كبار المسؤولين السوريين، تناولت هذه الاسماء... وان بعضهم نصح بتهيئة ملفاته للحكم وبدأ مشاوراته في هذا الصدد. وفي كل الاحوال فإن اختيار الاسم، بحسب احد العارفين، ستعقبه محاولات أخذ ورد مع كل من الفاتيكان وفرنسا والولايات المتحدة. فالخيار السوري لا بد من ان يقترن مع تحديد لمهمات الرئيس، ما دامت الظروف الاقليمية عنصراً حاسماً في هذا الخيار... وفي الانتظار، تعرض "الحياة" مواقف المرشحين، سواء عن لسانهم ورداً على اسئلتها، او عن مواقفهم السابقة من القضايا الرئيسية المطروحة على العهد، لمن لم يرغب في التصريح. وتبدأ غداً الاثنين بنشر حلقات عن المرشحين بترتيب عشوائي، وفق توافر المادة للنشر، بمقابلة مع النائب نسيب لحود على ان تواصل النشر الاسبوع المقبل تباعاً