«جي بي تي» بين التكنولوجيا والإبداع البشري    مواجهات «الملحق» الأوروبي.. «نار»    اليوم.. إعلان أسماء مرشحي الدبلوم العالي    الأنظمة السعودية وحقوق الملكية الفكرية    «لقاح الإنفلونزا».. ضرورة لحماية المجتمع    المملكة تؤكد دعمها لاستقرار وتنمية اليمن    تعزيز العلاقات البرلمانية مع اليابان    مدن ومجتمعات صديقة للبيئة    ولي العهد يتلقى اتصالًا هاتفيًا من رئيس المجلس الأوروبي    أصغر متسابقة راليات عربية.. «أرجوان» .. جاهزة للمنافسة في رالي حائل الدولي الاستثنائي    محمد المنجم رئيس نادي الشباب ل(البلاد): هدفنا التتويج ب «كأس الملك».. و «الليث» عائد بين الكبار    في إجتماع "المؤتمر الدولي" .. وزير الموارد البشرية: المملكة تسعى لتصبح مركزا رئيسياً لاستشراف مستقبل أسواق العمل    البهكلي والغامدي يزفان "مصعب" لعش الزوجية    الفايدي يحتفي بزواج سالم    مركز التحكيم التجاري لدول مجلس التعاون يكرم وزير العدل    عشر سنبلات خضر زاهيات    أهم الوجهات الاستكشافية    وسط حضور فنانين وإعلاميين .. الصيرفي يحتفل بزواج نجله عبدالعزيز    «بينالي الفنون» يُثري زواره بكنوز الحضارة الإسلامية    إعلان أسماء الفائزين بجائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام للعام 2025    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال (15) إلى سوريا    «سيكاي إشي» أغلى تفاح في العالم    المسلسل مستمر    ميركانتيلية القرن الواحد والعشرين!    الهلال والأهلي والنصر يعودون ل«تحدي آسيا».. في فبراير    سوق التذاكر الموازية !    حرب الذكاء الاصطناعي.. من ينتصر؟!    مختبر تاريخنا الوطني    غداً.. محمد عبده يُجسد فلسفة الخلود الفني على مسرحه في الرياض    ولي العهد يؤدي الصلاة على محمد بن فهد ويتقبل التعازي    الذهب يستقر مع أسعار الفائدة وسط تهديدات التعريفات الجمركية    الإيثار.. قوة خفية تصنع القادة!    استبدال الصمام الأورطي عن طريق الرقبة    شخصية الصرصور    التقويم المدرسي.. نجاح يعانق التميز    إطلاق حملة للتبرع بالدم في الكورنيش الشمالي بجازان    محمد بن ناصر يطلق معرض البن السعودي    بويدن الشرق الأوسط في المملكة العربية السعودية: تعزيز القيادة ودعم التحول الاقتصادي    بوتين: المفاوضات مع أوكرانيا ممكنة دون زيلينسكي    الشباب يتعاقد مع البرازيلي لياندرينهو    رحيل زياش عن غلطة سراي وسط تقارير عن انضمامه للدحيل    احتفالات في عموم المدن السورية احتفالاً بتعيين الشرع رئيساً لسوريا    «السياحة الثقافية».. عندما تصبح الفنون جواز السفر    ندوة الأدب والنخبوية تثير المفهوم المجتمعي والثقافي    الشخصيات الترويجية ودورها في التسويق    خطورة الاستهانة بالقليل    الإرجاف فِكْر بغيض    إعلان أسماء الفائزين بجائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام للعام 2025    أمير حائل يناقش خطط القيادات الأمنية    حسام بن سعود يستعرض مشروعات المندق    وزير الموارد البشرية يكرّم 30 منشأة فائزة بجائزة العمل في نسختها الرابعة    الشيخوخة إرث وحكمة    انطلاق مؤتمر السكري والسمنة في جدة «5 فبراير»    محافظ محايل يرأس اجتماع لجنة السلامة المرورية    ولي العهد يؤدي صلاة الميت على الأمير محمد بن فهد    قبائل الريث تعزي الأمير عبدالعزيز بن فهد في وفاة الأمير محمد بن فهد    مفتي المملكة: احذروا دعاة السوء.. والخوض في عدم الفائدة ب«مواقع التواصل»    أهالي الشرقية ينعون الأمير محمد بن فهد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أزمة قبرص
نشر في الحياة يوم 24 - 08 - 1998

في خطاب له في 1983، اثناء مناقشة مجلس اللوردات البريطاني لقضية قبرص، قال اللورد كارادون الحاكم البريطاني الأخير للجزيرة ومهندس قرار مجلس الأمن 242: "ها نحن نرى تلك الجزيرة الساحرة مقسومة نصفين، في الوقت الذي تعهدنا فيه - وكنتُ من وقع على المعاهدة نيابة عن حكومة صاحبة الجلالة - ان الجزيرة لن تقسم أبداً. لقد فشلنا في القيام بمسؤولية واضحة، ونسمع الآن، شهراً بعد شهر وسنة بعد سنة، نقاشات مستمرة لا تقود الى شيء. نحن نتحمل مسؤولية، واعطينا تعهداً، وفشلنا تماماً في الوفاء بهما".
انه ولا شك موقف يوافق عليه الكثيرون من متابعي التطورات في قبرص منذ الاستقلال في 1960 وشهدوا الاخطاء السياسية الفادحة وما جلبته من الام الى هذه الجزيرة المذهلة الجمال. وخطرت كلمات اللورد كارادون في بالي اثناء الزيارة التي قمت بها قبل أيام الى سفير بريطانيا في قبرص ديفيد مادين في مقره المطل شمالا من سهل نيقوسيا اللاهب الى تلال كيرينيا.
لبريطانيا بالتأكيد علاقة خاصة بقبرص بدأت في 1878. والجزيرة حاليا عضو في الكومنولث وأيضاً في المجلس الأوروبي، وتدور منذ آذار مارس المفاوضات التي تمهد لدخولها الاتحاد الأوروبي. القوى الثلاث الضامنة لقبرص هي بريطانيا وتركيا واليونان، ومن هنا التزام بريطانيا استقلال الجزيرة. وهناك في جنوب في قبرص قاعدتان عسكريتان تحت السيادة البريطانية مساحتهما 98 ميلاً مربعاً. كما نلعب دوراً رئيسياً في القوة الدولية. كما ان هناك في لندن من القبارصة اكثر مما في نيقوسيا، ويزور الجزيرة سنويا الوف من السواح البريطانيين.
عن التاريخ القريب لقبرص يكفي القول ان القبارصة الاتراك قبل تقسيم الجزيرة في 1974 مارسوا الكثير من ضبط النفس تجاه الاستفزازات. وفي السنين الثلاث الأولى التي تلت الاستقلال، اي ما بين 1960 و1963، لم تعط حكومة قبرص برئاسة الأسقف مكاريوس القبارصة الأتراك دوراً يذكر في الدولة الجديدة. وفي 1974 أراد حكام اليونان العسكريون احياء منظمة "ايوكا" الهادفة الى الانضمام الى اليونان، فكانت كارثة الانقلاب على مكاريوس، التي لا يزال القبارصة يدفعون ثمنها الى اليوم. فقد غزت تركيا الجزيرة ولا تزال تحتل نحو 38 في المئة من أراضيها، رغم ان نسبة القبارصة الأتراك في 1974 لم تتجاوز 18 في المئة من المجموع.
اتضح لي اثناء استماعي الى الطرح المفصل والمتزن الذي قدمه السفير مادين للقضية القبرصية، وصولاً الى مرحلتها الحالية التي تشهد تصاعداً في التوتر، ان القبارصة اليونانيين والاتراك يتحملون مسؤولية كبيرة عما جرى لجزيرتهم، لكن المسؤولية الأكبر تقع على تركيا وعلى زعيم القبارصة الأتراك رؤوف دنكطاش. فقد أدى التدخل التركي الى تغيير كبير في التركيب السكاني للقسم المحتل من الجزيرة عن طريق احلال الالوف من فلاحي الأناضول والجنود السابقين محل اليونانيين الذين هجروا قراهم ومزارعهم. كما اعلن دنكطاش من جانب واحد دولة مستقلة لم تعترف بها سوى تركيا، فيما تهدد انقرة بضم الجزء المحتل كله اذا استمرت محادثات الدخول الى الاتحاد الأوروبي. وليس من الصعب العثور على مشابهات كثيرة مؤلمة مع وضع فلسطين.
المؤسف ان الجهود المضنية التي بذلتها الأمم المتحدة بحثا عن حل لم تؤد الى نتيجة، فيما تستمر تركيا في تجاهل نحو مئة قرار من مجلس الأمن عن القضية. وفشلت السنة الماضية جولات التفاوض في الولايات المتحدة وسويسرا، ويواصل دنكطاش عناده، ويرى كثيرون انه يرتاح للعب دور "السمكة الكبيرة في بركة صغيرة".
عدت من السفارة البريطانية، التي تقع تماماً على ما يسمى "الخط الأخضر" الذي يمثل حدود المنطقة المحتلة معجبا بالجهود البريطانية الحالية، التي يقودها السير ديفيد هاناي الممثل الخاص لرئيس الوزراء توني بلير، على صعيد قبرص. وقضية قبرص الآن، مثل قضية فلسطين، واحدة من أقدم المشاكل امام المجتمع الدولي. فقد انتهى النظام العنصري في جنوب افريقيا وزال جدار برلين فيما بدأت ارلندا الشمالية مسيرتها نحو التسوية، لكن هذه الجزيرة الساحرة في المتوسط لا تزال تعاني مأساة التقسيم.
سأعود لموضوع قبرص الأسبوع المقبل، مركزا على "أزمة الصواريخ" الحالية.
* سياسي بريطاني معارض، نائب سابق من المحافظين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.