نشرت مجلة السبت التي تصدرها "الغارديان"، بشيء من الإعداد، الرسائل التي وجّهتها سيمون دو بوفوار، الفيلسوفة والأديبة والنسوية الفرنسية، الى عشيقها الكاتب الأميركي نيلسون ألغرِن، والتي تسببت، يوم الكشف عنها، بضجة غير عادية. فإذا كان جون بول سارتر، شريكها في الوجودية وفي شطر من الحياة، هو "الانجاز الأعظم" لها، بحسب وصفها، فإن ألغرن كان الحب الكبير في حياتها، على ما يبدو. الرسائل سوف تصدر في كتاب عنوانه "رجل شيكاغو المحبوب: رسائل الى نيلسون ألغرن 1947 - 1964" بقلم سيمون دو بوفوار، عن دار فيكتور غولانش. والظاهر أن علاقتهما المشبوبة كانت بدأت ابان شروع دو بوفوار بكتابة نصّها النسوي الشهير "الجنس الثاني". والحال ان الناشطة والمثقفة الفرنسية وقعت في غرام ألغرن بُعيد لقائها به، هو الذي كانت السينما قد حولت كتابين من اعماله، يتناول فيهما حياة البؤس وسكن الأزقّة، الى فيلمين. وقد استعملت دو بوفوار في الاشارة اليه تعبير "زوج" والى نفسها تعبير "زوجة"، علماً أنها لم تتزوجه ولا تزوجت سارتر، كما لم تقترن بأي كان، لشكّها بالمؤسسة الزوجية. مع هذا قضت أوقاتاً كثيرة مع ألغرن في البيت الصغير الذي كان يملكه على بحيرة ميتشيغان. وفي رسائلها، تتحدث عن شوقها اليه، وعن عملها، وعن آخر الأقاويل والاشاعات التي تتردد في دوائر المثقفين الباريسيين. وقد لاحظ المعلقون على الرسائل ان انكليزية كاتبتها، هي القادمة من طبقة وسطى مرفّهة نسبياً، كانت جيدة جداً، الا أنها راحت تتحسن مع كل رسالة جديدة. وهي مؤرخة ما بين 1947 و1964، مع انقطاع طويل ما بين 1952 و1963، اذ عاد الغرن في 1953 الى مُطلّقته ليعاود تطليقها بعد اربع سنوات. بعد ذلك أصيب باكتئاب وفقر مدقع ومسلسل لا نهاية له من الدعاوى ضد ناشريه ووكلائه ومحاميه. أما أبرز المثقفين والفنانين الذين تتناولهم الرسائل، فكوليت ومارغريت ميد وبول كلي وترومان كابوت وأرليتي وجان جينيه وجياكوميتي وبياف وشارلي شابلن وجان كوكتو. تقول، مثلاً، عن الأنثروبولوجية مارغريت ميد، في رسالة مؤرّخة في 13 تشرين الثاني نوفمبر 1949: "في وقت متأخر من بعد الظهر، التقيت دكتورة أميركية رهيبة. انها السيدة ميد التي وضعت كتاباً عن الذكور والإناث، وعن الفرق بين الجنسين في ساموا بغينيا الجديدة وفي الولاياتالمتحدة. الناس كانوا قرروا اننا ينبغي ان نلتقي. قلت لها: "آسفة. لم أقرأ كتابك". قالت: "نحن متساويتان. فأنا لم أقرأ كتابك". بعد ذلك حاولت ان اقول كم انا مشتاقة لقراءة كتابها، الا انها لا تتكلم الفرنسية ويبدو انها لا تفهم انكليزيتي. هكذا بدأت أتحدث الى نساء أخريات أجمل منها".